في منتصف الأسبوع الأول من نوفمبر الحالي 2024 م ، كنت قد تلقيت دعوة كريمة من القوات المسلحة السودانية ، لأكون أحد شهود إفتتاح ورشة بعنوان : (إلتزام القوات المسلحة السودانية بالقانون الدولي الإنساني ، وحقوق الإنسان في الوضع الراهن) ، فوجدت نفسي سعيداً بالدعوة التي ستتيح لي فرصة التعرف عن قرب على موقف القوات المسلحة ، من قضية أضحت مثار التداول ، ما بين الخواص والعموم ، والأصدقاء والخصوم .
مكان إنعقاد الورشة كان في مجمع الوزارات الجديد بمدينة بورتسودان ، فتوجهت رفقة عدد من زملاء أعزاء إلى هناك ، قبل الموعد المحدد بوقت كاف ، فوجدت عدداً من زملاء وزميلات المهنة هناك ؛ فتأكدت أن الجهة المنظمة تعلم تماما الأدوار التي يلعبها الإعلام والصحافة ، في جانب توضيح الصورة ونقلها إلى المتلقي ، ولم أعجب عندما وجدت صديقنا العسكري المضبط ، والعالم والباحث الأكاديمي المختص ، السيد اللواء الركن الدكتور أبوبكر فقيري ، ضمن المجموعة التي تستقبل الحضور ، الذي تشكل من ممثلين للمنظمات الوطنية والأجنبية ، والمجالس ذات الصلة بحقوق الإنسان والقانون الدولي ، غير عدد مقدر من الملحقين العسكريين للدول الشقيقة والصديقة المعتمدين بالسودان .
شهدنا الجلسة الإفتتاحية ، والتي جاءت كافية وافية ، شهدها وخاطبها الفريق المهندس بحري مستشار إبراهيم جابر ، عضو مجلس السيادة الإنتقالي ، والتي جاءت تحت رعاية وزير الدفاع الفريق أول ياسين إبراهيم ياسين .
تطرق الفريق إبراهيم جابر إلى إنتهاكات وممارسات الدعم السريع ، خاصة في دارفور والجزيرة ؛ والجرائم المتصلة بالإبادة الجماعية والإغتصابات ، وبيع النساء سبايا ، وتجاوز كل الخطوط الحمراء … مشيراً في ذات الوقت إلى تاريخ الجيش السوداني ، الحافل بالوقوف إلى جانب حقوق الإنسان ، ومؤكداً في ذات الوقت على أن القوات المسلحة السودانية تقاتل من أجل تثبيت أركان الدولة ، وحمايتها.
تحدث في ذات الجلسة وزير العدل ، الدكتور معاوية عثمان محمد خير ، وقد أكد أن القوات المسلحة تمارس ولايتها الواردة في قانون القوات المسلحة ، والمنصوص عليها في المادة الثالثة المشتركة من إتفاقيات جنيف لسنة 1994 م ، والبروتوكول الإضافي الثاني الخاص بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية ، في الدفاع بكافة الطرق المشروعة عن الوحدة الوطنية وسلامة أراضيها.
وقد دعا في ذات الوقت إلى المجتمع الدولي إلى إحترام سيادة الدولة على أراضيها ووحدتها الإقليمية ، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ، ومسؤوليتها في الحفاظ على النظام والقانون ، بإعتبارها مسألة داخلية بحتة ، تخص الدولة وفق ما ورد في البروتوكول الثاني من إتفاقيات جنيف.
إستمرت الورشة لمدة يومين ، وتسلم وزير الدفاع في ختامها التوصيات التي أكد على أنها ستكون محل إهتمام الجهات المختصة ، على أن دفعة تصب في إتجاه تعزيز قدرات القوات المسلحة في مجال حقوق الإنسان ، والقانون الدولي الإنساني .
وجدت ورشة ” إلتزام القوات المسلحة السودانية بالقانون الدولي الإنساني في ظل الوضع الراهن” وجدت إهتماماً كبيراً من المشاركين ومن المتلقين ، ويبدو أننا بدأنا في قطف ثمارها داخل جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة ، التي أقعدت المشروع البريطاني عن التقدم بالفيتو الروسي ، وربما بالتقارير التي سبقته إلى بقية دول العالم عن طريق ملحقيها العسكريين الذين شاركوا في تلك الورشة ، والتي نعتبرها واحدة من أكبر إنتصارات الجيش السوداني ، إلى جانب ما حققه ويحققه من تقدم في ميادين القتال .