بقلم : زين العابدين صالح عبد الرحمن
أعلنت وزارة الخارجية السودانية أنها أرسلت خطابا إلي رئاسة و سكرتارية الإيقاد تتحفظ على عدد من الفقرات التي جاءت في البيان الختامي، و جاء على لسان متحدث الخارجية السفير أبوبكر الصديق أن تحفظهم ينحصر في الأتي ( أن القمة كانت لها جلستين الأولي مفتوحة إلقيت فيها عدد من الكلمات و الثانية جلسة سرية. كانت هناك عدد من التفاهمات بإلغاء اللجنة الرباعية للإيغاد التي كان السودان قد تحفظ عليها. و البيان تمت صياغته بقضايا لم تتم داخل الاجتماعات. لذلك اعترضنا عليه من خلال بيان صحفي، و لا نعتبر البيان وثيقة قانونية يمكن الاعتماد عليها. البيان يجب لم يعبرعن القضايا التي تم نقاشها داخل غرفة الاجتماعات، بل تناول لقاءات و مشاورات كانت خارج غرفة الاجتماعات. من هذه القضايا، جاء في البيان حضور وزير الدولة للخارجية الأماراتية اجتماع القمة و هذا شيء لم يحدث… حيث أن حضور الوزير الأماراتي كان خارج اجتماعات القمة و لم يشارك فيها..الجلسة الافتتاحية حضرها عدد من الممثلين للدول و المنظمات حتى هذه الجلسة لم يحضرها الوزير الأماراتي.. و أشار البيان أن رئيس مجلس السيادة وافق على لقاء قائد الميايلشيا بطريقة لم تعبر عن ما تمت موافقة رئيس مجلس السيادة.. حيث أن رئيس مجلس السيادة وافق يمكن أن يتم اللقاء بينه و قائد الميليشيا عندما يحصل وقف كامل لإطلاق النار، و تخرج الميليشيا من منازل المواطني، و المؤسسات العامة للدولة و الخدمات و تجمع في مراكز خارج العاصمة.. و أشار البيان أن قادة قمة الإيغاد قد أجروا مشاورات مع وفد التمرد على هامش الاجتماعات، و أن رئيس مجلس السيادة لم يشارك في هذه المشاورات… و جاء في البيان أن قادة دول الإيغاد قد أجروا اتصالا مع قائد الميليشيا و هذا لم يحصل.. و إذا كان هناك البعض قد أجروا اتصالا مع قائد الميليشيا لا يجب أن يضمن في البيان الختامي.. لآن البيان يجب أن يحمل القضايا التي تحدثت داخل الاجتماعات و ليس على هامش الاجتماعات) هذا ما جاء على لسان الناطق الرسمي لوزارة الخارجية السودانية.
و معلوم أن الإشكالية يمكن أن تعالج؛ إذا ارسلت الدولة اعتراضها على الفقرات التي إدرجت في البيان و لم يتم نقاشها داخل الاجتماعات الرسمية، و تم تعديلها من قبل السكرتارية بالصورة التي تعكس ما حدث بالفعل داخل الاجتماعات. و إذا لم يتم التعديل تكون الدولة غير ملزمة بالذي جاء في البيان. و هذا سوف يضعف مسار الحل.. و معلوم في كل القمم التي تجري في العالم تعقد اجتماعات على هامش القمة بين رؤساء وفود الدول التي حضرت هذه الاجتماعات، و لا يضمن ما حدث في الهامش في بيان القمة الختامي، و البيان يحمل فقط ما تم الاتفاق عليه داخل الاجتماعات، لماذا سكرتارية الإيغاد شملت كل الناشط الذي كان داخل الاجتماعات و الذي جرى على هامش الاجتماعات في البيان الختامي، الأمر الذي يؤكد أن هناك دول تريد أن تفرض تصورها للحل الأمر الذي سوف يعيق عملية الحل.
