بقلم : زين العابدين صالح عبد الرحمن
أصدرت و زارة الخرجية الأمريكية بيانها المتعلق بشأن الحرب الدائرة في السودان، استجابة لضغوط من قبل أعضاء في الكونجرس، و أيضا محاولة لإظهار أن الإدارة الأمريكية تقوم بواجبها في الحرب الدائرة في السودان. و أيضا أن انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر من العام القادم 2024م لها الأثر في السياسية الأمريكية الخارجية ، و تحاول وزارة الخارجية أن تظهر أن الإدارة تعد نفسها فاعلا مستجابة إرادته في الشأن الدولي. إلي جانب أن أول شهر ديسمبر تبدأ الأسر في دول الغربية و كندا و استراليا و أمريكا التحضير للاحتفال بأعياد الكريسميس، حيث تبطيء عجلة الأعمال و الاهتمامات الكبيرة للدولة، إذا كانت داخلية أو خارجية، و تمتد الفترة إلي الإسبوع الثاني من شهر يناير 2024م. بسبب هذه العوامل أصدرت الإدارة الأمريكية بيانها الذي يتهم الجميع ولا يضع الأصبع مكان الجرح، المهم أن البيان يؤكد أنها تعمل حتى إذا كانت النتيجة صفر.
الأسئلة التي يجب الإجابة عليها: أين موضع الحرب السودانية في الأجندة الأمريكية و أي رقم تحتل؟ من هو الطرف ذو الأهمية للإستراتيجية الأمريكية من أطراف الصراع في السودان الجيش أم الميليشيا خاصة أن القارة الأفريقية أصبحت جزء من صراع النفوذ الإستراتيجي العالمي؟ في الجانب الأخر من هو ذو الأهمية الجيش أم القوى المدنية التي تمثلها ” قحت المركزي” و من الذي يحتل فيهما الأولية في السياسية الإستراتيجية الأمريكية؟ إذا كانت القوى المدنية التي تشكلها ” قحت المركزي” هي التي يراهن عليها قبل الحرب.. هي ذاتها التي تراهن عليها أمريكا الآن؛ لماذا وافقت أمريكا و بريطانيا و فرنسا الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن على عدم تمديد فترة البعثة الأممية التي كان يمكن أن تكون أداة ضغط قوية على الجيش؟ و هي ذات القوى المدنية التي كانت تراهن عليها بعثة الأمم المتحدة. أن موافقت مجلس الأمن بإنهاء البعثة يعني أنهم سوف يقبلون بواقع جديد يعتقدون سوف يتشكل في الأيام القادمة.
أن الولايات المتحدة الأمريكية يهمها من سعيها في الشأن السوداني و غيره تحقيق مصالحها، و بالتالي تتغير الإستراتيجية الأمريكية وفقا للمتغيرات التي تحدث على الأرض. و الرهان على القوى التي تستطيع أن تتعامل معها مستقبلا تأمينا لمصالح أمريكا، قبل الحرب في 15 إبريل كانت الإدارة الأمريكية تراهن على القوى المدنية، اعتقادا منها أنها تتشكل من قوى حديثة و قيادات جديدة مدعومة من قبل الشارع السودان، فكان الاعتقاد أن هؤلاء الذين سوف يشكلون السودان الجديد، و لكن عندما بدأ الخلاف يدب وسط القوى المدنية، و طالتها انقسامات طولية و عرضية، بدأت الولايات تراجع نفسها، ثم رفعت مستوى التمثيل الدبلوماسي لدرجة سفير لكي يكون الأثر أكثر تأثيرا و فاعلية، و بعد أن حدث التغيير في 25 أكتوبر 2021م سارعت وزارة الخارجية الأمريكية بأن ترسل مساعدة وزير الخارجية الأمريكي ” مولي في” التي جاءت بفكرة الجلوس بين المدنيين و العسكريين في منزل السفير الأمريكي، فكانت الإدارة الأمريكي لا تريد أن تخسر الجانبين، حتى تم الشروع في الاتفاق الإطاري، الذي أوصل طريقه إلي الحرب.
