فاروق الزاهر.. المخرج يختار الموقع

0 82

بقلم: د.عبدالسلام محمد خير
خلال عملي بالتلفزيون تعلمت الكثير من المخرجين عبر الإحتكاك الذى تفرضه بيئة العمل وما تتيحه من تفاوت الرؤي.. ألفتهم وألفوني، بدء من كبيرهم بدر الدين حسني، عليه رحمة الله، إلى جيل جديد .

كان يتصدره دون أضواء المخرج (فاروق الزاهر) الذى سطع إسمه الآن ، شهيدا بإذن الله، قرين إنتصار القصر، عنوان البلد.. (الموقع – اللوكيشن)..

إنه هاجس المخرج وعنوان تميزه الذى يشكل بصمته، ويبقيه في الذاكرة عبر الزمن.. (الموقع) و(التوقيت) سر المهنة ودليل إرتباط الجمهور بالمؤسسة..

كلاهما شغل المخرج الشاغل، ورهانه مهما كلف.. بهما يبدأ السناريو والتصوير ويتسنى الإبهار المنشود في فضاء مفتوح.

من خلال هذا الاحتكاك (المكاني) وتجلياته تعرفت على (المقدرات القيادية) لشخصيات عديدة من المخرجين الذين عملوا في مختلف الإدارات البرامجية .

وأضافوا إليها من محض (رؤيتهم) ووحي إلهام المكان والزمان ثم تعاملهم مع الشخصيات المستضافة..

لم يجمعني عمل مباشر مع المخرج الموهوب (فاروق الزاهر) لكنه كان بين مخرجي قسم البرامج الدعوية الأفذاذ، ولا بد أني صادفته في (لوكيشن) أو في (الحوش).

الذى يجمع الكل مازال- وبادر ينعيه بسيرته الحافلة، حتى تمنيت لو أني عرفته مثلهم عن قرب.. إرتبط في ذهني بإسمه (فاروق) و(زاهر)..

وصدارته لفريق من المخرجين الشباب الذين تميزوا بالتدريب في الداخل والخارج والدراسات العليا فكأنهم تشكلوا بين دواعي التحوط لزمن الشدائد هذا، صرفه الله.

وخلال الحرب وتجربة إنتقال البث إلى بورتسودان سنحت فرصة للتواصل مع (أولادنا) من باب المؤازرة في منعطف.

فهي تجربة إعلامية جسورة، وتهمني قطعا.. إنها متصلة بنشأة تلفزيون البلد وتطوره..

علمت منه أنه القائم بمهام مدير البرامج في هذه الظروف، فحرصت على التواصل معه والمعنيين معه بقيادة التلفزيون في هذا الوقت العصيب..

عبر الهاتف تحاورنا حول مسار البث والمحتوى وأداء المذيعين ومعنوياتهم- مما سره.. أبلغني بمقترحاتهم لدورة برامجية جديدة تستشرف السلام..

أبديت بعض الملاحظات مضيفا (من صمموا هذا المقترح مؤهلون لتحسينه وتطويره).

كان ودودا خلال تواصله.. يحتفي بما أقترحه معولا من جانبي على سلامة نهجهم مهنيا فهم من وراءهم (العراقة)..

كنت بصدد مهاتفته والأحداث تتجه متواترة نحو لحظة دخول القصر.. ولما أصبح الصباح.

واليوم جمعة، وبشائر العشرة الختام من رمضان تحف بأهل السودان كان هو الخبر (إستشهاد ضباط وتيم من تلفزيون السودان بالقصر)..

الخبر مصور من (موقع) واضح أنه مختار.. ربما كان من إيحاءات العقل الباطن ومكمن حلم العمر بالنسبة له.. مهنته هاجسه والدنيا حرب..

شوهد شامخا في الموقع، يلاصق المصور- رفيق الرحلة.. يعانق الكاميرا، متبسما.

إن الموقع (اللوكيشن) والزمان (الجمعة).. (رمضان) يوحيان بتعدد الرسائل والحدث واحد..

إنتصار الجيش والشعب، وإستشهاد فريق التلفزيون.. إيحاءات الزمان ماثلة.. جمعة وخواتيم رمضان.

وحدث بطولي يؤرخ له بيوم عزة السودان (تحرير مكمن سيادة أهله).. أي شيء هو المجد؟.

مضى (فاروق الزاهر) لتبقى لحظة (فارقة) وتتداعى.. (تزدهر) سيرته بين الأنام في وطن حر طليق.

يفيض وفاء لمن ضحوا.. ومن إستشهدوا.. هنا فى الإعلام والصحافة أمثال وأمثال لمن هو فاروق وزاهر، يفاخر به في خضم خطاب النصر..

تتصدر الوسائط الآن سيرة مخرج برامجي محارب ظل يعمل في صمت ليرتقي شأنا والحرب دائرة.. ديدنه الترحال والمخاطر تحيط به..

تجده حضورا بين أم درمان وبورتسودان والقاهرة فالخرطوم..كأنه أقسم أن لا يغادر خندقه إلا برحيل المعتدي.. لقد تسامي الوعد الحق، وعد الشهداء بالنصر.

  ..(فاروق الزاهر)..

 تقبله الله شهيدا وزميله المصور الهمام (مجدي عبدالرحمن) ورفيقه قائد السيارة الشجاع القادم بهم من بورتسودان..

تقبلهم الله شهداء وكل من لحقوا معهم وقبلهم من التلفزيون والبلاد منبع الأفذاذ- أبقاها الله منتصرة..(إنا لله وإنا إليه راجعون).

Leave A Reply

لن يظهر بريدك الإلكتروني عند نشر التعليق

شكرا للتعليق