في كواليس الاتحاديين زيارة جعفر للإمارات

 

زين العابدين صالح عبد الرحمن

يقول الروائي  الروسي دوستويفسكي (أحيانا الناس لا يريدون سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون أوهامهم تتحطم)

عندما بدأت مسيرة ” الإتفاق الإطاري” و الجدل حول كيفية الوصول إلي حل للأزمة السياسية التي تتعمق يوما بعد يوم، كانت الساحة السياسية منقسمة بين ثلاث مجموعات.. الأولى “قحت المركزي” و كانت هي مركز الفعل السياسي.. الثانية قحت الديمقراطي و هي مجموعة كانت تبحث لتصريح للمشاركة في الإتفاق الإطاري.. و الثالثة كتلة المجموعة الإسلامية و معها عدد من الأحزاب التي كانت مشاركة في الإنقاذ، و كانت ترفض الإتفاق الإطاري باعتبار أنه نشاط مغلق لن يؤدي إلي حل للأزمة.. تطور الخلاف حتى اندلعت الحرب، و ظلت كل كتلة تحاول الاحتفاظ بعضويتها. أختارت كتلة قحت الديمقراطي جعفر الميرغني أن يكون رئيسا لها، و سبب الأختياريرجع للإستفادة من إسم الحزب، و رئيسه محمد عثمان الميرغني لجذب قطاع من الاتحاديين مؤيدا للتحالف. و ليس القناعة بقدرات جعفر الميرغني كقائد سياسي، و الرجل ذو تجربة سياسية محدودة، و قدرات و ثقافة سياسية متواضعة، و لا يمتلك أي ميزات ككارزمة غير أنه أبن الميرغني، و قد أتضحت قدرات جعفر المحدودة من خلال قيادته لحلف ” قحت الديمقراطي” حيث فشل أن يصل إليمساومة مع الجانب الأخر لقحت. بل أن قحت المركزي فضلت أن تجذب لجانبها الحسن الميرغني  ممثلا للحزب الاتحادي الأصل لكي تحتفظ بلإسم.

بعد إندلاع الحرب: ظل الصراع السياسي محتدما، حيث أعلن جعفر الميرغني الوقوف مع القوات المسلحة في بيان كان قد صدر من الحزب الاتحادي الأصل. و قبل يومين أيضا كان قد أكد معتز الفحل أن الاتحادي الأصل يقف سندا قويا للقوات المسلحة.. و عندما تكثر التصريحات تأكد أن هناك أشياء تجري في الخفاء، و التصريحات ما هي إلا محاولة لإلهاء الناس حتى لا يبحثوا في الأضابير و وراء الستار عن الذي يجري.. بدأ الهمس يخرج من دائرة ضيقة إلي دوائر أوسع في القيادات الاتحادية لكي تعرف ما هو سبب زيارة جعفر الميرغني إلي الأمارات، و التي التقى فيها بالدكتور عبد الله حمدوك و عدد من قيادات التجمع الاتحادي. و كانت الزيارة بدعوة من قبل طه عثمان الحسين العميل السعودي الذي كان يعمل مديرا لمكتب الرئيس السابق عمر البشير، و الذي أصبح الآن يدير الشأن السياسي المتعلق بالسودان مع دولة الأمارات.

من حق أي فصيل سياسي أن يجري الحوارات و الاتصالات التي يعتقد إنها تساعده على وقف الحرب و حل الأزمة السياسية. و لكن يجب أن يكون ذلك في النور، و بعيدا عن الشبهات، لكن السكوت و عدم الإشارة لأي نشاط يجعل الكل يبحثوا عن أسبابه و نتائجه..كانت قد بدأت اللقاءات في القاهرة مع عدد من قيادات قحت.. عندما التقى جعفر مع الدكتور مريم الصادق نائبة رئيس حزب الأمة و صدر بيان بعد اللقاء. ثم اللقاءات التي أجرها المسؤول السياسي التابع لجعفر الميرغني مع عدد من القيادات اتحادية داعمة “تقدم و أيضا عدد من قيادات قحت من خلال دعوات اجتماعية. كل ذلك كان تمهيدا لسفر جعفر الميرغني للأمارات، بهدف لقاء حمدوك و التباحث معه حول الخطوات التي تقوم بها ” تقدم” و الذي خرج من التسريبات: أن جعفر الميرغني طلب من بعض قيادات ” قحت المركزي” أن يسقطوا عضوية “الحسن الميرغني و مسؤوله السياسي إبراهيم الميرغني” من التحالف، حتى يتسنى لجعفر و مجموعته الانضمام و المشاركة في نشاط “تقدم” و لكن الجانب الأخر رفض ذلك. و رجع جعفر مرة أخرى للقاهرة كأن شيئا لم يكن، و حتى أنه لم يخطر المجموعة التي يقودها باسباب زيارته إلي الأمارات و نتائج هذه الزيارة.

إذا كان جعفر و مجموعته قد أعلنوا موقفهم المؤيدإلي جانب القوات المسلحة، و أيضا وقوفهم مع حملات الاستنفار و المقاومة الشعبية و إدانة الميليشيا، إذا لماذا هذه الزيارات غير المعلنة لدولة الأمارات، و ماذا يريدون منها؟ هل يبحثون عن تسوية سياسية أم عن دعم مالي يعينهم على الحركة؟ و هل قرار الذهاب للإمارات نابع من القيادة السياسية التي يتزعمها جعفر، أم هناك أصابع أخرى وراء هذا التحرك؟ كلها أسئلة لا يستطيع هؤلاء أن يجاوبوا عليها… إذا كانت الطائفية في السودان تعتقد إنها سوف تمارس السياسية بذات الإرث القديم الذي كانت تمارسه من قبل، تصبح هي في غفلة من أمرها، لآن الأجيال الجديدة غير ملزمة بثقافة الأجيال السابقة، هؤلاء يملكون القدرة على التعبير عن قناعاتهم، و ليست لديهم قيود مقدسة تحد من طرح أرائهم بقوة عبر الإعلام و الوسائط الاجتماعية المختلفة، أن النظر عبر الغربال يضر في القضايا السياسية التي تحتاج للصراحة و الوضوح. أن عهد الزيارات السرية، و حمل الحقائب بعيدا عن موظفي الجمارك أصبحت مهمة صعبة مع انتشار حمل التلفونات الذكية. فهل يخطر جعفر الميرغني و مسؤوله السياسي الشعب السوداني عن  الهدف من الزيارة؟ و لماذا لم يعلن عنها؟ و من هي المجموعة التي قابلها جعفر؟ و هل قابل صناع القرار في الأمارات؟ أو حتى نفي المعلومات التي تسربت؟ الكل في انتظار الإجابة. نسأل الله حسن البصيرة.

الزين صالح