الجيش و كيكل فرضية في لعبة السياسة

بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن الفرضيات في عملية البحث العلمي، دائما تفرضها المتابعة الدقيقة للظاهرة من قبل الباحث، و بموجب المتابع و البحث تضع الفرضيات و يتم أختبارها و بحثها. و في عملية تطبيق النظريات على الواقع تختبر النظرية و الفرضيات معا التي قادت إلي الوصول للنظرية، تجربة الحرب الدائرة في السودان، بينت أن القوى السياسية انقسمت إلي ثلاث أقسام لا رابط بينهما، كل واحدة تدور في حيز فضائي يخالف الأخريات، لذلك لا تجد هناك سبيل للإلتقاء بينهم، و طريقة تفكر فريق تختلف عن الأخريات.. في الجيش المسألة مختلفة.. عندما قال الفريق أول البرهان قائد الجيش أننا نحفر بالإبرة لكي نصل إلي الهدف، سخر البعض من المقولة، و هي فكرة لا تقوم على استعجال الزمن،بقدر ما تبنى على معرفة العوامل المؤثرة في الوصول للهدف، و هي التي تتحكم في الزمن.. لذلك في مقالات سابقة سئلت عدة مرات من الذي يصنع الحدث في السودان؟ فالجيش هو الذي يصنع الحدث.. فالذي يصنع الحدث يتحكم في طريقة تفكير الآخرين.. و يجعلهم مجبورين أن يركزوا تفكيرهم في الأحداث التي يصنعها، و يصبح تفكيرهم خاضعا لما يفكر فيه الجيش..

يعتبر كيكل عنصر الدعم السريع الذي تعتمد عليه الميليشيا في منطقة شرق الجزيرة و أرض البطانة حتى المناطق المتاخمة إلي شرق السودان، من ناحية مناطق القضارف و كسلا و حتى تخوم ولاية نهر النيل.. أن تعطيل هذه الحركة إذا كانت بهزيمة الميليشيا في المنطقة أو من خلال تفاهم مع قائد الميليشيا في المنطقة، هي مكسب كبير للجيش، باعتبار أن الجيش كان عليه أن ينشر عشرات الآلف من عناصر الجيش و الأمن و الشرطة و المستنفرين و المقاومة الشعبية.. و لا اعتقد أن الجيش عقد اتفاقا مع كيكل فقط لكي يترك سلاحه و يذهب لحال سبيله، أنما يتعاون مع الجيش لمعرفة عناصر الميليشيا في المنطقة و المتعاونين و الخلايا النائمة و طرق الإمداد و غيرها، و هي التي تؤمن المنطقة و يستطيع الجيش أن يحرك قواته في المنطقة من خلال معلومات حقيقة… فالذين يعتقدون أن كيكل عنصر من عناصر الميليشيا لا فائدة منه، هؤلاء قاصري النظر، فالرجل كان يتحرك في فضاء واسع و معرفة بالدروب و الطرق، و أيضا معرفة بالطرق التي يأتي منها الدعم العسكري للميليشيا المنتشرة في ولاية الجزيرة..

أن التفاوض مع كيكل و جذبه للعمل مع الجيش سوف يفتح طريقا سوف تسلكه العديد من القيادات في الميليشيا، و التي تريد أن تخرج من دائرة الحرب، و كل ما زادت عملية الخروج من الميليشيا سوف تقدم معلومات أكثر تساعد الجيش على عمليات التوسع و السيطرة.. كما في الأبحاث العلمية أن الفرضيات الصغيرة ربما يكون لها أثرا كبيرا في الوصول للهدف… فالذين يسخرون من تفاوض كيكل و كسبه لصالح الجيش، هؤلاء لا ينطلقون من رؤية لهم بقدر موقفهم السالب من الجيش، فالرؤى التي تنطلق من المواقف السالبة لا تنظر إلا في حدودها السالبة.. فالمسألة ليست كيكل كشخصية و لكن كيكل الذي يختزن المعلومات المهمة عن الميليشيا و حركتها… نسأل الله حسن البصيرة…

الزينصالح