هل الأحزاب مؤهلة لقيادة عمل سياسي؟

*الأحزاب.. أداء ضعيف

إن الأغلبية التي سوف تقرأ السؤال لن تعطي نفسها فرصة للتأمل في صيغة السؤال، والمغذى منه.

وسوف تستعجل بالقول؛ إن سؤال الكاتب يؤكد أنه يريد أن يقدم عزرا للجيش لكي يحكم البلاد.

وآخرون يسيرون في ذات الاتجاه، لكن يضعون الوصفة السائدة، هو من “الفلول والكيزان” وهي وصفة هروب.

لأنهم لا يريدون أن يحملوا عقولهم طاقة يعلمون أنهم لا يمتلكونها..

إذا كانت الحرب في الأصل هي نتيجة لإخفاق القوى السياسية، وفشلها في إدارة الأزمة بغض النظر عن التحديات التي كان يواجهونها.

 لآن السياسي يجب أن يكون مؤهلا لمواجهة التحديات وكيفية التعامل معها..

فإذا كان يمتلك القدرات السياسية المطلوبة كان قد جنب البلاد الإنزلاق إلي الحرب.

فذات القيادات أيضا لا تستطيع أن توقفها بعد اندلاعها، لأنها لا تملك القدرات التي جعلتها تتجنب اندلاعها.

ومن هنا يأتي الدخول في الإجابة على السؤال..

إن التجربة أثبتت ضعف القيادات التي قدمت بعد نجاح ثورة ديسمبر بعد إسقاط النظام.

والأداء الضعيف الذي تم، هو الذي سمح إلى أجهزة الأمن الخارجية والسفارات أن تمد ارانب أنوفها في الشأن السياسي للبلاد..

*تقييم قادة الأحزاب

إذا أراد البعض أن يجاوب على السؤال على منهج نقدي، يجب عليه النظر بموضوعية في التأهيل السياسي للقيادات.

لابد من معرفة الخبرات التي أكتسبتها في مسيرتها السياسية، والتحديات التي واجهتها في تاريخها السياسي، وهل استطاعت الانتصار عليها أم هزمت أمامها.

إلى جانب معرفة الطريقة التي صعدتها من القاعدة إلي قيادة الحزب هل كانت ديمقراطية أم ولاء أو طائفية أو شللية. 

ويجب معرفة إذا كانت هناك أنتقادات قدمتها في مسيرتها السياسية للظواهر التي واجهتها، أو انتقادات قدمتها داخل مؤسستها السياسية. 

ومعرفة الحوارات الفكرية والسياسية التي مارستها في الهواء الطلق مع الجمهور وداخل التنظيم، والأفكار التي قدمتها في مسيرتها السياسية لحل المشكلات.

هذه بعض من الأسئلة عديدة تطرح لتقييم السياسي إذا كان يصلح أو لا يصلح لقيادة العمل السياسي.. وهي تبين أيضا مساحة الحرية داخل الأحزاب السياسية..

*تنظيم هياكل الأحزاب

يقول الدكتور محمد بشير حامد الذي كان أستاذا للعلوم السياسي في جامعة الخرطوم عن الأحزاب السياسية:

(إن الأحزاب السودانية في حاجة ماسة لإعادة تنظيم هياكلها بحيث تحقق الممارسة الديمقراطية الداخلية في أجهزتها.

فأحتكار القيادات التقليدية للسلطة داخل أحزابها له نفس الأثر السلبي لتكالبها من أجل الأنفراد والمحافظة على السلطةعند وصولها للحكم.

فالانفتاح السياسي حزبيا هو المرادف الديمقراطي للانفتاح السياسي القومي أي أن تداول السلطة بين الحكومة والمعارضة يعتمد اساسا على الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب).

وفي ذات الموضوع يقول عميد الصحافة السودانية الأستاذ محجوب محمد صالح في تناوله للديمقراطية الحزبية في السودان تحت العنوان ” مستقبل الديمقراطية في السودان يقول عنها:

(إن احزابنا جميعا وبلا استثناء في حاجة إلى وقفة صادقة مع النفس لتراجع أداءها، و لتبحث في مجمل أوضاعها. 

