يوماً بعد يوم تتقدم الامم ويبذل اهلها جهداً لإعمارها، بينما يطل علينا في كل صباح في السودان بخطوة للوراء.
الشعوب حسمت امرها ووضعت نهضة بلادها في مقدمة أولوياتها، ولا زلنا في السودان نقدم المصالح الشخصية والقبيلة والجهة على البلد.
البلدان التي شهدت حرباً ضروساً وجرت الدماء أنهاراً في شوارعها، تجاوزت كل ذلك وبالعفو العام وتخطت المرارات واصبحت بلدانها نموذجاً عالمياً في كل شئ.
في السودان، انحازت المؤسسة العسكرية لثورة سلمية ووضعت يدها مع جزء من مكوناتها وكان رفض العفو وتصاعد الانتقام والإقصاء، لذلك يعود السودان للوراء.
فشل شركاء الانتقال في فترة التأسيس للبناء ، لا اكتملت مؤسسات حكم ولا تشكل جهاز تشريع،
ولا زلنا نتصارع ونتبادل الاتهامات والتخوين ونشد اطراف بلادنا بين هذا “قحاتي” وذلك “كوز”.
الشاهد ان السودان منذ التغيير المدني المحروس بالمجتمع الدولي لم يشهد مشروعاً تنموياً، ولم يتحرك فيه إنتاج ولا افتتح مصنع، فكيف ينهض؟.
لقد هرمنا في انتظار رؤية بيان بالعمل في مجال المشروعات الانتاجية، لقد هرمنا في انتظار عام دراسي مستقر، وهرمنا في انتظار نظام صحي تتوفر فيه ابسط الخدمات .. وقائمة “الهرم” تطول.
في تقديري لابد من توافق مدني عسكري على حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة تصريف اعمال تكمل الفترة الانتقالية والترتيب للانتخابات.
ان استمرار حالة الشد والجذب وتبادل التصريحات “السامة” بين المكونين العسكري والمدني سيورد البلاد موارد الهلاك، ان لم يفعل بعد.
كيف يتناسى حكامنا انهم يديرون بلداً بأهلها وشعبها فقد الآن كل مقومات الحياة الكريمة والامن والامان، بينما كل منهم في جزيرة معزولة عن الآخر.
يبدو اننا في السودان نحتاج الى تعريف جديد لمفهوم الشراكة بمعناه الشامل، فهذا الذي يجري الآن لا علاقة له بشريكين في “بقالة”.