الحرب تعصف بالموسم الزراعي في السودان

متابعه :(صحوة نيوز)

لم يستفيق أحد المزارعين في ولاية القضارف شرقي السودان، من صدمة كساد محصولاته الزراعية وتدني أسعارها، إلا وحلت محنة الحرب التي باتت تهدد الموسم الزراعي الصيفي “الخريف” والذي شارف على الدخول، وهو لم يتمكن حتى اللحظة من الحصول على مستلزمات العملية الزراعية من بذور وأسمدة ووقود وغيرها

وفي العادة يبدأ المزارع وبقية المزارعين لا سيما العاملين في القطاع المطري، في شهر مايو الحالي عمليات تحضير الأرض وتوفير التقاوي والبذور المحسن عقب الحصول على التمويل اللازم من المصرف الزراعي الحكومي، ولكن لم يتسن القيام بهذه التدابير حتى الآن، الشيء الذي سيقوده إلى الخروج من أهم موسم زراعي كلياً أو تقليص المساحات المزروعة بشكل كبير،

ويجسد هذا الواقع ملايين السودانيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم من خلال موسمين زراعيين في العام، صيفي وشتوي
ويعتبر الموسم الصيفي هو الأكبر على الإطلاق من حيث المساحات المزروعة والإنتاجية لأنه يضم القطاعين المطري والمروي، بينما يقتصر الشتوي على المناطق المروية على ضفاف النيل

يشير الخبير الزراعي المهندس أيمن دفع الله في حديث لموقع تليفزيوني إلى أن كل المعطيات الماثلة تؤكد أن الموسم الزراعي في السودان بات في مهب الريح ومهدد بالفشل وهو ما سيؤدي إلى فجوة غذائية عالية تفاقم من التدهور المعيشي الموجود أصلاً في البلاد، ولا يرى بارقة أمل لإنقاذ الموقف في ظل استمرار الحرب.

الاقتصاد السوداني في الأصل هو اقتصاد تقليدي قائم على الزراعة والتي تساهم بنسبة 48 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتمتص 61 بالمئة من القوى العاملة في البلاد. ويملك هذا البلد 170 مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة، بما يعادل 40 بالمئة من المساحات الزراعية في الدول العربية مجتمعة، وهو ما أهله لنيل لقب “سلة غذاء العالم”

لكن نيران الحرب المتقدة منذ منتصف أبريل الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع، تلتهم سلة غذاء العالم بشكل متسارع لتترك ثقب كبير أثار مخاوف ما لا يقل عن 60 بالمئة من السودانيين يعتمدون على الزراعة والرعي، من التعرض لشبح المجاعة في ظل غياب كافة المعينات اللوجستية التي تمكنهم من الانخراط في الموسم الزراعي الصيفي
ويقول عبدالهادي أحد مزارعي ولاية الجزيرة أكبر المشاريع المروية في السودان “لم نتسلم أي شيء من احتياجات الموسم الزراعي الذي شارف على الدخول. لن نستطيع زراعة فدان واحد دون الحصول على تمويل والذي لا نعرف مصيره حتى الآن، حيث يغلق البنك الزراعي الحكومي، المتعهد بتمويل المزارعين نقديا وبالبذور والأسمدة والمبيدات، أبوابه بسبب الصراع المسلح”

ويضيف بشارة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “غير متفاءل مطلقاً بأن يكون هناك موسم زراعي صيفي هذه السنة نظراً لاستمرار الحرب، فليس هناك مزارع يحتفظ بأموال حتى تمكنه من زراعة مساحات العام السابق بجهد ذاتي، فكانت الإنتاجية متدنية جداً والاسعار ضعيفة للغاية مقابل تكلفة الإنتاج العالية فبالكاد يغطي المحصول المنتج مبالغ القرض المصرفي الزراعي”

ولدى السودان نحو 5 مشاريع زراعية مروي كبرى يعتمد عليها في تكوين المخزون الاستراتيجي من الحبوب الغذائية مثل الذرة والسمسم وتأمين جزء من احتياجات البلاد من القمح، وهي الجزيرة وسط السودان، والسوكي، وودي حلفا، والرهد، ودلتا طوكر شرقي البلاد، ويعتمد المزارعين في هذه المشاريع على التمويل المصرفي من البنك الزراعي الحكومي في كل مراحل العملية الزراعية من بذور ومبيدات واسمدة واليات زراعية وصولاً الى جوالات تعبئة المحصولات المنتجة

يبدو الوضع بالنسبة لمزارعي القطاع المطري في إقليمي كردفان ودارفور غربي السودان، أحسن حالا من واقع القطاع المروي، إذ يعتمد غالبيتهم على أموالهم الة في عمليات الزراعة والتي تتم بشكل يدوي تقليدي، لكن مساهمة هذا القطاع في الإنتاج الكلي ضئيلة حيث تتم الزراعة في مساحات محدودة لسد الاحتياجات الذاتية
ويقول أحد المزارعين بولاية غرب كردفان السودانية “تسببت الحرب في تراجع كبير في أسعار المحصولات الزراعية ة الفول السوداني الذي انخفض سعر القنطار نحو (41) كيلوجرام، من 15 ألف جنيه إلى 8 آلاف جنيه سوداني، وهو ما سيعرض المزارعين الذين ما زالوا يحتفظون بمحصولهم إلى خسائر فادحة ستؤثر عليهم في الموسم الزراعي القادم”

ويستطرد قائلا: “لا اعتقد أن الصراع الدائر يمنعنا من الانخراط في الموسم الزراعي الصيفي، فنحن نعتمد على البذور المحلية ولا نهتم بالمبيدات والأسمدة وأيضاً لم نستخدم الوقود كثيرا فغالبية المراحل الزراعية تتم بشكل يدوي والاستعانة أو الاستعانة بالدواب في حرث الأرض وتحضيرها، لكن يظل التدهور الأمني وانتشار عصابات النهب والسلب مهدد حقيقي لنا.

يقول الخبير الزراعي، المهندس أيمن دفع الله إن “الموسم الزراعي بات في مهب الريح وكف عفريت بسبب الحرب والتي سبقتها خيبة آمال المزارعين جراء الموسم السابق والذي شهد تدني في الإنتاج وانخفاض الأسعار وما أعقبها من حالة كساد”، لافتاً إلى أن الموسم على الأبواب والمخزون الاستراتيجي من المدخلات الزراعية صفر كبير
ومن المتوقع إحجام كبار مزارعي القطاع المطري وتقليص الرقعة المزروعة، وذلك لتقليل صرف المليارات في مدخلات الإنتاج والاتجاه لزراعة تقليدية في مساحات محدودة تسد حاجة المزارع وانعامه فقط، نتيجة المهدد الأمني على الأصول الثابتة والمتحركة

ويقول ٱحد المزارعين يجب على طرفي الحرب السماح للمدخلات الزراعية والوقود بالوصول إلى المزارعين بأعجل ما تيسر واستئناف عمل البنك الزراعي ولو على مستوى فروعه في المناطق خارج العاصمة الخرطوم والتي تشهد هدوء نسبي في الأحوال الأمنية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لأن فشل الموسم الزراعي سيكون بمثابة رصاصة الرحمة على الاقتصاد السوداني”

الحربالزراعيالسودانبالموسمتعصف