إن أية مبادرة أو دعوة لـ(مؤتمر) تتبناه الحكومة البريطانية يتعلق بشأن الحرب الدائرة في السودان.
لا يخرج من دائرة التأمر الذي تقوده الأمارات، ويكون الهدف منه هو إيجاد سبل لوصول مساعدات للميليشيا.
أو محاولة لتبيض وجه الأمارات من الاتهام الموجه لها ليس من قبل السلطة والشعب السوداني.
حتى لتقارير أجهزة الإعلام والصحف والمنظمات العالمية.. إن التجربة أثبتت كل ما تقوم به الحكومة البريطانية.
إذا كانت عمالية أو ليبرالية هو الوقوف إلى جانب الأمارات صاحبة الاستثمارات والتجارة الكبيرة مع بريطانيا.
وليس عطفا على المواطنين الذين تقتلهم وتشردهم الميليشيا.. وأيضا مناصرة لحفنة من القيادات السياسية.
الذين جعلوا أمالهم في العودة للسلطة مرتبطة بالضغط على الشعب والجيش من قبل القوى الخارجية.
لذلك تجد الأمارات ساعية سعيا حثيثا أن تجعل المجتمع الخارجي يضغط على السلطة في السودان لكي توافق على التفاوض مع الميليشيا.
هدف مؤتمر لندن
ومعلوم أن الهدف ليس التفاوض ولكن الوصول إلى “تسوية سياسية” تعيد الوضع الذي كان قبل الحرب.
وهو السعي الذي تقوم به الأمارات والذين يدورون في فلكها من القيادات السودانية، ودائما يتعثر المسعى وتبدأ في أخر.
وعلى الأمارات والذين تعول عليهم يجب أن يدركوا أن الوصول للسلطة عبر العودة للوضع السياسي ماقبل الحرب أصبح مستحيلا.
في الـ(مؤتمر) قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (إن تحقيق السلام سيستغرق وقتا وجهدا دوليا متجددا ودبلوماسية صبورة.
ورغم انه وصف الحرب بالوحشية).. وجاء على لسان بعض الوفود:
(أن المؤتمر لا يمثل محاولة للتوسط أو التعهد بتقديم المساعدات، بل يهدف إلى تحقيق مزيد من التماسك السياسي بشأن مستقبل السودان).
إلا أن نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي كان أكثر وضوحا في كلمته التي قال فيها:
(إن السعودية تحذر من الدعوات التي تنادي بتشكيل حكومة موازية، أو أي كيان بديل.
باعتبارها محاولات غير مشروعة تهدد المسار السياسي، وتعمق الانقسام ،وتعرقل جهود التوصل إلى حل وطني شامل).
إن المحاولات التي تقوم بها الأمارات والدول التي توظفهم من أجل أجندتها قد فشلوا في كل محاولاتهم.
من خلال مؤتمرات في دول أوروبية أو منظمات دولية.. وكما يقول المثل “صاحب الحاجة أرعن”.
إن التدخلات الخارجية التي كانت عبر السفارات أو عناصر أجهزة المخابرات التي استباحت أرض السودان في الفترة الانتقالية.
هي التي كانت سببا جوهريا في تعقيد المشكل الذي أدى للحرب..
وتدخل الدول مرة أخرى عبر ممثليها في السلك الدبلوماسي أو المخابرات لا تخدم عملية السلام والاستقرار في السودان.
لأن هذه الدول لا تعمل إلا من أجل مصالح أجندتها أولا..
معلوم أن القيادات السودانية التي تعلقت قلوبها بالسلطة، واصبحت لا ترى غير مصلحتها، هي أيضا تعد سببا في تعقيد المشكل.
بيان “صمود” للمؤتمر
إذا يخرج رئيس تحالف “صمود” ببيان للمؤتمر يبين فيه غضبه بالشكوى التي قدمها السودان ضد الأمارات في المحكمة الدولية.
وكان أحد من رفقاء حمدوك جالسا مع هيئة الدفاع الأماراتية في المحكمة الدولية.
كما جاء على لسان مريم الصادق في اللقاء الذي أجرته معها قناة ” BBC” أن يكون السودان خطرا على الدول التي تحيط به، لذلك تطالب المجتمع الدولي بالتدخل.
في الجانب الأخر من المشهد السياسي؛ نجد أن المسيرة الجماهيرية الكبيرة التي دعا إليها تجمع السودانيين الشرفاء بالخارج.
قد عبرت تماما عن المجتمع السوداني، وبينت للعالم كله أين يقف اغلبية السودانين في الحرب الدائرة في بلادهم.
وخاصة أن المسيرة أيدت القوات المسلحة ووقوف الشعب معها، وأدانت التدخل الأماراتي في الحرب بدعمها المتواصل للميليشيا.
عكس مجموعة صمود التي كانت قد نشرت إعلانا لقيام ندوة للسودانيين في لندن، وللأسف أن الندوة كانت في نطاق ضيق.
وكانت محروسة من قبل البوليس حتى لا يسمح بدخول ما تعتقد أنهم سوف يثيروا نقاشات ربما تفسد الهدف المطلوب منها.
إلا أن المسيرة التي جاء إليها الناس من كل فج عميق في بريطانيا، وبعض دول أوروبا.
كانت رسالة بليغة، عكست بصورة حية مطالب الشعب، بأن تبتعد الأمارات من المشكل السوداني، وتوقف دعمها العسكري واللوجستي إلى الميليشيا.
والحوار السياسي السوداني داخل السودان هو الطريق الوحيد للحل والوصول لتوافق وطني.
التدخل الخارجي
إن التدخل الخارجي في الشأن السياسي السوداني بهذه الكثافة، والذي يحصل لأول مرة في تاريخ السودان منذ الاستقلال.
سوف لن يؤدي إلى الاستقرار في البلاد، لآن التدخل لا يخدم الأجندة السودانية بل يخدم مصالحه.
وعلى القيادات السياسية السودانية التي تعتقد الخارج وحده سوف يشكل لها رافعة للسلطة لا تدرك مخاطر هذا المسعى.
لذلك يجب بعد وقف الحرب أن يكون طريق السلطة طريقا واحدا هو صناديق الاقتراع التي يقول فيها الشعب كلمته.
لآن أية حكومة مدنية حزبية في الفترة الانتقالية سوف تكون فتح باب أخر للصراع الصفري… نسأل الله حسن البصيرة.
*بقلم:زين العابدين صالح عبد الرحمن
أقلام: صحوة نيوز