رصد:(صحوة نيوز)
مع اتساع رقعة القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع؛ يتساءل المراقبون عن موقف الحركات المسلحة المقدر عددها بنحو 92 حركة، 87 منها في دارفور، بينما تنشط 5 في كردفان والنيل الأزرق ووسط وشرق البلاد؛ وسط تقارير عن انتشار أكثر من مليوني قطعة سلاح خارج المنظومة الأمنية الرسمية؛ وفقا لما أعلنته لجنة حكومية شكلت قبل أكثر من عامين؛ لجمع السلاح غبر المقنن.
وبعد ما يقارب 300 يوم من القتال؛ انقسمت تلك الحركات إلى حركات محايدة وهي الغالبية وأبرزها حركتي عضوا مجلس السيادة الهادي إدريس والطاهر حجر؛ فيما أعلنت ثلاث حركات انحيازها للجيش دون أن تشارك بشكل ظاهر في القتال وهي مجموعة تتبع لجبريل إبراهيم وزير المالية الحالي و مني اركو مناوي حاكم إقليم دارفور ومجموعة مصطفى طمبور.
وعلى الجانب الآخر، تشارك 4 حركات دارفورية واثنتان من الوسط والنيل الأزرق وهما مجموعتين عاقلة كيكل والمك أبو شوتال بفاعلية في القتال إلى جانب قوات الدعم السريع الذي يسيطر على أكثر من 60 في المئة من مساحة البلاد في الوقت الحالي، بينما تقاتل مليشيا “البراء” المرتبطة بتنظيم الإخوان إلى جانب الجيش.
ومنذ بداية القتال، كان لقوات حركة عضو مجلس السيادة الحالي مالك عقار وجود ملحوظ داخل الجيش السوداني، سيما في منطقتي أم درمان وبحري في العاصمة السودانية الخرطوم.
ويرى المحلل السياسي الخبير في الشأن الدارفوري عبد الله إسحق، أن وقوف معظم الحركات الدارفورية المسلحة في الحياد أسهم في تحقيق نوع من الهدوء النسبي في دارفور خصوصا بعد خروج الجبش من نعظم مناطق الإقليم.
ويقول إسحق في حديث لسكاي نيوز عربية “حتى الحركات التي أعلنت انحيازها للجيش لم نشهد قتالا واضحا لقواتها مع الجيش حتى الآن، ما يعني وجود شيء مبهم، كما أن هنالك أجنحة من تلك الحركات تقف في الحياد أيضا على عكس ما اعلنته قيادات الحركات الثلاثة”.
ووفقا لخبير عسكري فضل عدم الكشف عن اسمه، فإن أكبر مهدد لتماسك البلاد هو تكاثر الحركات المسلحة؛ موضحا أن الإبقاء على الجيوش الموازية يشكل خطأ استراتيجيا إذ سيشجع على الاستقطاب القبلي والإثني وسيؤسس لوجود العشرات من المليشيات المشابهة.
ويرى مراقبون أن تكاثر الحركات المسلحة هو نتاج لسياسات قديمة اتبعها نظام “الإخوان” الذي أطاح به حراك شعبي في أبريل 2019، وذلك عبر اختراق الحركات الرئيسية، وتأجيج الصراعات والنزعات الانفصالية داخلها حتى يسهل احتوائها.
وفي هذا السياق، يقول الصحفي صديق محيسي لموقع سكاي نيوز عربية إن “انتهاج أسلوب الترضيات وتقسيم المناصب شجع الكثيرين إما على الانفصال من كياناتهم الأصلية لتكوين فصائل جديدة، أو بناء حركات مستقلة ليست ذات وجود كبير على الأرض، لكنها تشكل على الجانب الآخر تهديدا أمنيا وتعيق أي جهود لحل نهائي لأزمة الحرب”.
ويوضح محيسي أن معظم الحركات المسلحة لا تحمل رؤية منهجية محددة، “لكنها تستغل غياب هيبة الدولة لفرض واقع القوة في مناطق محددة خصوصا في ظل انتشار السلاح خارج الأطر الرسمية”.
