السودان و فروقات الوعي السياسي

0 2

إن الحرب تعتبر أعلى درجات الأزمة في أي مجتمع، والعقل السياسي الذي تسبب في الأزمة حتى وصلت إلى الحرب.

لايستطيع أن يحدث تغييرا في واقعها، إلا إذا استطاع تغيير طريقة تفكيره.. والتغيير لاينتج بعقول خاملة لاتستطيع أن تنتج أفكار جديدة.

فقط تعيد إنتاج ذات المقولات التي تسببت في الحرب.. المطلوب عقول جديدة، تنتج أفكار جديدة.

تستطيع من خلالها أن تحدث تنشيط في الفعل السياسي يتجاوز سلبيات الماضي.

إعادة إنتاج الأزمة

لكن محاولات إعادة ذات العقليات برفع ذات الشعارات القديمة سوف تعيد إنتاج الأزمة.

إن النخب السياسية السودانية تتخوف من نقد ممارساتها التي أوقعتها في الأخطاء التي قادت إلى الأزمة.

لذلك الكل يميل للتبرير الذي يغيب معرفة الأسباب ويعيد إنتاج الأزمة بصور مغايرة.

ان أغلبية النخب السودانية السياسية، أو المثقفة التي تدور في المحور السياسي، لايفكرون إلا من خلال مصالحهم الخاصة، ومصالح أحزابهم.

لذلك ينظرون لواقع الأحداث من خلال عدسات ضيقة لا تساعد على النظرة الكلية للأزمة.

الانتخابات السودانية

مثالا لذلك نشرت سودان اندبندنت خبرا يقول

(طالب نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل جعفر الميرغني رئيس الوزراء كامل إدريس بالعمل على تهيئة المناخ للانتخابات العامة بالسودان).

وأضاف قائلا ( إقامة مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات حرة و نزيهة).

إن جعفر الميرغني لم يجد ما يقوله إلى رئيس الوزراء غير الانتخابات الأداة الموصلة للسلطة.

رغم أن البلد ماتزال الحرب مستمرة فيها، المؤامرات الخارجية تنوع في تحدياته.

فالعقل الذي لا ينظر للأزمة بكلياتها لا يكون مفيدا في معالجة الأزمة.

تجاوز أزمة الحرب

وأيضا هناك أحزاب وسياسيين متمسكين بالتفاوض ليس قناعة منهم إنه طريقا ناجعا للحل.

بل لأنهم يعتقدون أن أنتصار الجيش على الميليشيا سوف يحدث واقعا سياسيا جديدا يصعب عليهم شروط الالتحاق به.

وأيضا هناك قوى سياسية تريد أن تنتهي الحرب لكي تواصل فعلها الثوري.

الأمر الذي يؤكد خمول العقل السياسي في إنتاج أفكار جديدة تتجاوز بها الأزمة.

سلوك سالب

إن الحرب ليست عملية سياحة للترفيه، أو حالة من حالات الغضب وبعدها ترجع الأشياء كما كانت قبل الحرب.

الحرب تستخدم فيها كل أدوات القتل والتدمير، ويظهر السلوك السالب بكل تفاصيله.

وكلها أشياء سوف يكون لها انعكاسات على حياة الناس وسلوكهم وعلى طريقة تفكيرهم.

الحرب حتما سوف تظهر قوى جديدة من الشباب الذين شاركوا في القتال.. هؤلاء يجب أن يكون لهم دورا في مستقبل البلاد السياسي.

انتصار الجيش

الجيش بعد الانتصار أيضا لديه مهمة أخرى.. هي حفظ الأمن وجمع السلاح من كل المقاتلين وفرض السلام الاجتماعي والسياسي في البلاد.

ووضع حد لتدخل النفوذ الخارجي في الشأن السياسي السوداني.

 وكلها قضايا في حاجة للتفكير العقلاني الموضوعي.. وليس التفكير القائم على المصالح الضيقة..

معلوم في الفكر السياسي أن عملية البناء والنهضة تؤسس عن طريقين.