ولتحقق الديمقراطية في داخلها أولا قبل أن تبسطها في المجتمع، أنها باوضاعها الحالية وبنهجها الحالي وبأساليبها الموروثة غير قادرة ولا مؤهلة لتحقيق الديمقراطية المستدامة). 

قال الدكتور عمر نور الدائم الذي كان قياديا في حزب الأمة لجريدة الاتحاد التي كانت تصدر في القاهرة:

(إذا الأحزاب لم تتمكن غدا من تطوير نفسها وقدمت أداء يعمل على تطوير السودان ويرضى عنها الناس فإنها معرضة للإنحسار، وسوف تجيء قوة سياسية بديلة لها).

وذهب في ذات الاتجاه عبد الماجد أبو حسبو والذي كان قياديا في الحزب الاتحادي الديمقراطي في مذكراته:

(ليس للأحزاب السودانية جميعا بكل أسف برامج مدروسة محددة تجمع الناس حولها.

فقد كانت برامج الأحزاب قبل الاستقلال هي التحرر من الاستعمار وهذا أمر مفروغ منه.

إلا أن الأحزاب بعد ظلت حتى بعد فترة الاستقلال دون برامج مدروسة ومحددة).

وكان الصادق المهدي قالها لمجلة السياسة الدولية (إن الأحزاب تنقصها شروط مطلوب توافرها لتقوم بدورها الازم).

بعد خروج غازي صلاح الدين من “المؤتمر الوطني” في سبتمبر 2013م وفي جلسة حضرتها شخصيا قال غازي:

(إن التجربة في الإنقاذ قد علمتنا أن أنفراد حزب واحد بالسلطة مسألة مكلفة للبلاد وللعملية السياسية لأنها تضعف العمل السياسي ولا تتيح للقوى السياسية أن تجدد نفسها).

وكرر كثيرا القيادي في حزب البعث محمد علي جادين (إن الضعف السياسي إذا كان في السلطة الحاكمة أو في الأحزاب سوف يكون له أثرا سالبا على مجريات العمل السياسي في السودان).

*رؤية لينين للأحزاب

أما الزملاء لا يستطيعون أن يقدموا رؤية للأحزاب غير رؤية لينين بأنه (طليعة الطبقة العاملة ويستوعب خير عناصرها).

وتؤكد الماركسية أن الحزب يعتبر أحد عناصر البناء الفوقي للمجتمع..

فالزملاء تمسكوا بأنه أحد عناصر البناء الفوقي وظلوا يتعاملوا مع الآخرين من هذه الفوقية التي جعلتهم خارج دائرة الأحداث ولا يؤثرون فيها.

ياليتهم كانوا قرأوا مذكرة الخاتم بوعي بعيدا عن الحساسية ” قد أن أوان التغيير” ولكن النرجسية لا تجعلهم النزول لمعرفة مجريات الواقع.

*الأحزاب السودانية

إن الأحزاب السودانية دون استثناء كما قالها عبد الماجد أبو حسبو من قبل تعاني حالة من الوهن والضعف. 

ليس سببها عوامل خارجة عن دائرة تنظيماتها، ولكن صعود قيادات ضعيفة حتى في قراءتها للواقع ومجرياته يعد سببا في ذلك.

الأحزاب الطائفية رفعت قيادات لا تملك من المؤهلات غير الولاء الطائفي وقد اقعد بها.

والحركة الإسلامية الآن أصبحت أحزابا متعددة كل بمالديهم فرحين.

أما اليسار إذا كان ماركسيا أو قوميا صعدت للهرم قيادات لاتملك مؤهلات هذا الصعود إلا الشللية.

أما الأحزاب الجديدة فضلت أن يكون لها رافعة في الخارج بديلا للجماهير، وكما قال بابكر فيصل لقريب الله ومجموعته أن 100 دولار لا تؤسس حزب. 

لأنه يحتاج لمبالغ كبيرة.. هذا هو سبب ضعف الأحزاب.. نسأل الله حسن البصيرة.

* بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن

 

*للمزيد من الأخبار أضغط صحوة نيوز

انضم لقروبنا في الواتساب

صفحتنا على الفيسبوك

 

الأحزابالزينزين العابدين صالحصالح
Comments (0)
Add Comment