بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
واحدة من أهم القضايا الملفته في اللقاء الذي أجرته ” قناة السودان” مع الفريق أول ياسر العطا عضو مجلس السيادة و مساعد القائد العام للجيش؛ هو الإلتفاته لتعزيز و إصلاح مناهج العمل الإعلامي في البلاد، أن تصل القيادة لقناعة أن رسائلها السياسية و غيرها، يجب أن تنقل من خلال الإعلام القومي، دفعا له و بناء مسار تواصلي معه، بهدف بناء الثقة في الكادر الإعلامي الوطني.. أستطاعت المحاورة الأستاذة عواطف محمد عبد الله أن تغطي على كل التساؤلات التي تدور في ذهن المواطن و المشاهد، مما اعطى اللقاء أهمية خاصة في أجواء قاتمة و غائمة مليئة بالعديد من المعلومات الزائفة التي يقذف بها يوميا إعلام الميليشيا و جناحها السياسي بهدف التشويش، و إلتفات السلطة للإعلام الوطني الحكومي أو الأهلي السوداني، مسألة ضرورية لكي يضع الإعلام السوداني قدمه على سلم الإقليمية و العالمية، و بدل أن ينقل الإعلام السوداني أخبار البلاد من ” القنوات العربية و العالمية” تنقل هي أخبار السودان من أجهزة الإعلام السودانية..
اللقاء تعرض للعديد من القضايا التي تشكل العصب الحي في السياسة، السودانية و المؤامرة التي تحاك ضد الوطن بهدف استغلال ثرواته، و تبديل الشعب بعرب الشتات، و ضرب العزلة على البلاد بهدف إضعاف جيشها حتى يستسلم، إلي جانب الموقف من المفاوضات التي تسعى إليها الدول الداعمة للميليشيا، و دور الأمارات في الحرب. إضافة الي موقف القيادة من قضية مستقبل الحكم بعد الحرب، و غيرها من القضايا الأخرى.. و في هذا المقال لا أريد أن أعلق على كل ما جاء في اللقاء و سوف أتعرض فقط للقضايا التي لها علاقة بمستقبل العملية السياسية في البلاد و هي التي تعتبر جوهر المشكلة..
الموقف من التفاوض: هو أحد القضايا التي تعلق عليها الدول الداعمة للميليشيا الأمال العراض، من أجل إنقاذ الميليشيا بعد ما فقدت التحكم في عناصرها و فقدت العديد من قياداتها في المعارك و أصبحت عناصرها تمارس التخريب و القتل و النهب ضد المواطنين.. قال ياسر العطا عن التفاوض ( أن الذين أشعلوا الحرب من السياسيين؛هم الذين يرفعون الآن شعار ” لا للحرب” و هؤلاء كانوا يريدون من الحرب التي اشعلوها تحويل “الدولة السودانية“ إلي دولة “آل دقلو” و أن القرار عند الجيش و الشعب هو هزيمة الميليشيا أو استسلامها و هو قرار متفق عليه داخل القوات المسلحة و القوى العسكري الأخرى التي تقاتل معه إلي جانب الشعب) الحقيقة أيضا؛ أن عناصر الميليشيا و التابعين لها من السياسيين على علم أن هزيمة الميليشيا تعني إحداث تغييرا شاملا في الساحة السياسية التي تؤدي إلي بروز قيادات جديدة، لذلك يحاولون قطع هذا الطريق من خلال الدعوة لتفاوض بهدف الوصول إلي ” تسوية” تعيد الميليشيا إلي الساحة السياسية و العسكرية مرة أخرى، هذا هو الطريق الوحيد الذي يعيد الأجندة التي كانت قبل 15 إبريل 2023م و عودة مجموعة الاتفاق الإطاري للساحة السياسية..
الحكم بعد التخلص من الميليشيا: قال الفريق أول ياسر العطا (ليس لنا رغبة في الحكم نريد فقط أن نسلم البلاد أمنة مطمئنة لقيادات منتخبة.. أننا نتطلع بعد هزيمة الميليشيا إلي فترة أنتقالية قصيرة، يتم فيها إعادة التعمير و البناء لما خربته الميليشيا في الحرب، و صناعة الدستور الذي يتم التوافق عليه، ثم تجرى الانتخابات لكي نسلم المنتخبين السلطة.. و لكن لن نسلم البلاد إلي عملاء المخابرات الأجنبية الذين سوف تطاردهم العمالة مدى الحياة) أن قضية الحكم حقيقة هي القضية المعقدة في السودان، و تعتبر من المؤثرات السالبة لنهضة البلاد، و هي القضية التي لم يستطيعأبناء الوطن التوافق عليها، و يجب البحث عن المبادرات التي تساعد على خلق دولة أمنة مستقرة ناهضة. و إذا لم يحصل استقرارا سياسيا و اقتصاديا و نزاهة و شفافية في الحكم لا تستطيع الدولة أن تجلب مستثمرين، و هذه القضية ليست في حاجة لشعارات تطلق في الهواء، و لكنها تحتاج إلي ضخ أفكار تحدث تغييرا جوهريا في الوعي و العمل السياسي في البلاد..
أن الاستعجال في الانتخابات و تسليم البلاد لأحزاب تعاني مشاكل جوهرية في الفكر و التنظيم سوف تعيدنا مرة أخرى للحرب.. يجب تشكيل حكومة من كفاءات لها خبرات واسعة في الإدارة و الوعي السياسي و النزاهة و الشفافية، تتناغم مع المكون العسكري بهدف الاستقرار السياسي و إكمال عملية البناء و التعمير بالصورة المطلوبة، و الدعوة لصناعة الدستور الدائم للبلاد، و أن تجرى انتخابات للجان الخدمات في الأحياء و الانتخابات في النقابات، و عمل قانون للأحزاب يلزمها أن تجري مؤتمراتها في مواقيتها، و أن لا يظل المرء في القيادة لأكثر من دورتين، هو التدريب المطلوب في العملية الديمقراطية، و يجب العودة لقانون النقابات لعام 1960م، يتصاعد فيه العضو من الفرعية في منطقة عمله إلي الاتحاد العام للمهنة. هذه هي الممارسة الحقيقية التي تخلق الوعي الديمقراطي و تأتي بالعناصر المشهود لها بالخبرة و الكفاءة و القدرات القيادية..
أن حديث الفريق أول ياسر العطا؛ يعتبر أفكارا مطروحة للحوار الهاديء، و بعيدا عن الانفعالات و التشنجالات الدالة على الرغائب الخاصة، أن الأزمة السياسية التي تعرضت لها البلاد، ثم قادت للحرب أكدت تماما أن الأحزاب السياسية قدمت عناصر ذات قدرات متواضعة عجزت عن إدارة الإزمة و هذه حقيقة يجب التعامل معها بواقعية،، و هذه القيادات أصبحت منبوذة من أغلبية الشعب و لا تستطيع أن تقود عملا سياسيا في ظل هذا الرفض لها، و يجب على الأحزاب أن تحديث تغيرات في القيادات تكون أكثر إدراكا لدورها في مرحلة البناء الوطني و تكون واسعة الصدر و متقدة الذهن لحوار مع الآخر للوصول لتوافق وطني ينقل البلاد من مرض الأزمات المتوطن إلي استقرار و أمن و حرية تستطيع فيها الأجيال الجديدة أن تطلق العنان لإبداعاتها و تخرج البلاد من هذه الدائرة الجهنمية.. كل الأحزاب في حاجة لتقديم وجوه جديدة عندها استعداد للحوار و التعايش مع الأخر.. نسأل الله حسن البصيرة..