الأول أن تكون هناك أحزاب ناضجة وفاعلة، على رأسها قيادة لها مشروع سياسي، يلتف حولها الشعب وتعمل بجد.

وعمل إداري بخبرات عالية، ونزاهة وشفافية. والتزام قوى بتطبيق القوانين، وحدث ذلك في البرازيل والهند وتركيا وماليزيا ورواندا.

المشروع السياسي

وهناك دول نهضت من خلال حزب واحد أو قيادات عسكرية أيضا استطاعوا أن يلتزموا بمعايير النهضة.

المشروع السياسي وحسن الإدارة والنزاهة و الشفافية وتطبيق القوانين وحدث ذلك في الصين وسنغافورة وكوريا الجنوبية وفيتنام.

والنجاح في الثاني الرهان عليه في التحول إلى الديمقراطية مرتبط بالتطور الاقتصادي.

الذي يبرز طبقة أوسطى جديدة تقود إلي تحول ديمقراطي من خلال دورها السياسي والفكري والثقافي في المجتمع.

إذا أردنا أن نقارن العملية السياسية في السودان.. بالتطورات التي حدثت بعد ثورة ديسمبر.

وعي الشارع السوداني

نجد أن الشارع كان أكثر وعيا من القوى السياسية، التي فشلت في إدارة الأزمة السياسية، لأسباب عديدة.

اولا – أنها لم تكن لديها مشروعا سياسيا.. ثانيا – القيادات التي قدمتها للمواقع الدستورية ” الوزارات” أغلبيتهم كانت ذات خبرات ضعيفة.

وبعض منهم أول وظيفة له في حياته وحياتها كانت وزارة.. ثالثا – خسارتهم للشارع الذي جاء بهم للسلطة.

رابعا راهنوا على الخارج أن يعيدهم للسلطة.. خامسا – تحالفهم مع الميليشيا و أصبحوا جناحها السياسي.

سادسا –  فشلوا في تقييم التجربة ومايزالون يراهنوا حتى الآن لكيفية العودة للسلطة، دون أن يكون لهم تصورا مقنعا للشارع..

سابعا عندما تفشل قيادة الأحزاب في معركتها وتخسر الشارع تبدأ بتغيير قياداتها في محاولة من أجل كسب الشارع.

لكن قلة الخبرة، وعدم وجود قيادات أفضل ظلت الأحزاب تصارع بذات القيادات التي باتت غير مقبولة في الشارع.

المسئولية الوطنية

أن البلد ليس كما قال جعفر الميرغني (بإنها في حاجة إلي مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات).

البلد حتى يكون فيها أحزاب قادرة على تحمل المسؤولية الوطنية، هي في حاجة لتشريعات ” قانون الأحزاب”.

أن تجرى الأحزاب مؤتمراتها قبل كل أنتخابات على أن لا يترشح أي عضو أكثر من دورتين..

وفي الفترة الانتقالية أن تجري الأحزاب انتخاباتها مرتين قبل الانتخابات.. لكي يضمن الشعب.

ليس هناك احتكارية للأحزاب من قبل شلة أو مجموعات بعينها، أو بيوتات، أو أفراد.

وبالتالي يضمن تداول القيادة في الأحزاب، والانتخابات تضمن تجديد للأفكار والبرامج.

والنافسة هي التي تخلق الوعي، وتقدم قيادات مدركة لدورها، إلى جانب مراقبة ألأموال حتى لا يتدخل النفوذ الخارجي عبر التمويل.

 أن أهم خطوة قبل الانتخابات قانون الأحزاب.ز حتى تأتي قيادة ضعيفة القدرات.

لأنها لم تصعد لقمة الحزب إلا بسبب علاقة الأبوة والمحسوبية والشللية وغيرها.. نسأل الله حسن البصيرة  

بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن

أقلام: صحوة نيوز

انضم لقروبنا في الواتساب

صفحتنا على الفيسبوك

 

Leave A Reply

لن يظهر بريدك الإلكتروني عند نشر التعليق

شكرا للتعليق