بقلم: مصطفى ابوالعزائم
حقيقة لم يفاجئني قرار بنك السودان المركزي، الخاص بتغيير العملة، وطباعة أوراق نقدية جديدة، فالأمر كان متوقعاً، خاصة بعد الهجوم على مقر بنك السودان ، ومطابع العملة مع بداية الحرب ، ونهب كل المخزون من النقد وغيره آنذاك.
جلست لأول مرة قبل نحو تسعة أشهر إلى محافظ بنك السودان المركزي، السيد برعي الصديق علي أحمد، وعدد من الزملاء، في جلسة إمتدت لساعات.
وكان إلى جانبه كبار معاونيه في الإدارات المختلفة للبنك المركزي، وقد تحدث إلينا وقتها السيد المحافظ عن سياسات البنك المركزي، التي وقف عليها المحافظ وكبار معاونيه من المختصين داخل البنك، وكيف كان تعاملهم مع الظرف الإستثنائي الذي مرت به بلادنا، ولا زالت تمر به بسبب الحرب التي إندلعت في أبريل من العام الماضي.
خرجت وكثيرون ممن شارك في تلك الجلسة ، بأن أولى بشارات النصر كانت تتمثل في ما قام به بنك السودان المركزي الذي صمد وثبت مثله مثل أي قوة صلبة ومسلحة، في وجه عدوان غاشم غير متوقع، ونجح في توفير متطلبات الصمود والمواجهة، من تسليح وتشوين وتوفير لكل المتطلبات، من خلال سياسات مالية وشراكات إقتصادية داخلية وخارجية قفزت ببلادنا فوق سدود وأسوار الحرب.
الآن ، وبعد هذه الفترة الطويلة من ذلك اللقاء الأول ، قيض الله لنا لقاء ثانياً مع السيد المحافظ – قبل أسبوعين – قدم لنا رفقة الزملاء الأساتذة المسلمي الكباشي مدير مكتب قناة الجزيرة في السودان ، ومحمد الفاتح أحمد نائب رئيس الإتحاد العام للصحفيين السودانيين، وشاعرنا الكبير مختار دفع الله ، وعادل سنادة صاحب الطاقات المتجددة ، ومهندس ذلك اللقاء، قدم لنا تنويراً وإضاءات مهمة ، وشرحاً حول تطورات طباعة العملة الجديدة ، والجهة التي تقوم بذلك ، وقدم تفاصيل ما كان لنا بها لولا تلك الجلسة ، وذلك اللقاء.
خرجت شخصاً بقناعة تامة، بأهمية تغيير العملة، وهو أمر طالب به الكثيرون منذ بداية الحرب، وكان البعض يرى أنه من الأمور التي لا تحتمل التأجيل.
تناول السيد المحافظ في بعض حديثه، سياسات البنك المركزي، الخاصة بإستقرار سعر الصرف ، ومنها إلزام شركات إستيراد المشتقات البترولية ، بالتعامل مباشرة عن طريق البنك المركزي لتوفير حاجتها من النقد الأجنبي ، وهو ما أسهم فى إستقرار سعر الصرف، وعمل على تحجيم التعامل في السوق السوداء للعملات الأجنبية، وقد ظهر تأثير ذلك في إنخفاض سعر الدولار والعملات الأجنبية أمام الجنيه السوداني ، وعزز الثقة في العملة الوطنية.
إنتهت الجلسة وخرجنا منها نترقب تحسناً ظاهراً ومحسوساً في إقتصادنا الذي هو إقتصاد حرب في المقام الأول، ليصبح المطلوب اليوم وغداً وبعده، تحقيق المزيد من الإستقرار الإقتصادي ، وتعزيز الثقة أكثر في عملتنا الوطنية ، ومحاصرة التضخم ، ومقاومة ومحاربة العوامل المؤثرة فيه ، خاصة وإن قرارات البنك المركزي ، جاءت بعد تفعيل محفظة السلع ، لمدة تجاوزت الثلاثة أشهر ، ونأمل كثيراً في أن تتحقق الأهداف المرجوة من تطبيق وتنفيذ سياسة تغيير العملة ، خاصة وأنها جاءت في وقتها ، رغم ان البعض يرى أنها تأخرت بعض الشيء.
تحية لبنك السودان المركزي ولإدارته الواعية المسؤولة ، ولكل العاملين فيه ، لأنهم كانوا بشارات النصر المنتظر ، بإذن الله تعالى.