مناوي في نيالا

بقلم: أبوبكر الطيب إدريس

ينظر البعض إلى إنتماءنا لحركة تحرير السودان – جناح مناوي بقليل من الريبة وكثيراً من الشك.

وهو شعور يجد ما يبرره عند من يسيئون الظن بجانب تجذر الوعي والانحيازات الاولية “القبلية والجهوية والاثنية والثقافية”.

ولكنهم لا يدركون اننا قد اعلنا كفرنا بالايدولوحيا المنغلقة والتصورات الظلامية ونخبوية المشاريع الليبرالية.

جميعها مشروعات اقصر من تعقيدات الواقع واكثر تماهياً مع شرور الأنا وسوء شيطنة الآخر.

جمعتني ثلاثة لقاءات بالقائد مناوي، اثنين من تلك اللقاءات ذات طابع جماهيري اما الثالث فكان لقاء نوعي.

الامر الذي رسخ في ذهني السياسي الطابع واكد لي انه نموزج فريد من السياسيين السودانيين، بسبب طرحه لقضايا الحوار والتسامح وقضايا الجماهير.

وهو طرح يكشف ما تنطوي عليه روحه من نقاء وفكره من اتساق ورؤيته من موضوعية وظل يجافي الي حد كبير توقعات انصاره وخصومه.

فتوقع خصومه ان يتقوقع في قضايا دارفور ، الا انه ظل يطرح قضايا الدولة السودانية والتي اكد علي اننا يحب ان نمنح انفسنا فرصة ان نعرف بعضنا البعض بالحوار.

وحتي لا يكون حوار فجور في الخصومة اضاف اليه التسامح ، وهي قيمة ما كانت في شيئ الا زانته.

توقع البعض ان يتكئ سياسيا علي المكون الذي يمثل حركتة وتقديم حركة تحرير السودان كحركة ذات بعد جغرافي واثني.

خالف ايضا توقعات خصومة وذلك بالعمل علي بناء حركة سياسية ذات طابع قومي تستند علي رؤية مشروع التحرير العريض.

فكان مشروع بناء الحركة في الشمال والشرق والوسط في ذات زمان بناءها في دارفور.

ولعل مايميز القائد مناوي انه يتميز بالجراءة وطرح المسكوت عنه ، وهو طرح يخشي كثيرا من السياسيين اثارته لأسباب تتصل بالهروب عن مواجهة القضايا و الخوف من الاعلام او التماهي مع الصورة الذهنية للجماهير او المجال السياسي.

لذا اخترق القائد مناوي مجال الخطاب السياسي بطرح يدين السلوك السياسي ولا يبرئ النفس من المساءلة.

وهذا موقف اخلاقي عظيم ذو تجذر، فالوعي الصوفي، وهو ان لا ننزع نحو تبرئة الذات او تعظيمها.

ولو كان لنا الحق في تصنيف انفسنا باننا جزء من المستنيرين في مجتمعنا، فانني اقر ان استنارتنا تلك قادتنا الي ان نكفر عن زيف وعي النخبة السودانية وانفصامها عن الواقع وعزلتها عن قضايا الانسان “مطلق انسان” في الحرية والعدالة والسلام.

فالتهميش والظلامات التاريخية لم تكن لتتم بمعزل عن الاطار النظري والسلوك العملي الذي هيأ لتلك الممارسات قدرا من التماهي.

ما دعاني لطرح تلك الاراء هو الاستقبال غير المسبوق الذي حظي به مناوي بحاضرة جنوب دارفور والتي ظن البعض انها ستكون خارج جغرافيا التايد الشعبي للقائد مناوي.

ولكنها خالفت توقعاتهم وظنونهم الامر الذي يكشف ان اصطفافا جديدا بدأ في التشكل يستند علي نموزج مناوي، وهو نموزج للصدق والعمل.

كما كشف الاستقبال الحاشد للقائد مناوي في نيالا ان الانتماءات القديمة اخذت تتضعضع لصالح بروز قيادة جديد تستشرف مستقبلا افضل.
٥ سبتمبر ٢٠٢١

دارفورمناوينيالا