السودان الجديد يتخلق و لكن؛ برؤية من؟

يخطيء من يعتقد أن السودان الجديد بعد الحرب هو نفس السودان قبلها، والحرب سوف تدفع بالعديد من الأجيال الجديدة إلى الواجهات السياسية.

إذا كانذلك بسبب إعادة تأهيل وإصلاح البناءات السياسية القديمة، أو تأسيس أحزاب جديدة تتماشى مع المرحلة الجديدة. 

فالصراع السياسي الذي قاد إلى الحرب، وجعل الدولة نفسها في حالة تحدي للبقاء موحدة ومستقلة.

تحديات الحرب في السودان

أو يؤدي إلى تقسيمها واحتلالها من قبل الدول الطامعة في ثروتها، هذه الحرب وما فرضته من تحديات.

أيضا قسمت المواطنين خاصة الشباب إلي ثلاث فئات.. فئة وهي الأغلبية قبلت التحدي، واستنفرت نفسها.

وحملت البندقية دفاعا عن الوطن، وهي مدركة أن حمل البندقية فيه خيارات عديدة أولها الموت فداء للوطن.

والثانية الإصابة بحالة العجز، والثالثة النصر.. وفئة ثانية فضلت أن تكون مطية للدول الطامعة.

ملامح السودان الجديد

ولا يهمها أن يصبح الوطن موحدا أو مستقلا، هي تبحث عن مصالح ذاتية تعتقد أن الخارج سوف يوفرها لها.

وفئة ثالثة فضلت أن تجلس على مقاعد المتفرجين أقرب للفئة الثانية لأنها لا تملك إرادة التضحية بالنفس من أجل سلامة ووحدة الوطن من الفئة الأولى.

أنتصار إحدى الفئات على الآخريات هو الذي سوف يشكل ملامح السودان الجديد.

مصطلح المدنيين

القضية الأخرى احتكار مصطلح المدنيين في قضية الصراع على السلطة، هناك البعض يعتقد أن الصراع الدائر في البلاد.

يتمحور في قضية واحدة هي صراع بين المدنيين والعسكريين، وهؤلاء يعتقدون أن التحالف الذي ينتسبون إليه.

هو وحده الذي يشكل البناء المدني، وهذا فهم قاصر؛ ودلالة على ذلك أن الانقلابات العسكرية التي حدثت تاريخيا. 

وغوضت النظم الديمقراطية كلها كانت وراءها أحزاب سياسية، في نوفمبر 1958م كان وراءها حزب الأمة.

وانقلاب مايو 1969م كان وراءه الحزب الشيوعي السوداني ومجموعة من القوميين.

وانقلاب يونيو 1989م كان وراءه الجبهة الإسلامية القومية وانقلاب 28 رمضان 1990م الفاشل كان وراءه حزب البعث العربي الاشتراكي.

تصبح قضية المدنية بأنها وحدها الحريصة على عملية التحول الديمقراطي مسألة فيها نظر.

وتحتاج إلى إعادة قراءة جديدة وفقا لمعطيات تاريخ الحركة السياسية السودانية ودورها في التخطيط على النظم الديمقراطية.

التحول الديمقراطي في السودان

إذا أضفنا لذلك أيضا دور المؤسسة العسكرية الداعم لنضال الحركة المدنية في التغيير السياسي في أكتوبر 1964م. 

وفي إبريل 1985م، وفي 11 إبريل 2019م، تصبح المراجعة الفكرية السياسية للعلاقة بين المدنيين والعسكريين في السودان.

ضروة لعملية التحول الديمقراطي.. وليس مراجعة بهدف تغيير الشعارات مع الإبقاء على ذات الأهداف.

أنما مراجعة لكي تتلاءم أطروحاتهم مع الطريق الذي يقود للأهداف..

إن عملية التحول الديمقراطية هي صراع سياسي يتحكم فيه الوعي السياسي والاجتماعي،  وقيادة تقدم أفكار.

باعتبار أن الأفكار هي الأدوات الجوهرية لعمية التغيير، وليس قيادات لا تملك غير الشعارات.

والتحول الديمقراطي يأتي عبر الحوار الجامع للوصول لتوافق وطني، فالذين يقدمون في أجندتهم المصالح الشخصية ويحاولون تغليفها بشعارات زائفة.

هؤلاء لن يستطيعوا أن يقودوا عملية تحول ديمقراطي في المجتمع.

وإذا كان هناك قناعة عند البعض أن الديمقراطية تؤسسها القوى المدنية التي يريدون تفصيلها حسب مقتضى مصالحهم.

 هؤلاء يشكلون أكبر عقبة في عملية التحول الديمقراطية، رغم أنهم يرفعون شعاراتها لكنهم ينشرون وعيا زائفا في المجتمع.

مثل الذين ينتظرون أن تنتهي الحرب لكي يبدأون مسيرة الثورية، ناسين أن الشعب بكل فئاته قد انهكته الحرب نفسيا وصحيا واقتصاديا. 

ولا يمكن أن ينتهي من حرب ليدخل في أعمال ثورية.. بالفعل أن الذين يقرأون من كتب اليسار الصفراء.

التي تجاوزتها البشرية في مسيرة المتغيرات السياسية التاريخية للشعوب لا يستطيعون القراءة الجيدة للواقع المتغير ومعرفة الميكانزمات المؤثرة فيه.

إن الشباب الذين قادوا ثورة سلمية قد لفتت انتباه كل شعوب العالم إليها، وجعلتهم يتعاطفون معها. 

هم أنفسهم الذين يحملون السلاح الآن لكي يدافعوا عن الوطن، ومن أجل وحدته واستقلاله من كيد المتأمرين عليه.

من أبناء جلدتهم ودول أقليمية ودولية قد جاءوا بعشرات الآلاف من المرتزقة لتدمير السودان ثم السيطرة عليه.

فالمدنية في التوصيف السياسي في السودان تختلف عن الطبقة الوسطى التي قادت عملية الديمقراطية في أوروبا في عهد سيطرة الكنيسة.

على كل شيء، لآن التحولات الاجتماعية في أوروبا وظهور المجتمع الصناعي والطبقة الوسطى هؤلاء.

هم الذين أسسوا بعد ذلك المؤسسات المدنية حسب الحوجة إليها لخدمة التحول الديمقراطي.

في السودان لابد من التوافق الوطني بكل مؤسساته ذات القوى التي يمكن لها حماية الديمقراطية. 

ولكن لاتستطيع أن تبني ديمقراطية في مجتمع ميزان القوة فيه مختلا… الآن ميزان القوى يتحكم فيه الجيش والقوى المدنية المستنفرة.

المقاومة الشعبية

إن الشباب الذين يحملون السلاح إذا كانوا مستنفرين أو مقاومة شعبية، وهؤلاء هم الذين دخلوا مناطقهم الآن محاربين. 

وطردوا منها عناصر الميليشيا التي أذاقت أهلهم ويلات التشريد والاغتصاب والنزوح والسلب والقتل.

دخلوها وهم يحملون أرواحهم على أكفهم، وانتصروا مع الجيش وبسطوا الأمن والطمأنينة في مناطقهم، ويقدمون الخدمات للناس. 

نقول هؤلاء ليس من المدنيين لآن الظروف اقتضت أن يحملوا السلاح دفاعا عن الوطن.

والذين توظفهم الدول المتأمرة وساعين إلى التدخل الدولي وحظر الطيران ويعتقدون هم وحدهم المدنيين، عليهم أن يفيقوا من غفوتهم.

والذي يسعى إلى السلطة يجب عليه أن يعرف أن طريقها صراعا وتحديات مستمرة.

ويفرض شروط اللعبة فيها الذي يرجح ميزان القوى في المجتمع لصالح مشروعه، وليس حاملي الشعارات.

نسأل الله حسن البصيرة.

.بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن

أقلام: صحوة نيوز

انضم لقروبنا في الواتساب

صفحتنا على الفيسبوك

 

السودان الجديدزين العابدين
Comments (0)
Add Comment