أن الأدارة الإمريكية بدأت تعيد إستراتيجيتها بعد الحرب، عندما ذهب السفير الأمريكي جون غودفري إلي القاهرة، و عقد اجتماعات مع القوى السياسية التي كانت موجودة هناك. و قال غودفري؛ أن أجندة ما قبل الحرب لن تكون صالحة لفترة ما بعد الحرب، و يجب على القوى المدنية أن تدرك ذلك، و يجب عليها أن تعيد حساباتها، مما يؤكد أن الإدارة الأمريكية تريد أن تنتهج نهجا جديدا في السودان، و لكنه لم يتبلور بصورة نهائية، بسبب عوامل عديدة مؤثرة في المشهد الداخلي و العالمي، منها الحرب بين روسيا و أوكرانيا و الانقلاب الذي حدث في النيجر ثم انقلاب الغابون، إلي جانب حالة الغضب في دول وسط و غرب أفريقيا تجاه السياسية الفرنسية، و في الداخل فشلت ميليشيا الدعم على استلام السلطة إلي جانب انحياز قطاع واسع من الشعب إلي الجيش و ظهر في استقبال متحركاته في العديد من مدن السودان، و أيضا للجرائم التي ارتكبتها الميليشيا في حق المواطنين في الخرطوم و دارفور. و أخيرا حرب غزا و إسرائيل، هذا الواقع المتحرك مهدد للنفوذ الغربي، الأمر الذي يحتم على الإدارة الأمريكية التعامل معه بنفس طويل، حتى لا تراهن على القوى الأضعف خاصة في السودان.
أن برجماتية الولايات المتحدة و إعطاء الأولوية لمصالحها تصبح شعارات الديمقراطية و التغيير المدني جميعها شعارات مناورة، و علاقة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط و في أمريكا الاتينية تتبني مع النظم السياسية التي تعتقد سوف تحقق و تحمي لها مصالحها في البلد و المنطقة المعنية. فالبيانات التي تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية بيانات تتنوع حسب المتغيرات في الواقع، و مرة تحاول إثبات وجود بأنها تراقب المشهد. و هناك بيانات الهدف منها الطبطبة على النخب التي تراقب و تنتقد سياستها داخل أمريكا نفسها.
أن النقد الذي قدمته وزارة الخارجية السودانية للبيان الأمريكي، هو أيضا محاولة للتنبيه، أن البيان لا يشير للقضايا بالصورة المطلوبة، و يساوي بين الميليشيا و الجيش، و يتجاهل الدولة الداعمة للميليشيا، و غيرها. أن الولايات المتحدة عندما أصدرت البيان تعلم أن مجالات النقد فيه عديدة، لكن مادام هي لن تتخذ أي فعل تجاه القضايا التي أثارتها يكون القصد من البيان مخاطبة الرأي العام الداخلي الأمريكي، و أيضا بيان يحمل أرياح أعياد الكريسمس، حيث يريد أعضاء الإدارة الأمريكية أن يحتفلوا مع عائلاتهم بعيدا عن أماكن الصراعات التي ربما تشغلهم، حتى خطاب وزارة الخارجية السودانية الذي ينقد بيان وزارة الخارجية الأمريكية سوف يؤجل النظر فيه لما بعد النصف الأول من يناير القادم. و هي فرصة للجيش أن يحقق الانتصارات التي يريدها، و يغير معالم المشهد في البلاد. أمريكا إذا كانت تريد أن تتخذ موقفا ضد أي جانب في الحرب يؤثر على مجريات الحرب كانت أبقت على بعثة الأمم المتحدة، و وافقت على تمديد المدة، لكي يكون أمر السودان تحت رحمة مجلس الأمن، لكنها وافقت على طلب وزارة الخارجية السودانية بعدم التمديد للبعثة، و جعلت مجريات الحرب في السودان تخلق متغيراتها، و من خلال هذه المتغيرات تبني أمريكا إستراتيجتها الجديدة ليست حصرا على السودان بل تطال وسط و غرب أفريقيا. نسأل الله حسن البصيرة.!
