بقلم: مصطفى ابوالعزائم
ما كان ليخطر ببال صاحبكم، أن يخاطب سفير الشقيقة مصر بالسودان ، سعادة السفير المحترم هاني صلاح ، عبر رسالة مفتوحة عبر الصحافة أو المواقع الإلكترونية ، أو الوسائط المتعددة ، وما توافقنا على تسميته بالإعلام الحديث ، وذلك لأن الأبواب كانت مفتوحة دائماً مع أشقائنا في البعثة الدبلوماسية المصرية بالخرطوم ، وكانت الآراء تصل مباشرة إليهم ، من خلال المستشارية الإعلامية أو أي من المكاتب المختصة، ولكن جاءت الحرب فأوصدت تلك الأبواب .
وأما بالنسبة للأخ الشقيق الكريم سعادة السفير هاني صلاح ، والذي تسلم مهام منصبه أواخر العام 2022 م ، وقدم أوراق اعتماده رسمياً سفيراً فوق العادة مفوضا لجمهورية مصر العربية في السودان لرئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أول ديسمبر من العام 2022 م ، فهو من العارفين والمتعمقين في فهم العلاقات بين شطري وادي النيل، وقد عرفت ذلك من خلال لقائي وعدد من زملاء المهنة في أول لقاء له مع أهل الصحافة والإعلام بعد وصوله إلى الخرطوم بأيام قليلة ، ثم لقاء آخر كنت فيه ضمن المكتب التنفيدي لجمعية الصداقة السودانية المصرية، التي شرفتني عضويتها بموقع نائب الرئيس، ثم لقاءات أخرى، تكشفت لنا من خلالها فهم السفير لأهمية العلاقة بين بلدينا الشقيقين .. وتيقنت من ذلك أكثر عندما إتصل علي مكتبه يطلب إلي إرسال نسخة من كتاب “مصر والسودان” أرسله إلي أخي وصديقي العزيز الأستاذ محمد علي غريب، المستشار الإعلامي السابق بسفارة جمهورية مصر العربية الشقيقة بالسودان ، وهو كتاب صادر عن الهيئة العامة للإستعلامات المصرية ، وكان لسعادة المستشار محمد علي غريب اسهامه فيه مع آخرين، وهو كتاب مرسل بصيغة البي. دي. إف (p. d. f) وقمت وقتها بالإرسال الفوري لمكتب السيد السفير .
خلال تلك اللقاءات مع سعادة السيد السفير هاني صلاح ، إزددت ثقة في أن العلاقات بين بلدينا الشقيقين ستظل في مسارها الصحيح ، مع إستصحاب المصالح المشتركة بين بلدينا اللذين ظللت أطلق عليهما (البلدين التوأم) .
ما دعاني لمخاطبة السيد السفير هاني صلاح عبر الأسافير والفضاءات الإلكترونية المفتوحة، هو معاناة أهله وأشقائه السودانيين في الحصول على تأشيرة الدخول إلى مصر ، ومنهم كبار السن والمرضى والأطفال ، ولي تجربة شخصية سابقة وأخرى قائمة مع بعض أفراد الأسرة وفيهم من كان مريضا يرجو العلاج في الشقيقة مصر .
كثير من طالبي تأشيرة الدخول إلى مصر ، تواجههم عقبة الإنتظار الطويل ، وكثير منهم أصبح من النازحين الذين رتبوا حالهم على أن يكونوا هناك بإتفاق مع أهلهم من العاملين في دول الخليج أو أوربا أو الولايات المتحدة الأمريكية .
شخصياً لم أتقدم بطلب للحصول على تأشيرة دخول ، وقد آليت على نفسي ان أبقى وأظل في السودان ، مهما كانت الظروف أو ساءت الأوضاع ، لكنني مثل الآلاف ، أتحسر على ما أرى وأشاهد ، وهناك بعض ضعاف النفوس يستغلون حاجة البعض الملحة للسفر ، ويفرضون عليهم مبالغ خرافية مقابل السعي لهم للحصول على تأشيرة ، وهي مبالغ مليارية تذهب إلى أيدي وجيوب سماسرة السوق من أصحاب مكاتب العلاقات العامة أو وكالات السفر .
ونحزن أكثر عندما نرى أن أصحاب الحاجة الملحة يلجأون إلى طريق آخر ، هو اللجوء إلى السفر عبر ما يسمونه ب(التهريب) دون تحسب لمخاطر الطريق ، والمخالفة القانونية التي قد لا يتحسبون لنتائجها الآنية أو المستقبلية .
اتابع بحكم عملي الأنشطة العامة والمتصلة بمصالح المواطنين، وقد سعدت لتصريحات سعادة السفير هاني صلاح الأخيرة، عقب لقائه لوالي ولاية البحر الأحمر اللواء م. مصطفى محمد نور محمود ، عندما قدم له التهنئة بمناسبة إختياره واليا لولاية البحر الأحمر ، إذ جاء من ضمن تصريحات سعادة السفير هاني صلاح ، إن القنصلية المصرية في بورتسودان والقنصلية المصرية في حلفا تعملان على الإسراع في منح المرضى وكبار السن تأشيرات الدخول في أقرب وقت ممكن . أتحسر الآن كثيراً على المعاناة التي بات كثير من السودانيين يعانونها في الحصول على تأشيرة الدخول إلى مصر ، ولم يكن جيلنا يعاني من ذلك ، رغم عدم وجود إتفاقية الحريات الأربع وقتها ، لكننا كنا نستفيد من بطاقة وادي النيل التي تمنحك حق الدخول إلى مصر دون جواز سفر ، وكانت لإتفاقية التكامل ميزات إيجابية كبيرة ، خاصة للطلاب والمبتعثين والمرضى وغيرهم .
وكنا نحن أنفسنا نتحسر على أننا لم نعش عصر آبائنا الذين كانت في زمانهم ذاك ، عملة البلدين واحدة ، ولا يحتاج أي من مواطني وادي النيل إلى أكثر من هويته الوطنية للتنقل أو الإنتقال أو التملك في الجزء الآخر من وادي النيل .
sagraljidyan@gmail.com