رصد:(صحوة نيوز)
ظلت الأحياء الشعبية الواقعة شمال مدينة أم درمان؛ حتى مطلع الأسبوع الثاني من أغسطس؛ تشكل آخر البؤر الآمنة التي كانت تلجأ إليها أعداد كبيرة من الفارين من القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم.
لكن مع دخول المعارك شهرها الخامس؛ تحولت تلك الأحياء إلى منطقة عمليات تشهد أعنف أعمال القصف الجوي والبري التي دفعت الآلاف للفرار مما أثار مخاوف من أن تصبح الخرطوم مدينة خالية من السكان تماما.
وبعد مرور أكثر من 125 يوما من اندلاع القتال؛ اتسعت رقعة المناطق الخطرة بشكل كبير؛ وتزايدت أعداد القتلى والجرحى المدنيين بشكل كبير وشهد يوما الخميس والجمعة ارتفاعا ملحوظا في وتيرة النزوح من أحياء أم درمان وبقية مناطق العاصمة.
ووفقا للصادق الشيخ، وهو أحد سكان الأحياء الشمالية في مدينة أم درمان:
فقد الكثير من الناس القدرة على الصمود وذلك مع تزايد الضغوط الأمنية والصحية والمعيشية.
ليس أمامنا خيار آخر سوى الرضوخ لقرار النزوح الصعب.
لم يعد هنالك مكان آمن في العاصمة في ظل التدهور الحالي في الأوضاع الأمنية والإنسانية.
وبحسب تقديرات منظمة الهجرة الدولية فقد أجبر القتال والقصف الجوي المستمر نحو 3 ملايين شخص، أي أكثر من 70% من سكان الخرطوم على الفرار وترك منازله.
وتحولت معظم أحياء الخرطوم إلى مدن أشباح بعد أن هجرها سكانها؛ لكن من بقي في بيوتهم تعرضوا لمآس إنسانية غير مسبوقة؛ حيث مات بعضهم ولم يجد من يدفنه وظل البعض تحت الأنقاض لأيام.
ومع اتساع رقعة القتال تلتحق المزيد من المناطق بالأحياء الأخرى التي أفرغ بعضها تماما منذ بداية الحرب كأحياء المطار والعمارات والمعمورة والصحافات والكلاكلات وجبرة والشجرة في الخرطوم ومعظم أحياء الخرطوم بحري.
وفي الجانب الآخر؛ يعاني العالقون في مناطق القتال، خصوصا أحياء أم درمان القديمة وشرق الخرطوم، من شح كبير في المواد الغذائية الأساسية؛ بسبب إغلاق معظم الأسواق؛ وصعوبات كبيرة في الوصول إلى المستشفيات في ظل تزايد سقوط الضحايا المدنيين جراء عمليات القصف المستمر التي تطال الأحياء السكنية؛ كما يواجه الكثير من المصابين بأمراض مزمنة خطر الموت بسبب شح ادوية السكري والضغط وجرعات السرطانات وغسيل الكلى.
ويواجه القطاع الصحي صعوبات كبيرة في ظل خروج أكثر من 70% من المستشفيات عن الخدمة، إضافة إلى النقص الحاد في المعونات الطبية والأدوية المنقذة للحياة والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي.
وتشير تقارير إلى ارتفاع معدلات الوفيات في المستشفيات لأسباب تتعلق بنقص التيار الكهربائي وسط قلق كبير من تحلل المزيد من الجثامين المحفوظة في ثلاجات مشارح المستشفيات الرئيسية والتي يقدر عددها بأكثر من 3 آلاف جثمان.
وترى المحامية والناشطة الحقوقية رنا عبد الغفار ان القصف العشوائي وعدم مراعاة طرفي القتال لأسس وقواعد القانون الدولي هي أبرز الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
وقالت عبد الغفار الاستجابة للأوضاع الإنسانية ظلت غائبة رغم المآسي الكبيرة الناجمة عن الحرب التي خلفت أعداد كبيرة من القتلى في اوساط المدنيين وما صاحبها من عمليات نهب ممنهجة لممتلكاتهم ومنازلهم”.
تعيش معظم أحياء الخرطوم انقطاعا كاملا للتيار الكهربائي بسبب الدمار الكبير الذي لحق بشبكات الكهرباء جراء الحرب.
مخاوف من انهيار كامل للنظام الصحي في الخرطوم ومدن السودان الأخرى في ظل تفشي الوبائيات وانعدام الأدوية والمعينات الطبية وخروج أكثر من 70% من المستشفيات عن الخدمة.
فقد 80% من السكان مصدر دخلهم حيث توقفت معظم الانشطة التجارية وتعرضت 300 مؤسسة انتاجية وصناعية للدمار الكامل.
ملايين الطلاب خارج مقاعد الدراسة والعديد من الجامعات والمدارس والمراكز البحثية تعرضت لدمار كلي أو جزئي.