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أصدرت و زارة الخرجية الأمريكية بيانها المتعلق بشأن الحرب الدائرة في السودان، استجابة لضغوط من قبل أعضاء في الكونجرس، و أيضا محاولة لإظهار أن الإدارة الأمريكية تقوم بواجبها في الحرب الدائرة في السودان. و أيضا أن انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر من العام القادم 2024م لها الأثر في السياسية الأمريكية الخارجية ، و تحاول وزارة الخارجية أن تظهر أن الإدارة تعد نفسها فاعلا مستجابة إرادته في الشأن الدولي. إلي جانب أن أول شهر ديسمبر تبدأ الأسر في دول الغربية و كندا و استراليا و أمريكا التحضير للاحتفال بأعياد الكريسميس، حيث تبطيء عجلة الأعمال و الاهتمامات الكبيرة للدولة، إذا كانت داخلية أو خارجية، و تمتد الفترة إلي الإسبوع الثاني من شهر يناير 2024م. بسبب هذه العوامل أصدرت الإدارة الأمريكية بيانها الذي يتهم الجميع ولا يضع الأصبع مكان الجرح، المهم أن البيان يؤكد أنها تعمل حتى إذا كانت النتيجة صفر.
الأسئلة التي يجب الإجابة عليها: أين موضع الحرب السودانية في الأجندة الأمريكية و أي رقم تحتل؟ من هو الطرف ذو الأهمية للإستراتيجية الأمريكية من أطراف الصراع في السودان الجيش أم الميليشيا خاصة أن القارة الأفريقية أصبحت جزء من صراع النفوذ الإستراتيجي العالمي؟ في الجانب الأخر من هو ذو الأهمية الجيش أم القوى المدنية التي تمثلها ” قحت المركزي” و من الذي يحتل فيهما الأولية في السياسية الإستراتيجية الأمريكية؟ إذا كانت القوى المدنية التي تشكلها ” قحت المركزي” هي التي يراهن عليها قبل الحرب.. هي ذاتها التي تراهن عليها أمريكا الآن؛ لماذا وافقت أمريكا و بريطانيا و فرنسا الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن على عدم تمديد فترة البعثة الأممية التي كان يمكن أن تكون أداة ضغط قوية على الجيش؟ و هي ذات القوى المدنية التي كانت تراهن عليها بعثة الأمم المتحدة. أن موافقت مجلس الأمن بإنهاء البعثة يعني أنهم سوف يقبلون بواقع جديد يعتقدون سوف يتشكل في الأيام القادمة.
أن الولايات المتحدة الأمريكية يهمها من سعيها في الشأن السوداني و غيره تحقيق مصالحها، و بالتالي تتغير الإستراتيجية الأمريكية وفقا للمتغيرات التي تحدث على الأرض. و الرهان على القوى التي تستطيع أن تتعامل معها مستقبلا تأمينا لمصالح أمريكا، قبل الحرب في 15 إبريل كانت الإدارة الأمريكية تراهن على القوى المدنية، اعتقادا منها أنها تتشكل من قوى حديثة و قيادات جديدة مدعومة من قبل الشارع السودان، فكان الاعتقاد أن هؤلاء الذين سوف يشكلون السودان الجديد، و لكن عندما بدأ الخلاف يدب وسط القوى المدنية، و طالتها انقسامات طولية و عرضية، بدأت الولايات تراجع نفسها، ثم رفعت مستوى التمثيل الدبلوماسي لدرجة سفير لكي يكون الأثر أكثر تأثيرا و فاعلية، و بعد أن حدث التغيير في 25 أكتوبر 2021م سارعت وزارة الخارجية الأمريكية بأن ترسل مساعدة وزير الخارجية الأمريكي ” مولي في” التي جاءت بفكرة الجلوس بين المدنيين و العسكريين في منزل السفير الأمريكي، فكانت الإدارة الأمريكي لا تريد أن تخسر الجانبين، حتى تم الشروع في الاتفاق الإطاري، الذي أوصل طريقه إلي الحرب.
