بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ” لقناة القاهرة الأخبارية” أن مصر بصدد استضافة جولة ثانية لمؤتمر القوى السياسية المدنية، على أن تشارك في الجولة الثانية كافة الفصائل و القوى السياسية السودانية، و أن القاهرة ستقدم كل ما يسهم في إعادة الاستقرار للسودان و وقف الحرب و حقن دماء السودانيين.. و أضاف أن الحوار المزمع إقامته يجب أن لا تتدخل فيه الإملاءات الخارجية.. أن الحرب الدائرة الآن في السودان بسبب التدخلات الخارجية منذ تكوين ما يسمى ب “الرباعية و الثلاثية و البعثة الأممية” التي خلطت الأجندة الوطنية بالأجندة الخارجية، و التي أصبحت فيما بعد هي الأجندة التي تزيد الحرب اشتعالا، دعما للميليشيا عسكريا و ماديا و سياسيا، و للأسف مع توظيف قيادات سودانية في تحقيق الأجندة الخارجية، مثل هؤلاء كيف ينظر إليهم في مستقبل العملية السياسية؟
أن عقد جلسة حوار بين الأطراف السودانية المدنية، مسألة مهمة، و يجب أن يسمع المجتمع السوداني ما هي الأجندة التي تحملها القوى السياسية بهدف تحقيق الأمن و الاستقرار في البلاد.. خاصة أن هناك قوى سياسية جعلت نفسها مطية للنفوذ الخارجي، و هؤلاء كانوا جزءا من الحرب، و شاركوا الميليشيا في التعدي على المواطنين الأمنين، هؤلاء لابد أن تطالهم المساءلات القانونية مثلهم مثل قيادات الميليشيا المسؤولين على كل عمليات الإبادة الجماعية و التعدي على ممتلكات المواطنين و الاغتصابات التي تمت، و التهجير القسري..
القضية الأخرى: أن هناك قيادات سياسية تتلون حسب المصالح الخاصة التي تسعى إليها، و هؤلاء لن يصبحوا مفيدين لآ للعملية السياسية و لا لعملية إعادة التعمير في البلاد.. أن الحوار يجب أن تكون له أجندة واضحة، و ليست مرتبطة بالحكم دون شرعية دستورية، أي حديث عن فترة انتقالية تشارك فيها قوى سياسية دون انتخابات، هي عودة مرة أخرى إلي العنف في البلاد.. و أي أجندة تطرح بهدف عودة الميليشيا مرة أخرى لكي تلعب دورا عسكريا أو سياسيا مسألة غير مقبولة لقطاع واسع من السودانيين، و خاصة الشباب الذين وقفوا مع القوات المسلحة في ميادين القتال كتفا بكتف..
أن السودان بعد الحرب سوف تتغير فيه كل الأجندة السابقة، و أيضا الشعارات التي كانت مرفوعة و الفارغة من المضامين، التي تكشف عن عجز القيادات التي قادت العملية السياسية قبل الحرب، أن انتصارات الجيش في العديد من مناطق العمليات الآن، و تصريحات قيادات الجيش لابد من سودان خالي من أثار الميليشيا، يؤكد أن الهدف هو كسر شوكة الميليشيا، و إبعادها تماما من أي دور في المستقبل.. أن تحقيق هذا الهدف هو وحده الذي يعبد الطريق إلي السلام الاجتماعي و الأمن في البلاد و تحقيق شعار عملية التحول الديمقراطي.. و هزيمة الميليشيا تعني هزيمة كل الشعارات التي صاحبتها.. الأمر الذي يؤدي إلي بروز قيادات جديدة يصنعها الموقف الوطني و النضالي و التضحيات التي تقدم في ساحة المعارك بهدف بقاء السودان موحدا.. الغريب في الأمر أن الحوارات محصورة فقط في ملف واحد كيف يصل هؤلاء المشاركين في الحوار للسلطة دون أن يكون هناك قولا فصلا للجماهير..
معلوم أن رغبة القاهرة في جمع عدد من القيادات السياسية في حوار سوداني سوداني دون أي مطالبات بالإقصاء لفصيل بعينه فكرة متقدمة حتى على أفكار قيادات سودانية تقف في منطقة أوسطى، و هي الخطوة التي نجح فيها مؤتمر القاهرة في يوليو الماضي، و لكن للأسف بعد ذلك الحوار ذهبت مجموعة تنادي بالتدخل الدولي في السودان، و تنادي أيضا بتدخل تحت البند السابع، و كلها دعوات كانت تقف وراءها دولة الأمارات بتنفيذ بريطاني و دعم أمريكي، مثل هذه الأجندة الخارجية التي توظف فيها قيادات سودانية تشارك في مثل هذه الحوارات دون أن تقدم لها مساءلة من قبل القيادات الأخرى، تبين حالة الضعف السياسي التي تعاني منه القوى السياسية، و تبين أن الحوارات تنتهي بإنتهاء الحوار دون أي هدف يمكن يسهم في تغيير في المسرح السياسي مستقبلا.. و لكن أيضا يمكن القول أن الحوار مفيد لأنه يكشف أجندة القوى السياسية، و أيضا يكشف كيف تفكر هذه القيادات.. نسأل الله حسن البصيرة