بقلم : زين العابدين صالح عبد الرحمن
واحدة من إشكاليات النخب السياسية في السودان؛ و اقصد بها الأحزاب التقليدية ألأتية ” حزب الأمة و الاتحاديون بكل طوائفهم و الشيوعيون داخل الحزب و خارجه و البعثيون بكل تفرعاتهم و المؤتمر السوداني و غيرها من التنظيمات الأخرى” دون الحركات أي الذين حملوا السلاح من أجل تحقيق مطالبهم و هؤلاء أدخلوا في السياسة أداة جديدة في التفكير الذي يحكم مسارهم هو عقل البندقية ” أ، البندقية هي الوسيلة الوحيدة لعملية الضغط على النظام.. هؤلاء جميعا تتباين داخلهم الرؤى و تفكيرهم منصب تحت أقدامهم و لا ينظرون للمستقبل.. القضية الأخرى لا يلجأون لدراسة التجارب السابقة لمعرفة اسباب الفشل فيها، و تقيم القوى السياسية أخرى، دائما الميل التركيز على العاطفة إذا كانت سلبيا أو إيجابيا في مواجهة خصومهم..
أن فتح باب الإسلاميين في السياسة مسألة في غاية الأهمية و ضرورية جدا، ليس لمعرفة كيف يفكر الإسلاميين، و القوة الاجتماعية التي يمتلكونها، و لكن حتى تقارن القوى السياسية بينها و بين الإسلاميين، و هذه المقارنة الموضوعية هي التي تفتح بابا يجب كان على القوى الأخرى أن لا تتجاهله.ز عندما صدر شعر ” أي كوز ندوسو دوس” كتبت مقالا ذكرت فيه أن هذا الشعار لم يقصد به الإسلاميين و لكنه محاولة إسكات أي صوت مختلف في التفكير عن الذين أخرجوا هذا الشعار.. و أول ما يفعله الشعار سوف يعطل العديد من العقول التي لها القدرة على التفكير الصحيح.. أي العقول المنتجة للفكر، خاصة أن التغيير في المجتمع يؤسس على الأفكار و ليس الشعارات.. لذلك الذين يكثرون من مصطلح ” الكيزان – و الفلول” هم أكثر الناس تعطل لعقولهم.. لآن الدفع بالمصطلح لا يقدم أو يؤخر في مجريات العمل السياسي، خاصة في الصراع مع الإسلاميين، تعالوا نتباع هذه السيرة بهدوء و عقل..
كان تنظيم الأخوان المسلمين في بداياته محصورا في النخبة فقط ” الطلاب ثانويات و معاهد عليا و جامعات و حرفيين ثم الصفوة في المجتمع، لكن تنظيم الأخوان لم يتقلقل وسط القطاع الشعبي، و اخذ التنظيم قوته بعد ثورة أكتوبر باعتبار أن شرارة الثورة انطلقت في ندوة الترابي عندما أطلق أحد الجنودة طلقة أصابت ” القرشي” و أودت بحياته، شكلت دعاية كبيرة له وسط المثقفين، و في الانتخابات كانت الدوائر التي حصل عليها الإسلاميون هي دوائر الخريجين يشاركه الحزب الشيوعي… بعد انقلاب الشيوعيين و القوميين العرب في 25 مايو 1969 و ذهاب الإسلاميين متحالفين في ا”لجبهة الوطنية” كان ما يزال حزبهم حزب صفوة لم يخرج من دائرة الصفوية.. في عام 1977م عندما وقع الصادق المهدي على وثيقة المصالحة الوطنية مع نميري في بورتسودان، في ذلك الوقت كان الدكتور حسن الترابي داخل السجن، و معه العديد من قيادات مجلس الشورى.. بعد توقيع المصالحة خرجت قيادات الإسلاميين و عقدت اجتماعا كان يدور الحوار فيه يوافقون على المصالحة أم يرفضونها… كان الرأي الغالب في الاجتماع يؤكد أن النظام ليس فيه مسحة إسلامية، و المشاركة معه في السلطة مفيدة أكثر من محاربته، هذا التفكير الذي يقدر الأمور بعيدا عن العاطفة تركز في العديد من القضايا التي خدمت التنظيم..
فكر الإسلاميون بعد الانقلاب 1969م أن السلطة كانت تدعم تيار الطلاب الشيوعيين في الجامعات، و تتدخل اجهزة الأمن لصالحهم، الآن يصبح الطريق معبد للتيار الإسلامي، بعد المصالحة عاد العديد من الصفوة الذين كانوا قد ابتعدوا عن التنظيم و انخرطوا في العمل الحزبي، و حتى الذين كانت سلطة الانقلاب قد فصلتهم و كانوا دخلوا السوق و أصبحوا من رجال الأعمال رجعوا للتنظيم.. في هذه الفترة بدأ يتحرك التنظيم بصورة واسعة حيث جاء بفكرة البنوك الإٍسلامية لخدمة عضويته.. و أيضا أصبح التنظيم يتمدد في الأحياء لكسب قطاع شعبي للتنظيم و جعلوا من المساجد في الأحياء مراكز لهم للإستقطاب و بعد ما توسعت دائرة العضوية في الأحياء زحفوا إلي نوادي الأحياء و قدموا لها الدعم و بعد فترة استطاعوا السيطرة عليها.. كل المال الذي كان يقدم للتنظيم كان يستثمر في نشاطات التنظيم..
أن الإسلاميين أول من طبق قاعدة الآ مركزية في العمل الحزبي، لكل ولاية الحق أن تشكل تنظيمها و مكتبها السياسي و مجلس شورتها، و هي وحدها التي تحدد نشاطها و تبني تحالفاتها، و كانت علاقتها بالمركز علاقة مكتبها السياسي بالمكتب السياسي المركزي، فكل ولاية تستطيع أن تستقطب العضوية، و كانت العضوية مربوط بنشاط حزبي حتى تقوى عزيمتها و رباطها بالتنظيم، و كانت تتم زيارات عبر الولايات لكي يتعرف أعضاء التنظيم مع أخوانهم في الولايات الأخرى، كما كانت تعمل ورش عديدة يشارك فيها جمع غفير منهم، و كل ذلك كان كل هذا الأفعال تحت رايات الاتحاد الاشتراكي..
السؤال: ماذا فعل حزب الأمة بعد المصالحة و ماذا فعل الاتحاديين؟.. كان الشريف حسين قد رفض المصالحة و رفض الرجوع للسودان، و ظلت علاقته مع ليبيا، و فتح علاقة أخرى مع العراق.. كان الشريف داعما لقطاع الطلاب و العمال، و وقع اتفاقية مع حزب البعث العراقي أن تكون هناك مقاعد للطلاب الاتحاديين سنويا.. و بالفعل أصبح الطلاب الاتحاديين يقبلون في الجامعات العراقية.. و كان داعما لنقابات العمال التي يسيطر عليها الاتحاديون.. توفى الشريف حسين 1982م و توقف الدعم للطلاب و العمال، و أصبح الحزب جذرا معزولة عن بعضها البعض.. في سنين المصالحة ضعفت علاقة حزب الأمة مع ليبيا، و لكنها بعد فترة بدأت العلاقة تعود لمجاريها، و بدأ الدعم المادي يصب عند حزب الأمة، ماذا فعل حزب الأمة بهذا الدعم لكي يقوي تنظيمه من خلال النشاطات و فعاليات السياسية و رصد للحركة السياسية.. أما فوزه في انتخابات 1986م هذا دعم أخر موجهللانتخابات… نواصل.. الإسلاميون بعد سقوط مايوإلي أين.. نسأل الله حسن البصيرة..