جيشنا.. جيش السودان، لم يكن يوماً جيش إحتلال، ولم يكن معتدياً أو متعديا على شعبه، وقد ظل على الدوام حامياً للحمى ، حامياً للأرض والعرض ، ولم يبخل أحد من أفراده بالروح أو الدم في سبيل تلك الغايات العظيمة .
كتبنا من قبل عن هذا الجيش العظيم ، وطالبنا ولا زلنا نطالب بإعتماد الرابع عشر من أغسطس في كل عام، عطلة رسمية إحتفالاً بعيد الجيش، والذي يعرف الجميع قصّة نشأته وتطوره، لكننا نريد أن نوثّق لذلك من خلال المقرّرات المدرسية ومن خلال دروس التاريخ ، والتي نجد فيها مفارقات عجيبة، تجعل من طالب العلم عندنا عالماً بتاريخ الشرق الأدنى ، وتاريخ أوروبا القديم والحديث معاً ؛ مثلما تجعله ملما بتاريخ الثورات العربية وأدوار الجيوش العربية فيها، لتصبح كل محصّلة أبنائنا وبناتنا عن جيش بلادهم ، أنه نشأ في العام 1925م بإسم قوة دفاع السودان ، وإنه شارك في معارك الكفرة وكرن إبان الحرب العالمية الأخيرة .
لابد لنا من أن نعمل على ترسيخ التاريخ الحقيقي لجيش تأسس منذ بداية التاريخ ، تأسس مع الممالك النوبية القديمة، وتنظّم وأصبح قادراً على مواجهة الخصوم ، بل وطرد المستعمر إبان الثورة المهدية في ثمانينيات القرن التاسع عشر – رغم ما إعترى المهدية إبان حكم الخليفة عبدالله من تسلط وظلم وتجن على المواطنين من غير ذوي الحظوة – ، وقد واجه جيش الدولة المهدية الذي أصبح في لحظة تاريخية جيشا للسودان كله، واجه الغزو الإنجليزي في أقوى ملاحم النضال والمقاومة أواخر القرن التاسع عشر في سبتمبر من العام 1898م في معركة خلدها العدو قبل الصديق، هي معركة النهر كما أسماها تشرشل في كتابه الوثيقة، ومعركة كرري التي تحدث عن رجال كالأسود الضارية، كما نعرفها نحن.
نعم.. لابد من أن نوفي جيشنا حقه، فهو حامي الحمى بعد المولى عز وجل، وهو الذي حاول بعض السياسيين العبث بإسمه وتاريخه، فأضاعت القرارات السّياسيّة المتسرّعة والطائشة، أراض ومساحات كبيرة، ومنعت يد الجيش من أن تكون حرة، بسبب تلك القرارات الخاطئة، ولكن عندما كان القرار وطنياً عسكرياً، إستردت قواتنا المسلحة السودانية العظيمة كل الأراضي المحتلة على حدودنا مع الجارة إثيوبيا، والتي سكتت السلطات في السابق عن المطالبة بها لموازنات سياسية لا سيادية.
إحتفال القوات المسلحة السُّودانيّة العظيمة من قبل ثلاث سنوات بعيدها السابع والستين في الرابع عشر من أغسطس، كان له أكثر من طعم ولون ورائحة ، كان له طعم النصر ولون الكبرياء ورائحة العظمة، وختام الإحتفالات هو المسك الذي ظللنا نحلم به منذ العام 1995م عام إحتلال الفشقة، وذلك لأن الإحتفال الكبير الذي جاء يوم الإثنين السادس عشر من أغسطس في ذلك العام ، كان من هناك، وهو لن يكون إحتفال كلمات وأقوال، بل هو إحتفال أفعال، بل هي للحق أفعال عظيمة أولها تحرير كل الأراضي السودانية المحتلة على حدودنا مع الجارة إثيوبيا، ويتعدى ذلك إحتفال آخر هو تدشين عدد من الجسور والطرق وكثير المنشآت التي نفذتها قواتنا المسلحة هناك .
كل عام وجيشنا بألف ألف ألف خير وبلادنا كذلك.