أن الأدارة الإمريكية بدأت تعيد إستراتيجيتها بعد الحرب، عندما ذهب السفير الأمريكي جون غودفري إلي القاهرة، و عقد اجتماعات مع القوى السياسية التي كانت موجودة هناك. و قال غودفري؛ أن أجندة ما قبل الحرب لن تكون صالحة لفترة ما بعد الحرب، و يجب على القوى المدنية أن تدرك ذلك، و يجب عليها أن تعيد حساباتها، مما يؤكد أن الإدارة الأمريكية تريد أن تنتهج نهجا جديدا في السودان، و لكنه لم يتبلور بصورة نهائية، بسبب عوامل عديدة مؤثرة في المشهد الداخلي و العالمي، منها الحرب بين روسيا و أوكرانيا و الانقلاب الذي حدث في النيجر ثم انقلاب الغابون، إلي جانب حالة الغضب في دول وسط و غرب أفريقيا تجاه السياسية الفرنسية، و في الداخل فشلت ميليشيا الدعم على استلام السلطة إلي جانب انحياز قطاع واسع من الشعب إلي الجيش و ظهر في استقبال متحركاته في العديد من مدن السودان، و أيضا للجرائم التي ارتكبتها الميليشيا في حق المواطنين في الخرطوم و دارفور. و أخيرا حرب غزا و إسرائيل، هذا الواقع المتحرك مهدد للنفوذ الغربي، الأمر الذي يحتم على الإدارة الأمريكية التعامل معه بنفس طويل، حتى لا تراهن على القوى الأضعف خاصة في السودان.
أن برجماتية الولايات المتحدة و إعطاء الأولوية لمصالحها تصبح شعارات الديمقراطية و التغيير المدني جميعها شعارات مناورة، و علاقة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط و في أمريكا الاتينية تتبني مع النظم السياسية التي تعتقد سوف تحقق و تحمي لها مصالحها في البلد و المنطقة المعنية. فالبيانات التي تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية بيانات تتنوع حسب المتغيرات في الواقع، و مرة تحاول إثبات وجود بأنها تراقب المشهد. و هناك بيانات الهدف منها الطبطبة على النخب التي تراقب و تنتقد سياستها داخل أمريكا نفسها.
أن النقد الذي قدمته وزارة الخارجية السودانية للبيان الأمريكي، هو أيضا محاولة للتنبيه، أن البيان لا يشير للقضايا بالصورة المطلوبة، و يساوي بين الميليشيا و الجيش، و يتجاهل الدولة الداعمة للميليشيا، و غيرها. أن الولايات المتحدة عندما أصدرت البيان تعلم أن مجالات النقد فيه عديدة، لكن مادام هي لن تتخذ أي فعل تجاه القضايا التي أثارتها يكون القصد من البيان مخاطبة الرأي العام الداخلي الأمريكي، و أيضا بيان يحمل أرياح أعياد الكريسمس، حيث يريد أعضاء الإدارة الأمريكية أن يحتفلوا مع عائلاتهم بعيدا عن أماكن الصراعات التي ربما تشغلهم، حتى خطاب وزارة الخارجية السودانية الذي ينقد بيان وزارة الخارجية الأمريكية سوف يؤجل النظر فيه لما بعد النصف الأول من يناير القادم. و هي فرصة للجيش أن يحقق الانتصارات التي يريدها، و يغير معالم المشهد في البلاد. أمريكا إذا كانت تريد أن تتخذ موقفا ضد أي جانب في الحرب يؤثر على مجريات الحرب كانت أبقت على بعثة الأمم المتحدة، و وافقت على تمديد المدة، لكي يكون أمر السودان تحت رحمة مجلس الأمن، لكنها وافقت على طلب وزارة الخارجية السودانية بعدم التمديد للبعثة، و جعلت مجريات الحرب في السودان تخلق متغيراتها، و من خلال هذه المتغيرات تبني أمريكا إستراتيجتها الجديدة ليست حصرا على السودان بل تطال وسط و غرب أفريقيا. نسأل الله حسن البصيرة.