تحققت عبارة (أصبح العالم كوخ صغير) التى درسناها فى قاعات الدرس نظريا فقد أصبحت واقعا ملموسا فرضته علينا ثورة الإتصالات الواسعة التى شهدتها بلادنا فى سنوات خلون تسيد فيها الهاتف السيار وصار محمولا على أيدي الكبار والصغار فى المدن والأرياف غنيهم وفقيرهم على حد سواء لا إستثناء لأحد إلا من لايرغب وهم قلة قليلة لاتسلم من التعليقات الإجتماعية السالبة يتهموا بأنهم لايرغبون فى التطور والتجديد بمعنى أكثر دقة أنهم متعايشون مع محليتهم التى تعيش فى عهد التلغراف والتلكس والجوابات و(المرسال) الذى ينتظر أن يأتى بالرد لكنه لايعود لمن أرسله وغنى له المغنى (وديت ليهو زول مرسال والمرسال مشى وما جاء) وبالتأكيد أن الظروف الحالية تختلف عن سابقتها حيث عبدت الكثير من الطرق الرابطة بين المدن بعضها البعض وأصبحت حركة المواصلات والتنقل أسهل من ذى قبل ونمو العلاقات الإجتماعية والتداخل بين المجتمعات بسبب الهجرة والتعليم والزواج والعمل ، وباتت الحياة أكثر سهولة ويسر إلا أن تبعات حرب الخامس عشر من أبريل من العام الماضى التى شهدتها عاصمة البلاد وتفرقت على عدد من الولايات فقد ألقت بظلال كثيفة على شبكات الإتصالات وعطلت كثيرا من خدماتها التى تخدم المجتمع..
وأصبح الجميع يستفيد من خدمات الإتصالات فمكالمة أو رسالة واحدة تقطع آلاف الكيلومترات فى لحظة إرسالها وتصل الى مستقبلها فى وقت وجيز ولا تكلف مرسلها الإ القليل من المال والوقت وتطورت الإتصالات وأدخلت خدمات كثيرة أهمها تطبيقات الأموال التى ساعدت بصورة واسعة فى وصول الأموال الى مستحقيها بسرعة غير معهودة وأراحت الناس من عناء السفر والمواصلات وحفظت أموالهم من اللصوص وقطاع الطرق الذين إمتهنوا سرقة الأموال وظهرت عليهم آثار الكسب الغير مشروع بإمتلاكهم أموالا طائلة وعقارات جميلة وعربات بموديلات حديثة وتغيرت هيئاتهم التى كانوا يظهرون بها أمام من حيث الملبس والمأكل والمشرب وأصبح الزواج من المكملات التى يتباهون بالصرف على مطلوباتها دون خوف من الفقر ، وهكذا أتتهم الدنيا تجرجر أذيالها وفرحوا بقدومها أشد الفرح ولايعرفون أنها لاتدوم لأحد (وهى الأيام دول من سره زمن سائته أزمان ولايغر بطيب العيش إنسان) وحاجة الإنسان للإتصال برزت من قديم الزمان لأن الإنسان كائن إجتماعى يحتاج أن يعيش وسط مجموعته يتفاعل مع قضاياها ويتأثر بها فى كل الأوقات مفرحة كانت أو حزينة .
نعود ونقول أن فرحة المجتمعات فى بلادى بعودة شبكات الإتصالات المختلفة تختلف من مكان لآخر ووقت لآخر ففى الحواضر تكون الإتصالات ذات أهمية كبيرة لإعتماد المجتمع عليها بصورة أوسع من الأرياف والبوادى رغما عن إستفادت عددا من أصحاب المهن فى الريف من خدماتها، وفى جانب آخر تزداد الفرحة بعودة الشبكة وتظهرت النغمة المحببة (الشبكة جات) وتجرى فى ألسنة الناس فقد تطول فترة إنقطاع الشبكة أو تقصر فعندها تختلف الفرحة فكلما طالت الفترة أطول تكون فرحة الناس بعودتها أكبر وترن الهواتف المحمولة بنغماتها المختلفة معلنة عودة الإتصال ، فيهرع الكل الى هواتفهم يمسكونها بأيديهم ليمسحوا عنها غبار النسيان الذى غطى على شاشاتها ليتأكدوا من شحن بطاريتها وعودة شبكة الإتصال إليها مجددا ، وغياب الشبكة بالتأكيد له محاسن كثيرة كما لها مساوى كثيرة تزيد تارة وتنخفض تارة أخرى لكن لايمنع من الإستفادة من محاسنها وتجنب مساويها بقدر الإمكان ، وأذكر عندما إنقطعت شبكة الإتصال لأكثر من شهر ظهرت الحاجة إليها بشدة خاصة بعد توقف حركة تحويل الأموال عبر التطبيقات البنكية ونقول *الشبكة جات* فأفرحوا بعودتها وأدام الله على الجميع نعمة التواصل والإتصال.