وفي الجانب الآخر؛ شكك في تلك الأرقام العميد مبارك بخيت مسؤول الترتيبات الأمنية في مسار دارفور؛ المضمن في اتفاقية السلام الموقعة في جوبا في نهاية 2020؛ وقال في لقاء سابق لموقع سكاي نيوز عربية إن هنالك وجود لعدد من القيادات المنفصلة عن حركاتها الأصلية، لكنها لا تملك قوة كبيرة على الأرض؛ مشيرا إلى أن المشكلة الاكبر تكمن في الانتشار الواسع للسلاح في أوساط السكان.
وفي ظل ضبابية وضع الاصطفافات في إقليم دارفور، وغياب معلومات حقيقية عن طبيعة الجهات التي تقاتل إلى جانب طرفي الحرب؛ يبدو الوضع أكثر وضوحا في الخرطوم والوسط؛ فإلى جانب وحدات عسكرية تتبع لقوات مالك عقار؛ تنشط كتيبة البراء بقوة في القتال مع الجيش منذ اندلاع القتال، وسط تقارير غير مؤكدة تتهمها بإشعال الحرب بالفعل في الخامس عشر من أبريل.
وتتواجد قوات الكتيبة في مواقع استراتيجية مثل سلاح المدرعات بجنوب الخرطوم. وأعلنت الكتيبة مرارا على لسان قائدها رفضها بشدة الجهود المحلية والإقليمية والدولية الساعية لوقف الحرب.
وتزايد الجدل أكثر حول دور الكتيبة في القتال إلى جانب الجيش بعد بعد زيارة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أغسطس – أي بعد ساعات من خروجه من حصار دام أكثر من 4 أشهر داخل أحد مباني القيادة العامة الجيش- قائد الكتيبة في مستشفى الشرطة بمدينة عطبرة الواقعة على بعد نحو 380 كيلومترا شمال الخرطوم حيث كان يتلقى العلاج هناك بعد إصابته في إحدى المعارك.
وكتيبة البراء هي إحدى أكثر الكتائب الإخوانية إعدادا وتدريبا وتسليحا والتي نشأت خلال فترة حرب الجنوب وتتكون من مجموعات شبابية تتراوح أعمارها بين 20 و 35 عام، ويتحدر معظم عناصرها من خلفيات تنظيمات طلابية كانت تعمل تحت مظلة الأمن الطلابي والاتحاد العام للطلاب السودانيين؛ أحد أهم الأزرع التعبوية والأمنية لنظام الإخوان.
وفي الجانب الآخر؛ تأتي قوات ابو عاقلة كيكل المعروفة بقوات “درع السودان” كأبرز الحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانب قوات الدعم السريع.
وبعد أسابيع قليلة من بدء القتال، انضمت قوات “درع السودان” التي تشكلت قبل أكثر من 6 أشهر من اندلاع القتال بكامل قواتها وعتادها إلى صفوف قوات الدعم السريع.
وعلى عكس معظم الحركات المسلحة التي تعود جذورها إلى دارفور؛ تأسست قوات درع السودان في وسط السودان في مطلع 2022 بقيادة أبو عاقلة كيكل وهو ضابط سابق في الجيش السوداني، ويتمتع بنفوذ شعبي واسع في منطقة سهل البطانة بالولاية الوسطى
وتتمركز قوات درع السودان في مناطق سهل البطانة الذي يمتد من شرق الجزيرة في وسط السودان وحتى مدينة القضارف في الشرق وعطبرة في الشمال.
ويقول كيكل إن قواته ليست جهوية ولا تنتمي لاي جهة سياسية أو عسكرية.
وكان لقوات كيكل دور كبير في التقدم الكببر الذي أحرزته قوات الدعم السريع في وسط البلاد، وتمكنها من السيطرة على مدينة ود مدني عاصمة الأقليم والتي تتمتع بموقع جغرافي واستراتيجي ذو تأثير قوي على سير المعارك الحالية.
وبعيدا عن الاصطفافات الحالية، يقول مراقبون إن أبرز حركتين في البلاد وهما حركتا عبدالعزيز الحلو التي تتركز في جنوب كردفان وعبدالواحد محمد نور المتمركزة في منطقة جبل مرة بدارفور في غرب البلاد؛ تعملان بصمت لتعزيز سيطرتهما على الأرض.