رصد:(صحوة نيوز)
رسَّخ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صورته بوصفه أحد الصقور فيما يتعلق بالقضايا الأمنية على خلفية خدمته في وحدة خاصة من قوات النخبة نفذت عدداً من أجرأ عمليات إسرائيل لإنقاذ رهائن.
إلا أن إرث أطول رئيس وزراء لإسرائيل بقاءً في المنصب سيتشكل من جديد الآن بعد واحد من أسوأ الإخفاقات الأمنية التي شهدتها إسرائيل، كما سيتشكل بمصير أكثر من 200 رهينة احتجزهم مسلحون من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) خلال هجوم تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1400 شخص في أكثر أيام البلاد دموية منذ قيامها قبل 75 عاماً، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز للأنباء.
وأدخل عدد القتلى وروايات الذعر وصور العنف القادمة من التجمعات السكانية في جنوب إسرائيل البلاد في حالة من الصدمة.
وفي سادس فتراته في منصب رئيس الوزراء يرأس نتنياهو (74 عاماً) ائتلافاً يمينياً من أكثر حكومات إسرائيل تشدداً، ويتعرض لضغوط متزايدة بعد أن تحولت الصدمة الأولية إلى ثورة غضب إزاء الإخفاقات التي سمحت بوقوع الهجوم.
ويرفض نتنياهو تحمل المسؤولية ويقول إنه سيتعين على الجميع الإجابة على الأسئلة الصعبة عندما تنتهي الحرب مع «حماس»، وفي أحد مؤتمراته الصحافية النادرة تجاهل سؤالاً حول إذا ما كان سيستقيل.
لكن المزاج العام تغيّر، وأظهرت استطلاعات رأي أن أغلبية كبيرة تحمله المسؤولية، وهو توجه تؤكده صور لوزراء حكومته وهم يتعرضون لمضايقات في العلن عند نزولهم من سياراتهم الرسمية.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة معاريف يومي 18 و19 أكتوبر (تشرين الأول) أن وزير الدفاع السابق بيني غانتس، وهو رئيس حزب معارض ينتمي لتيار الوسط انضم لحكومة وحدة تشكلت مؤخراً، يحظى بدعم 48 في المائة من المشاركين ليكون رئيساً للوزراء مقابل 28 في المائة فقط لصالح نتنياهو.
وكتبت صحيفة إسرائيل هيوم في مقال هذا الأسبوع: «سيرحل نتنياهو. شأنه شأن كبار مسؤولي الجيش والمخابرات وجهاز الأمن العام. لأنهم فشلوا».
وتضررت شعبية نتنياهو، الذي يواجه محاكمة في تهم فساد ينفيها، بفعل المعركة الضارية حول خطط للحد من سلطات المحكمة العليا، وهي خطط جعلت مئات الآلاف من الإسرائيليين ينزلون إلى الشوارع لأشهر.
وستتأجل التداعيات السياسية مؤقتاً في ظل استمرار الضربات الجوية الإسرائيلية التي تقول وزارة الصحة في غزة إنها قتلت أكثر من ثمانية آلاف فلسطيني وفي ظل توّغل الدبابات الإسرائيلية إلى عمق القطاع المحاصر.
لكن الكثير من الأمور ستتوقف على نتيجة العملية التي يتمثل هدفها المعلن في تدمير «حماس» إلى الأبد وعلى إذا ما كان حزبه سيواصل دعمه رغم الدعوات المتزايدة للتغيير.
قال داني دانون المندوب الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة: «لست قلقاً من استطلاعات الرأي، لكن ما يقلقني هو تحقيق النتائج وأعتقد أن على رئيس الوزراء نتنياهو والحكومة تحقيق النتائج المرجوة». ودانون عضو في البرلمان عن حزب ليكود بزعامة نتنياهو.
وأضاف: «شهدنا الكثير جداً من الجولات في الماضي، عندما كان الضغط يجبر الحكومة على عدم استكمال المهمة، وعلى ترك (حماس) في السلطة».
وتابع: «إن لم تنفذ الحكومة ما وعدت به وهو القضاء على (حماس)، فأنا واثق من أن ذلك لن يكون مقبولاً، لا من الجمهور ولا من المنظومة السياسية».
لكن الاختبار العسكري، على مشقته، ليس التحدي الوحيد.
يُنظر إلى نتنياهو، الذي استنفد كل النيات الحسنة حتى لحلفاء مثل الولايات المتحدة خلال معركته حول التعديلات القضائية، بشكوك عميقة من معظم دول العالم بسبب تحالفه مع أحزاب دينية وقومية متطرفة.
وبالإضافة إلى الضغوط بسبب قضايا مثل التوسع الذي لا يتوقف في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، يتصاعد ناقوس الخطر دولياً إزاء عدد الضحايا خلال قصف غزة.
وتعرض الاقتصاد، المتضرر بالفعل من جراء حالة عدم اليقين التي تسببت فيها التعديلات القضائية التي عارضها بقوة أغلب مجتمع الأعمال، لضربة إضافية، إذ تقول شركات في قطاعات متباينة مثل الإنشاءات وخدمات الأغذية إن عائداتها تشهد تراجعاً حاداً.
وبدا نتنياهو، الذي عادة ما كان يظهر واثقاً ومطمئناً، غير طبيعي بشكل متزايد خلال الفترة الماضية، خاصة عندما كتب تغريدة في وقت متأخر من إحدى ليالي هذا الأسبوع حمّل فيها قادة أجهزة المخابرات المسؤولية عن الفشل في تحذيره من هجوم السابع من أكتوبر.
وحُذفت التغريدة في صباح اليوم التالي وأصدر نتنياهو اعتذاراً، لكن الضرر كان قد وقع بالفعل وأشعل فتيل انتقادات من الصحافة ومن مختلف ألوان الطيف السياسي.
وقال أحد الكتاب في صحيفة يديعوت أحرونوت عنه: «إنه لا يصلح لمنصب رئيس الوزراء»، مضيفاً أنه كان يتعين على نتنياهو الاستقالة أو أن يتم عزله مباشرة بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول).