بقلم :زين العابدين صالح عبد الرحمن
في بيان صحفي صادر من مكتب المتحدث بأسم وزارة الخارجية الأمريكي يؤكد فيه أن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو يقوم بزيارة الرياض والقاهرة وأنقرة ابتداء من 8 سبتمبر لمواصلة الجهود الطارئة لإنهاء الحرب الدائرة في السودان والمجاعة الناتجة عنها. وبالبناء على النجاح الأخير الذي حققته مبادرة “مجموعة التحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان”، و تستمر الأولويات الدبلوماسية، بما في ذلك تنسيق جهود حث القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية إلى السودان، و ضمان حماية المدنيين..
إذا كانت أجندة الزيارة تركز على نقطتين هما؛توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية إلي السودان، و ضمان حماية المدنيين.. رغم أن السودان وافق على دخول المساعدات، لكن تظل دواعي الشك قائمة بسبب سلوك المنظمات العالمية السابق التي استخدامت فيها الإغاثة لدخول إمدادا عسكريا للحركة الشعبية أثناء حروب جنوب السودان في مسيرتها التاريخية، و يظل الشك هو الذي يؤرق السلطة في السودان إذا لم تكن هناك أداة لإزالة الشك، خاصة، أن محاولات فرض الولايات المتحدة لوجود الأمارات على طاولة أي مفاوضات تتعلق بالحرب في السودان، حيث أن الأمارات تعتبر الداعم للميلشيا بالسلاح بشكل متواصل، فالمبعوث الأمريكي الذي حاول في بداية زياراته أن يرسل رسائل تهديد و فزاعات لكنها كلها لم تأتي بنتيجة إجابية لكي يصبح وساطة نزيهة يمكن الوثوق فيها.
في أغلبية أحاديث المبعوث الأمريكي يناشدالأطراف المختلفة التي تؤجج الصراع عليها أن تعمل من أجل دعم جهود السلام، لكن بيرييلو يرفض أن يسمي هذه الأطراف، خاصة الأطراف الإقليمية و التي خارج الإقليم، و هو يعلم تماما هذه الأطراف، و هي لا تعمل في على الدعم العسكري للميليشيا أيضا تقف داعمة لخط الميليشيا إذا كان بتحريك دول الإقليم و حتى في المنظمات، فالوسيط الذي يسعى لنجاح مهمته يجب أن يكون مصدر ثقة عند كل الأطراف، من خلال التواصل معها، و معرفة أراء كل المجموعات السودانية المختلفة داخل و خارج السودان، أما أن تكون آذنيه تلتقطان من جهة واحدة هذه مدعاة للشك و عدم النزاهة في الوساطة.
تحدث بيرييلو إذا كان ” للمركز الإعلامي الدولي في لندن التابع لوزارة الخارجية الأمريكية أو مقابلات سعد الكابلي و قناة الحرة و غيرها” بأنه التقي بالمجوعات السودانية، و بحث معهم الحرب الدائرة في السودان، و كيفية إيجاد حلول مرضية، هذا الحديث بعيد عن الحقيقة.. لآن بيرييلو جاء يحمل نفس الملف الذي اشتغلت عليه مساعدة وزير الخارجية الأمريكي ” مولي في” و الفريق العامل معها، و المتابعة كانت من قبل السفير الأمريكي السابق جون غودوفري، و هؤلاء جاءوا بفكرة “الاتفاق الإطاري” و لكن للأسف هم نفسهم كانوا وراء فشل الفكرة، لأنهم راهنوا على مجموعة واحدة بعينها دون الآخرين.. و جاء بيرييلو لكي يذهب في ذات المسار لسابقيه، و ذهب و التقى مع ذات المجموعة في كينيا و كمبالا و في أديس أببا و الأمارات، و تبنى وجهة نظرهم دون الآخرين، و عندما سمع النقد للمسار الذي يسير عليه مع مجموعة واحدة، أي كان يريد أن يفرض رؤية فشلت، لذلك إضطر أن ي1ذهب إلي القاهرة لكي يسمع من المجموعات التي في القاهرة، حتى من بعض قيادات المؤتمر الوطني..
يقول بيرييلو أن الشعب السوداني موحد، و واضح أكثر من أي وقت مضى، فهو يريد أن تنتهي الحرب على الفور. و يريد إعادة الانتقال المدني .. لا اعتقد هناك شخص في السودان يرفض الحرب أن تنتهي.. و إذا كانت أمريكا و السعودية جادتان في تنفيذ اتفاق جدة الذي كان قد وقع يمو 11 مايو 2023م كان أغلبية الشعب دعم قضية التفاوض، لكن أمريكا هي التي لم تكن جادة بالضغط على الميليشيا و سبب ذلك علاقتها المربوطة بالأجندة الأماراتية.. لكن يظل هناك سؤالا مهما يحتاج إلي إجابة من قبل المبعوث الأمريكي أ حتى من وزارة خارجيته.. هل أمريكا هي المربوطة بالأجندة الأماراتية، أم أن الأمارات هي التي تقوم بتنفيذ الأجندة الأمريكية في حرب السودان؟
يقول بيرييلو في إحدي لقاءاته ليس هناك مستقبل للميليشيا في السودان، و ملتزمون بوحدة السودان و وجود جيش محترف و قوي و موحد لكي يتمكن الشعب السوداني من تحديد مستقبله، الذي يقوله بيرييلو هي كانت شعارات الثورة التي فشلت ” الفترة الانتقالية أن تحققها” و لا اعتقد أن وجود الميليشيا سوف يساعد على عملية الاستقرار الأمني و السياسي و الاجتماعي في البلاد.. و إذا أصر بيرييلو أن تكون اتصالاته في اتجاه واحد سوف يفشل، الشعب السوداني ليس هو المجموعات الصغيرة التي تستعين بها، و تسمع منها و تعمم أنها رأي الشعب.. هذه المجموعة أذهب أنت معها للقاهرة و جعلها تخاطب السودانيين الوجودين هناك لتعرف جزء بسيط من رأي الشعب الذي ترفض أن تزوره في ولايات السودان المختلفة، و تريد أن تفرض عليه مجموعة بعينها بأسم الديمقراطية التي تمارسها أمريكا خارج حدودها.
يعلم المبعوث الأمريكي بيرييلو أفضل من جميعا أن“التحول الديمقراطي“ يحتاج إلي قاعدة أجتماعية عريضة من قبل الشعب، حتى تكون حامية لمخرجات أي حوار يصب في عملية التحول الديمقراطي.. لكن أمريكا و معها الاتحاد الأوروبي يريدون أن يفرضوا مجموعة على الشعب السوداني تحت إدعاء هؤلاء هم الديمقراطيون.. و هذا هو الطريق الذي فشل ” الاتفاق الإطاري” و قاد البلاد للحرب و لابد من قراءة أخرى.. نسأل الله حسن البصيرة