تاريخ نشأة المملكة العربية السعودية، وتأسيسها على يد مليكها الراحل “عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود”، هو تاريخ حافل بالعزيمة والإصرار والإيمان القوي بأهمية توحيد كثير من المناطق في شبه الجزيرة العربية ، سواءً كان ذلك في مناطق جنوب “نجد” و”السدير” و”الوشم” أوائل القرن العشرين ، أو في مناطق “القصيم” و”الإحساء” و”عسير” و”حائل” و”جازان” بعد ذلك ، إلى أن تمكن “الملك” المؤسس “عبد العزيز آل سعود” – رحمه الله – من ضم منطقة الحجاز بين عامي 1925 – 1930 م ، ثم تولى الحكم في أعقاب إبتعاد “الشريف حسين” عن المقعد الأول ، ليبدأ “الملك” المؤسس ترتيباته الخاصة بهياكل الدولة الجديدة ، ويعلن بأمر صدر في السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351 هجرية الموافق التاسع عشر من شهر سبتمبر عام 1932م ، عن إعلان وتوحيد البلاد ، وتسميتها بإسم المملكة العربية السعودية اعتباراً من يوم (الخميس) (21 ) جمادى الأولى 1351 هجرية الموافق (23) سبتمبر 1923م ، وذلك بعد أن كانت تحمل إسم مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها .
المملكة العربية السعودية ، ومنذ إنشائها أخذت تؤسس لإنشاء دولة حديثة ، وعملت على تحسين علاقاتها الخارجية ، على إعتبار أنها دولة ذات طبيعة خاصة لا تشابه طبيعة أية دولة أخرى ، إذ أنها تضم بيت الله الحرام في مكة المكرمة ، وتضم قبر نبي الإسلام سيدنا “محمد” – صلى الله عليه وسلم – في المدينة المنورة ، لتصبح مهوًى لأفئدة المسلمين من كل جنس ولون وبلد ، لأنها أرض الحرمين الشريفين .
وعمل الملك “عبد العزيز آل سعود” الذي قاد مقاومة عنيفة وحرباً طويلة من أجل توحيد بلاده ، استمرت لثلاثين عاماً ، عمل على إنشاء دولة عصرية حديثة ، فأهتم “الملك” المؤسس وأبناؤه الملوك من بعده بتنمية الإنسان من خلال تصحيح العقيدة المسلمة نحو التوحيد الخالص وعدم الشرك بالله العلي العظيم ، ومن خلال إنشاء دور العلم والمدارس والجامعات في كل مناطق المملكة العربية السعودية ، وتوفير كل الخدمات ، ليس لأبناء المملكة العربية السعودية وحدها ، بل للملايين الذين يفدون للأراضي المقدسة كل عام لأداء فريضة الحج ، أو لأداء العمرة في أوقات مختلفة من العام ، وللمقيمين فيها .
ويحتفل أشقاؤنا السعوديون بالسودان بعد أيام قليلة بهذه الذكرى وفي مقدمتهم سفير خادم الحرمين الشريفين سعادة السفير “علي بن حسن جعفر ”، وأعضاء البعثة الدبلوماسية السعودية في السودان ، وهو إحتفال سنوي درج سفير المملكة العربية السعودية على إقامته كل عام ، لكن إحتفال هذا العام يجيء في مدينة بورتسودان ، وقد قويت علاقة البلدين وعادت مثلما كانت من قبل ، بل أقوى في عهد القيادة الحكيمة والذكية لخادم الحرمين الشريفين الملك “سلمان عبد العزيز آل سعود” ، كما أن الاحتفال نفسه هذا العام يجئ وقد أظهر الواقع ضرورة وأهمية التضامن الإسلامي والعربي في مواجهة الأخطار الإقليمية أو الدولية ، ويجيئ الإحتفال رغم جراحات شعبنا وهناك بارقة أمل في تنجح مساعي القيادتين السودانية والسعودية في إقناع العالم بأهمية إتفاق جدة ليكون مفتاحا لحل الأزمة السودانية التي نعاني من ويلاتها .
كما يجئ إحتفال الشقيقة المملكة العربية السعودية هذا العام وقد خطت نحو المستقبل بخطوات واسعة ، وذلك من خلال الخطط والبرامج التي تعمل على تنمية الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية والتي أساسها الإنسان .
ندعو للمملكة العربية السعودية بمزيد من الإستقرار والعزم والحسم في مواجهة أعداء الإسلام ومناهضي السلام ، ونسأل الله تعالى أن يمد في عمر خادم الحرمين الشريفين الملك “سلمان بن عبد العزيز” وولي عهده الأمين وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، وأن يبارك لهما ولحكومة المملكة الشقيقة مساعيهم المبذولة لتوحيد المسلمين تحت راية واحدة ، ونهنئهم والشعب السعودي الشقيق في ذكرى اليوم الوطني السعودي أعاده الله عليهم وعلينا -أيضاً- بالخير واليمن والبركات ، ولا ننسى الوقفة الإنسانية العظيمة للمملكة مع شعبنا في محنته وفي مواجهة النتائج المؤلمة للسيول والفيضانات والأمطار خلال موسم الخريف هذا العام .
sagraljidyan@gmail.com