بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن الزيارة التي قام بها اللواء عبد الرحمن الصادق المهدي إلي مسجد الانصار في ود نوباوي و الكلمة التي القاها على المستقبلين و طالب فيها الدول الداعمة للميلشيا أن ترفع يدها، و توقف الدعم لها، كما أكد أن الوقوف مع القوات المسلحة هو الوقوف مع الوطن و وحدته.. أن استقبال جماهير الانصار له في المنطقة و هتافهم ” سوف نعيد سيرتها الأولى و أنت لها” تؤكد أن هناك تحول جديد سوف يكون داخل مؤسسة الحزب، و أن القيادات التي كانت داعمة للميليشيا و مناصرة لها و للقوى الخارجية صاحبة مشروع الحرب، هي وحدها التي سوف يتراجع دورها في المستقبل..
كما ذكرت تكرارا أن الحرب ليس فسحة تنتهي دون أن تحدث تغييرات جوهرية في الساحة السياسية، و أيضا في القيادات، لآن الحرب سوف تظهر قيادات جديدة في كل دوائر الأحزاب الداعمة للحرب، و غير الداعمة لها.. و زيارة عبد الرحمن الصادق ليس زيارة عادية أنما لها مدلولات سياسية، حاول أن يضمنها عبد الرحمن في كلمته كرسائل مستقبلية للعملية السياسية، و إشارته بأن ترفع القوى الخارجية الداعمة للميليشيا يدها عنها، أيضا إشارة بأن ترفع يدها عن القيادات السياسية التي تدور في فلكها، و هي الرسالة المبطنة.. و تأكيد عبد الرحمن وجوب الوقوف مع الجيش في هذه الحرب حماية الوطن، إشارة أن القيادات القادمة يجب أن تكون متسقة مع هذه الدعوات.. أن عبد الرحمن قد أختار الزمن الصاح الذي يرسل فيه رسائله، التنبأ ان المعركة القادمة تتكيء على ما أشار إليه عبد الرحمن الصادق..
معلوم تماما أن حواضن الميليشيا تتواجد في مناطق نفوذ حزب الأمة القومي، و أن منطقة دارفور كانت تمثل عمقا لنفوذ الحزب، و الحرب سوف تخلق وضعا جديدا و تحولات كبيرة في المنطقة، و هي خصما على حزب الأمة، و لكن بعد ما أدركت بعض القيادات المدنية و السياسية في المنطقة أن الميليشيا تشكل ضررا كبيرا بأهل دارفور و كردفان، و بدأت تتحرك تجاه عزل القيادات الأهلية المؤيدة للميليشيا و الدعوة لنبذ الحرب و إلقاء السلاح و تأييد القوات المسلحة، و بدأت هذه القيادات زيارة بورتسودان و مقابلة رئيس مجلس السيادة و اعضاء المجلس لكي تؤكد دعمها.. هي الأرضية التي أنطلق منها عبد الرحمن الصادق لكي يحاول أن يعيد ترتيب البيت و الحزب من خلال منظور جديد يتوافق مع مستقبل العملية السياسية، و يؤكد أن جماهير الحزب ليست داعمة للميليشيا بل هي فئة صغيرة كانت تجري وراء مصالحها الخاصة.. أن زيارة عبد لرحمن زيارة لها بعدها السياسي..
في الجانب الأخر من المشهد السياسي جاء في الخبر أن إبراهيم الميرغني المتواجد الآن في الأمارات سعى من خلال دعوته لعدد من مراكز الدراسات و البحوث في الأمارات أن يجمع بين التيارين ” التجمع الاتحادي” و مجموعة الحسن الميرغني ” الحزب الاتحادي الأصل” و معلوم أن الأجهزة الاستخبارية في العالم تتخذ بعض مراكز البحوث و الدراسات مقرا لبعض انشطتها السياسية، و انجاز العديد من مهامها.. و أن هذه الدعوة إذا تمت بالفعل تكون الأمارات تبحث لها عن تواجد سياسي في السودان من خلال استمالة عدد من عناصر الأحزاب التقليدية التي تعتقد أنها سوف تشكل حضورا في أي تشكيل وزاري قادم..
و هي مسألة استباقية بعد ما بدأت بعض الدول الغربية تغير قناعتها في السياسة التي كانت تتبعها منذ سقوط الإنقاذ في السودان، و تبدأت تظهر إدانات واضحة للميليشيا و دعوات تصنيفها ميليشيا إرهابية.. لكن السؤال موجه للشق الثاني في ” الاتحادي الأصل” ما هو موقفه من هذه الخطوة، و خاصة من دولة الأمارات التي تعتبر الداعم الأساسي للميليشيا و مشاركة في تدمير السودان، السكوت عن الدعوة و عدم رفضها، و أيضا عدم أتخاذ موقفا واضحا منها، يجعل المرء يفسر ذلك أن قيادة الطائفة تريد أن تلعب على كل الحبال لتضمن لها وجودا في كلا الحالتين..
أن المواقف الرمادية في الحرب سوف تخصم كثيرا من أي حزب، و إبراهيم الميرغني كان قد تحدث في مؤتمر ” تقدم” بأنه ممثلا للحزب “الاتحادي الأصل”دون أن تخرج أية يضاحات من قبل الجناح الأخر الذي يقوده شقيقه جعفر الميرغني، كأن هناك تبادل لأدوار بين الأثنين واحد يقف مع الجيش و الأخر مع الميليشيا، و هذه مواقف انتهازية بعيدة جدا عن المباديء التي أسس عليها الحزب منذ خسمينيات القرن الماضي.. خاصة أن القيادات الموجودة الآن تتنقل بين الجانبين، و إبراهيم الميرغني كان يشكل ركنا في مجموعة جعفر قبل أن يذهب إلي الحسن الميرغني.. و معتز الفحل كان مع الحسن قبل أن ينتقل إلي جعفر.. الأمر الذي يطرح سؤلا هل هي تبادل للأدوار أم بالفعل هناك شرخا كبيرا في بيت الميرغني أدى لهذه المواقف؟.. رغم أن جعفر كان من أوائل الذين أصدروا بيانا في بداية الحرب مؤيدا للقوات المسلحة.. الكل يعرف أن يعرف ما هي الحقيقة… نسأل الله حسن البصيرة..