رصد:(صحوة نيوز)
تكابد آلاف النساء اللاتي فضلن البقاء في الخرطوم على مدى الثلاث أشهر الماضية أوضاعا بالغة القسوة في سبيل ضمان حياة كريمة للأسر، فبجانب القتال والقصف المتصل في عدد من أحياء العاصمة، يضاعف انقطاع التيار الكهربائي وشح إمداد المياه وانعدام الغاز المعاناة بشكل كبير.
ولجأت ربات المنازل في أكبر مدن السودان لاستخدام طرق تقليدية لمواجهة متطلبات الحياة اليومية.
ومنذ 15 ابريل الماضي تدور معارك شرسة بين الجيش والدعم السريع وقع عبئها الأكبر على عاتق النساء اللاتي واجهن عنفا وحالات اغتصاب ومعاناة لا تنتهي.
واضطرت العديد من الأسر للبقاء بالخرطوم لضيق ذات اليد أو وجود كبار السن لايحتملون عناء البحث عن ملاذ في رحلة سفر شاقة ، كما يبدي الكثير منهم تمسكا بالبقاء ويرفضون مغادرة منازلهم.
عودة عشرات الأسر لاستخدام طرق بديلة في مواجهة انقطاع الكهرباء الممتد لأسابيع طويلة حيث يبدأ يوم عسير في حياة حباب باستخدام الفحم لطهي الطعام بعد تعثر حصولها على الغاز وارتفاع سعره إن وجد إلى 60 ألف جنيه للاسطوانة – 100 دولار تقريبا- بدلا عن 6 آلاف قبل الحرب.
وأضافت حباب -40عاما- ولها خمسة أبناء “اشتري فحم بمبلغ 500 جنيها واضطر لاستخدام الحطب لإشعاله لكن له مضار صحية وتتسخ جميع الأواني بلون اسود “وتقول متحسرة “الحرب تجعل الحياة سوداء مثل الدخان الذي يتصاعد من تبادل النيران”.
وترجع المهندسة هالة محي الدين انقطاع الكهرباء في جنوب الخرطوم لمشاكل فنية في الشبكة والتحكم بسبب الحرب بعد وقوع أضرار في خطوط الربط جهة جبل أولياء ومدينة جياد، فأصبحت الشبكة القومية منفصلة وفقدت بعض المناطق التغذية من المحطات فتم توصيلها لمحطات لاتغطي إنتاجيتها الطلب العالي.
وأضافت ان هناك مشكلة أخرى وهي توقف مركز التحكم الرئيسي بسبب سيطرة قوات الدعم السريع ما أدى إلى أن يكون التحكم باليد بدلا عن الشاشات،والتحكم اليدوي يتطلب متابعة لصيقة ويعتمد على الأفراد”.
وقالت إن تعطل أنظمة شراء الكهرباء الكترونيا أجبر عدد كبير من السكان على التوصيل المباشر من عمود الكهرباء و زاد بالتالي الاستهلاك بما يصل لنحو 40 – 60 % .
وفي جانب آخر من المعاناة تسهر غالب النساء حتى الساعات الأولى من الصباح أملا في عودة المياه والتمكن من ملء الخزانات لتغطية الحاجة اليومية.
وتقول زينب وهي ربة منزل بضاحية الكلاكلة لسودان تربيون ان ارتفاع الحرارة وغياب الكهرباء حرمها من النوم يضاف إلى هذه المتاعب يوم منهك طويل، فالحرب أحدثت شللاً تاماً في الحياة اليومية كما يغطي التفكير المستمر في كيفية التدبر لمواجهة هذه الظروف على صوت الرصاص الذي يحيط بنا من كافة الاتجاهات.
لجأت ربات منازل وبسبب غياب الكهرباء لحفظ الأطعمة عبر طرق تقليدية تعود لعصور مضت، بوضع إناء ملئ بالماء ثم عليه الطناجر وتركه في فناء المنزل وهي ذات الطريقة التي تحاول بعضهن بها الحصول على ماء بارد نسبيا.
وتقول آسيا وهي فتاة عشرينية أنها كانت تسمع من جدتها تلك الطرق القديمة للتعامل مع الحياة وعندما ساءت الأوضاع بادرت لتنفيذ تلك الأفكار ومع أنها وسائل منهكة وتستغرق وقتا إلا أنها كانت حلا للازمة كما تقول.
محاولة لتبريد الانسولين بعد انقطاع الكهرباء لايام طويلة – سودان تربيون
في جانب آخر تواجه آلاء ذات الستة عشر ربيعا أزمة من نوع آخر فهي مصابة بداء السكر وتعاني بشدة من تخزين عقار الأنسولين الذي يستوجب وضعه في مكان بارد.
وتقول كنت اقصد المنازل التي تعمل بنظام الطاقة الشمسية واضطر لقطع مسافات بعيدة لكن جارتي المريضة بذات الداء هدتني إلى استخدام قطعة من “الخيش” المبلل وكانت فكرة ناجعة رغم أنها تعتمد على رشه بالماء كلما جف.
ومع ذلك تعاني آلاء من ارتفاع درجة الحرارة التي تؤثر على وضعها الصحي، وأردفت “عزمت أن اقصد ولاية أخرى يكون التيار الكهربائي فيها مستقر لكن لضيق ذات اليد لم أتمكن”.
أما فاطمة الموظفة بأحدي مؤسسات الدولة فلم تصرف راتبها منذ اندلاع الحرب ماجعلها أكثر تدبيرا وترشيدا للأموال.
وأضافت “منعت أولادي من شراء البسكويت مع شاي الصباح لأنه بات رفاهية في هذه الأيام”.
وتقول قطع الكهرباء المستمر أعادنا إلى طرق وان كانت ناجعة فهي متخلفة ومجهدة وتستغرق وقتا طويلا.
وأشارت الباحثة الاجتماعية تهاني مدثر إلى أن التعاضد والتكاتف بين السودانيين قلل كثيرا من صعوبات الحرب حيث أكثر الأسر فتحت أبوابها لاستقبال مئات النازحين وان معظم الجيران يساندون بعضهم
لكنها أكدت أن بعد المظاهر الاجتماعية بدأت تتلاشى بسبب الحرب مؤكده أن طقوس بيت العزاء في السودان لم تكن كما كانت عليه فقلت لعداد المشيعين والمعزين ولاتوجد زيارات فحدث تباعد بين الأخوة.
وقالت إن أي تدني في الحياة ينسحب سلبا على الوضع الاجتماعي مؤكده أن لم الشمل بين الأسر والعودة إلى المدينة الأم كلها إيجابيات لكن للأسف انعدام الكهرباء والمياه والغاز جعل هذه اللمة منهكة لوجود زيادة في الطلب وسبب ضغطا ماليا كبيرا.