جاء في إحدى فقرات البيان: أن رؤساء قمة الإيغاد أعلنوا عن تقديرهم للمكالمة الهاتفية التي جمعت بين رؤساء دول و حكومات الإيغاد، و قائد قوات الدعم السريع، و قبوله لمقترحات الجمعية لوقف إطلاق النار غير المشروط، و حل النزاع من خلال الحوار السياسي و تسوية النزاعات. هذه الفقرة تم الاعتراض عليها لعدم مشاركة البرهان في الاتصال، و أيضا لأنها جاءت على هامش الاجتماعات. و فيها إحاء أن البرهان شارك في الاتصال.. لكن يصبح؛ هل رؤساء الدول قادرين أن يقنعوا قائد الميليشيا بوقف إطلاق النار المقرون مباشرة بخروج عناصر الميليشيا من منازل المواطنين و تجمع قوات الميليشيا في مركز خارج العاصة؟ إذا تمت هذه تكون قطعت نصف المسافة. لكن إشكالية الميليشيا لا تريد أن تربط وقف إطلاق النار بالخروج من منازل المواطنين و لذلك لم تأتي في الفقرة الإشارة إلي موافقة قائد الميليشيا الخروج من المنازل و المؤسسات العامة للخدمات.
و في محور العملية السياسية: شدد البيان على أن قمة (إيغاد) التزمت بدعم عملية سياسية شاملة يقودها مدنيون، والتي ستحدد طبيعة وهيكل المجتمع السوداني والحكم، وتنقل البلاد إلى حكم ديمقراطي مدني قابل للحياة. هنا تصبح العقدة التي تفرق المسارات، كانت قد أكد ممثلي الاتحاد الأفريقي و الإيغاد في لقائهم مع قوى سياسية في القاهرة أن الحوار يجب أن يكون شاملا لكل القوى السياسية، و ليس هناك أي قوى في وضع يجعلها تضع شروطا على الآخرين، فالحوار هو السبيل الوحيد لحل الخلافات، و أي شروط من أي قوى سياسية كأنها تريد أن تجير العملية السياسية لنفسها. فإذا كانت القوى السياسية بالفعل مقتنعة بعملية التحول الديمقراطي، تستوجب الجلوس للحوار دون أي شروط مسبقة.. حتى يصبح الهدف الأول تثبيت الدولة، ثم الشروع في تحويلها للنظام الديمقراطي، و يجب الإسراع بالانتخابات حتى يتم الخروج من عقدة الفترة الانتقالية التي جعلت الكل يحاول أن يضيق القضايا الوطني لمصالح حزبية و شخصية. يجب عدم الرجوع إلي فترة الاتفاق الإطاري و الخطاب السياسي الذي كان سائد في تلك الفترة.
أن الذهاب لمنبر جدة و الإيغاد و الاتحاد الأفريقي و غيرها.. لآن القوى السياسية السودانية متشظية و تعمقت خلافاتها، و كل جانب يعتقد هو الذي يجب أن يتم التعامل معه دون الآخرين. إذا كانت القوى السياسية جميعها تعمل بالفعل من أجل عملية التحول الديمقراطي، كانت تجاوزت العديد من العقبات و التحديات بالحوار المفتوح بينها، و لكن شعارات الإقصاء و العزل لابد أن تستجلب أدوات للعنف و غيرها، و تاريخنا السياسي يؤكد ذلك من خلال الانقلابات التي حدثت في البلاد. لكن للأسف أن النخب السياسية لا تقرأ التجارب بعين فاحصة لكي تأخذ منها الدروس و العبر.بل تعيد ذات تجارب الفشل السابقة من خلال استخدام ذات الخطوات السابقة بوقع الحافر على الحافر و النتيجة فشل. أن القوى السياسية و خاصة قياداتها التي لا ترى في السياسة إلا بعدا واحدا” الاستحواذ على السلطة فقط” هؤلاء ليس جديرين بقيادة عملية التحول الديمقراطي و سوف يظهر التناقض بين الشعار و الممارسة. فالكل يجب أن يعيد النظر في المواقف السابقة، و يعيد التفكير فيها حتى يتواءم مع شعارات التحول الديمقراطي. نسأل الله حسن البصيرة.