بقلم : زين العابدين صالح عبد الرحمن
يحاول الزملاء في الحزب الشيوعي السوداني الحاق بقطار الحراك السياسي الذي بدأ يزيد من سرعته، حيث عقدت قوى الحرية و التغيير ” المركزي” و قوى مدنية و التي أطلقت على نفسها أسم ” تقدم” في أديس أبابا و أختارت لها هيئة قيادية من 60 شخصا إلي جانب مكتب تنفيذي من شخصا إلي جانب مكتب تنفيذي من 30 شخصا. و عملها أن تدعو للمؤتمر التأسيي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” و يقول بيان ختام جلسات التحالف أنهم سيعملون على تأسيس دولة المواطنة و قيام دولة مدنية ديمقراطية و أن عملية تأسيس الدولة لا تستثنى أي فصيل سياسي سوى المؤتمر الوطني و الحركة الإسلامية و واجهاتها و كل من دعم و يدعم حرب الخامس عشر من إبريل. الملاحظ خروج المؤتمر الشعبي و انصار السنة من التحالف الذي كان قبل 15 إبريل. مما يؤكد أن ” تقدم” تريد أن تجعل التقارب بينها و الحزب الشيوعي ممكنا.
في جانب أخر من المشهد السياسي: بدأ الحزب الشيوعي يدفع عضويته لقيام نشاط سياسي يؤكدوا فيه رؤية الحزب الشيوعي في الموقف السياسي الراهن، لذلك تم الإعلان عن ندوتين في يوم واحد هو يوم الأحد 29 أكتوبر 2023م الأولى يقيمها “منتدى بنيان” و يتحدث فيها عضوية من قيادات في الحزب الشيوعي، و الندوة الأخرى يقيمها ” المركز الموحد لقوى الثورة السودانية بالخارج” و المركز يمثل واحدا من الواجهات التي تدور في فلك الحزب الشيوعي و يتحدث فيها أيضا من أعضاء الحزب الموزعين في واجهات عديدة. الندوتان سوف يطرح من خلاليهما رؤية الحزب الشيوعي عن الوضع السياسي الراهن، و موقف الحزب منها. و ربما تجيب بطريق غير مباشر عن سؤال : هل الحزب الشيوعي السوداني سوف يفتح نافذة حوار مع ” تقدم” بعد ما استبعدت مشاركة المؤتمر الوطني و الإسلاميين بمختلف مسمياتهم، كما يرقب الزملاء أم أن الحزب يفضل أن يكون تحالف الجذرية هو المعبر عن الحزب و واجهاته؟
هناك قوى أخرى أعلنت أنها تقف مع الجيش في الحرب الدائرة مع الميليشيا و هي أيضا تمثل قاعدة أجتماعية و تعتقد أن موقفها مع الجيش محدود بالحرب، و أنها تعتقد أي عملية سياسية يجب أن تبدأ بعد وقف الحرب التي لا يكون فيها أي دور للميليشيات العسكري خارج الجيش، هذه رؤية أيضا مدعوم من قطاع من النخب السياسية. الأسئلة التي تطرح بسبب الواقع المتشظي: هل كل مجموعة سوف تعمل في جزيرة معزولة عن البقية الأخرى أم هناك نقاط للإلتقاء؟ و من الجهة المناط بها أن تنظم اللقاءات الحوارية سودانية أم خارجية؟ و هل الحوار السياسي يكون داخل السودان أم خارج السودان؟ و هل هناك فترة انتقالية تشارك فيها المكونات التحالفية و كم مدتها؟ و حكومة الفترة الانتقالية؛ هل حكومة الفترة الانتقالية سوف تكون من كفاءات سودانية مستقلة أم محاصصات ترضي كل هذه التحالفات؟ و من هي الجهة المناط بها دعوة القوى السياسية للحوار من أجل صناعة دستور دائم للبلاد؟ تظل الأسئلة عديدة و لا تملك التحالفات الإجابة عليها، لأنها ذات خصائص خلافية، لذلك كان الأفضل كل تحالف سياسي أن يقدم مشروعه السياسي للشعب و يطرحه للحوار.
أن العمل من أجل بناء السودان و التحول الديمقراطي، يحتاج قبل كل شيء إلي ضخ أفكار في الساحة السياسية، بهدف خلق حوار وطني حولها، بعيدا عن ثقافة الاستقطاب التي توطن منذ اربعينيات القرن الماضي، و هي ثقافة حدية تعتمد في تعاملاتها على لونين أبيض و أسود، و معلوم أن السياسة تؤسس على المصالح، و لذلك لابد من إيجاد ألوان أخرى تجعل التقارب ممكنا، حتى بين القوى السياسية ذات الشعار الواحد و تختلف في تفاصيله، إذا كان بالفعل الهدف التحول الديمقراطي و ليس البحث عن السلطة. الغريب في الأمر أن الحرب لم تغير كثيرا في طريقة التفكير، مما يدل أن التغيير لا يجب أن يكون محصورا فقط في الشعارات، بل يجب أن يطال العقول التي تنشر الشعارات. أن التمسك بنفس الخطوات السابقة في التجربة سوف تعطيك نفس النتائج السابقة السالبة. نسأل الله حسن البصيرة.