وفى أيام الشهر الفضيل يوما خالدا سطره التأريخ وسارت به الركبان حيث حقق فيه أهل الإسلام على قلتهم نصرا مؤزرا على أعدائهم (كفار قريش)من أهل مكة ومن حالفهم من القبائل التى تضمر الشر لسيدنا محمد صل الله عليه وسلم ورسالته وتريد أن تقضى عليه وعلى أتباعه من الذين هاجروا معه للمدينة المنورة ، بعد أن وجدوا صنوفا من العذاب والمقاطعة الإقتصادية التى فرضت عليهم من قبل قريش وحلفائها ، إلا أنهم واجهوها بعزيمة وصبر وإيمان راسخ لايتزعزع قد أنملة فكان شعارهم (أحد أحد) ونعم الشعار الذى يتمسكون فيه بوحدانية الله تعالى ، فكان تأريخ السابع عشر من رمضان الذى وقعت فيه (غزوة بدر الكبرى) تأريخا مفرحا لأهل الإسلام فى المدينة بأن حقق الله فيه النصر على كفار قريش بعدد قليل من المسلمين يزيدوا عن الثلاثمائة بقليل بينما كفار القريش يقاربوا الألف أو يزيدون قليلا ، (وما النصر إلا من عند الله) رجع المسلمون من بدر فرحين بالنصر والشهادة بينما رجع الكفار مثخنين بجراح الهزيمة والموت (وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) .
وحملت كتب السيرة سردا بديعا لغزوة بدر الكبرى التى لم يكن وجهتها الأولى ملاقاة كفار قريش بل كانت تريد عير أبى سفيان تلك القافلة المحمولة بالمؤن وكان هدف رسول الله صلى الله عليه الاستيلاء عليها ، إلا أن أبا سفيان نجا من المسلمين بتغيير وجهتها الى طريق الساحل ولكن إصرار قريش على حرب المسلمين جاء بعد أن علموا بقلة عدد المسلمين وكثرتهم ، فهى سانحة يقضوا فيها على المسلمين ولاتقم لهم قائمة بعد ذلك ، لذا تسارعت خطاهم نحو بدر للقاء المسلمين ، إلا أن أهل الإسلام لم يكونوا لوحدهم فقد كانت معية الله معهم فخططوا تخطيطا جيدا لهذه الحرب غير المتكافئة العدة والعتاد والعدد، فالمسلمون ثلاثمائة والعدو يزيد عن ألف وللمسلمين فرسين وسبعين جملا يتناوب كل ثلاثة منهم على بعير واحد ويحملون النبل والسهام والسيوف، بينما عدوهم يفاخر بكثره مايملك من الجيش والعتاد والمؤن.
وفى بدر الكبرى كانت إرادة الله تعالى هى الغالبة، فإنقلب ميزان القوى لصالح أهل الإسلام وتفرق أهل الكفر يندبون حظهم العاثر الذى جرهم الى الهزيمة الساحقة فى ميدان مواجهة كانوا ينظنون أن النصر حليفهم لامحالة، وإرهاصات الحرب بدأت بأن إتخذ المسلمون موقعا دفاعيا يمكنهم من ملاقاة عدوهم ووضعوا خطة الحرب التى تعينهم على النصر ، فكانت المبارزة بين المتحاربين من الطرفين بداية وكان النصر حليف المسلمين ، وبعدها هجم الكفار على المسلمين حيث قابلوهم بثبات وشدة بأس لاتلين وقتلوا فيهم عددا كبيرا وكان قائد جيش الكفار أبا جهل بن هشام أحد القتلى وأسر المسلمون عددا منهم وغنموا غنائم كثيرة ، وكانت خسائر المسلمين إستشهاد قلة منهم فى هذه الغزوة المباركة التى أعز الله فيها المسلمين وكتب لهم النصر المبين على عدوهم .
*وأهلا يارمضان*