وبدأت نفحات أيام وليالى العشر الأخير من رمضان تطل على جموع الصائمين القائمين الذين إستجابوا لأمر ربهم الذى أمرهم بالصوم قائلا فى محكم التنزيل بسم الله الرحمن الرحيم (ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فمن أدركه رمضان فعليه أن يستجيب إلا أصحاب الاعذار الذين أباح الله تعالى لهم أن يفطروا فى رمضان وحدد لهم كيفية القضاء إما بالصوم أو الفدية ، وللفقهاء تفصيل كثير فى ذلك يحتاج أن يرجع الناس إليها لمعرفة أحكامها وشروطها ، ورغما عن سخونة الأجواء هذه الأيام فى بعض أجزاء بلادنا السودان إلا أن السمة الغالبة على الناس أنهم لازالوا يتمسكون بالخروج الى الضرا وتقديم الطعام لإفطار أبناء السبيل وأصحاب الحاجات ، وهذه من جميل العادات السودانية التى ظل المجتمع محافظا عليها ويحرص على المداومة عليها ، وسرنى أنك تجد أناس لايعرفونك يصرون على أن تحل ضيفا عليهم وتجلس للإفطار معهم ، وعندما تستجيب لهم ،يذهبون مرة أخرى بحثا عن صائم آخر يدعونه بذات دعوتهم الجميلة ، ينادونه تفضل معنا الزمن قرب .
ومابين دعوات أصحاب الموائد الرمضانية على أطراف الطرق والأسواق تتجدد عزيمة الصائمين فى كل ليلة من ليالى العشر الأخير لإحيائها بصلاة التهجد والذكر والدعاء وتلاوة القرآن الكريم ، ونفوسهم تهفو الى أن تدركهم ليلة القدر التى يدعون الله من بداية شهر رمضان بأن يجعلهم من أهل ليلة القدر ، فالصائمون لهم أمنيات لاحصر لها يرجون أن توافيهم هذه الليلة المباركة يطلبون من الله تعالى أن يحققها لهم ، وبالطبع هى أمنيات تتفاوت من شخص لآخر ،فلكل واحد منهم حاجة لا نعرفها حتى وإن كنا من أقرب الناس إليه ، وفى هذه الليالى العشر تشهد المساجد (بيوت الله) حضورا مقدرا من بعض المصلين الذين وفقهم الله تعالى لصلاة التهجد وقيام الليل ، وإنتظار أن يكرمهم الله بليلة القدر ، وتحريها حتى مطلع الفجر ، فالسعيد من رزقه الله خيرها وجعله مواظبا على الذكر والتسبيح والدعاء والصلاة على النبى محمد صلوات ربى وسلامه عليه .
وهناك من يريد أن يكون مع المتهجدين فى المساجد ، لكن سرعان ما تخور عزيمته ويتراجع عن فكرته ويعود أدراجه الى حيث الراحة فى الفراش ، ويمضى ليلته يحدث نفسه بالتقصير ويعزم أن يكون غدا مع المتهجدين حتى إذا جاء الليل تردد مرة أخرى وأستجاب لنفسه وهواه، ويستمر على ذات المنوال الى أن تنقضى الليالى المباركة وينتهى شهر رمضان ويخرج من مولده ونفحاته وخيراته بقليل من الحسنات والثواب ، ويلوم نفسه على تقصيرها وعندها لاينفع الندم ، فصلاة التهجد سهلة لمن أراد أن يقيم الليل ، فصلاة الليل مثنى مثنى والمصلى يصلى على قدر طاقته وجهده ، (لايكلف الله نفسا إلا وسعها) فأنت على قدر وسعك تستطيع أن تقوم الليل فقليل متواصل ولا كثير منقطع ، فكل منا يمنى نفسه بأن يكون محظوظا ويشهد (ليلة القدر) والبعض يبحث عن أقصر الطرق ليحظى بها وينال خيرها ويفوز بعبادة ألف شهر كما وردت فى القرآن الكريم ، فيا من تريد الفوز بها فإن السباق الى الله قد بدأ فهل أنت مستعد؟ .
*وأهلا يارمضان*