البرهان واليسار و معركة المصطلحات

البرهان واليسار و معركة المصطلحات

انتقد الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش عددا من الممارسات.

التي يعتقدها سالبة داخل الخدمة المدنية، وأخرى تتعلق بالتظاهرات الشعبية.

والتي يحدث فيها ممارسات من حرق للساتك وخلع للانترلوك وإغلاق للطرق.. وقد وجدت أنتقادات البرهان، انتقادات من قبائل اليسار. 

والذين يسيرون في ركبهم،.. وكان المتوقع أن تخضع الأحزاب السياسية حديث البرهان للتحليل والدراسة لكي توضح موقفها منها. 

الممارسات السياسية

وفي اية مرحلة هذه الممارسات مطلوبة، ومتى تتوقف، لكي تخلق حوارا فكريا في الساحة السياسية، بدلا من أحاديث الغضب..

والتي لا تحمل في أحشائها أية مدلولات معرفية، ولا تثقيف يفيد العامة، إذا كانوا بالفعل مؤمنين بقضية الديمقراطية.

 حتى تستثمرها في خلق وعي سياسي وسط الجماهير بدلا من تركهم.. كما يقول القرآن:

(مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) صدق الله العظيم.

كسب سياسي

بعض القيادات السياسية تحدثت حديثا عاطفيا تحاول من وراءه فقط كسبا سياسيا.

تعتقد أنها فرصة لاستمالة الجماهير لها في معركتها المناصرة للميليشيا.. ويريد أخرون كسبا معنويا أن يطلق عليهم صفة التقدميين. 

هذه الوصفات التي ذهبت أدراج الرياح عندما انتهت الحرب البارد وسقط الاتحاد السوفيتي.. وأيضا النظامين الشموليين في بغداد ودمشق.

البرهان واليسار

القضية التي طرح البرهان متعلقة بمستقبل البلاد السياسي وعملية الإعمار.. إن انهيار الخدمة المدنية تم.

عندما أطلق اليسار بعد ثورة أكتوبر “شعار التطهير” الذي أصاب الخدمة المدنية في مقتل.

حيث مارسته حكومة أكتوبر التي كانت تسيطر عليها “جبهة الهيئات” والتي يسيطر عليها الحزب الشيوعي.

الخدمة المدنية

وهي التي أدخلت الخدمة المدنية في الصراع السياسي.. ثم مارسها اليسار مرة أخرى بعد انقلاب مايو 1969م.

حيث تم عزل أغلبية قيادات الخدمة المدنية… ثم جاءت الجبهة الإسلامية لكي تخربها تماما.

عندما طردت عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية.. هذه الممارسات هي التي أطاحت بالخدمة المدنية.

وأدخلت فيها تعيين آهل الولاء والمحسوبية. لذلك فقدت الخدمة هيبتها واحترامها.

ثورة التغيير

إذا كان أهل اليسار والذين يسيرون في ركبهم يعتقدون أنهم بعد وقف الحرب سوف يدعون لثورة أخرى للتغيير هذا حقههم.

ينادوا بالثورة وتعبئة من يعتقدون أنهم ثوريين للإطاحة بالسلطة القائمة.. رغم أن المنطق والتاريخ يقولان.

إن الشعب الذي خرج من ثورة ثم حرب ضروس لا يكون لديه الاستعداد أن يدخل في معركة عنف سياسي.

لأنه مجهد من النواحي النفسية والمالية، ويشكك حتى في القيادات السياسية التي فشلت أن تصون لهثورته.

الدعوة للديمقراطية

أما إذا كان الاتجاه والفكرة الشعبية الذهاب في طريق الاستقرار والأمن والتعمير والنهضة والديمقراطية لابد أن تسقط مصطلحات ” الثورة والثورية”.

لأنها تتناقض مع الدعوة للديمقراطية، والتي تؤسس على الدستور والقوانين واللوائح، فهي التي يحتكم لها الناس.

فالثورية عمل مناهض للقوانين، وأي فعل مناهض للقوانين يقدم صاحبه للعدالة.

بعد تشكيل حكومة حمدوك الأولى والثانية التي جاءت بموجب وثيقة دستورية، كانت تخرج مظاهرات نهارا وليلا تغلق الشوارع وتحرق الساتك.

وتخلع الانترلوك من الشوارع وكلها افعال يعاقب عليها القانون لأنها تخريب.

الغريب في الأمر خرج بعض الكتاب السودانيين الذين يعيشون في الدول الديمقراطية ” أمريكا كندا استراليا أوروبا”.

حديث البرهان

ينتقدون حديث البرهان أتحداهم جميعا أن يؤكدوا؛ إذا كان يسمح للمتظاهرين في هذه الدول الديمقراطية جميعها بحرق اللساتك.

أو خلع انترلوك، أو قطع أغصان الإشجار، أو إغلاق الشوارع، أو أي ممارسات تعيق حركة السير، أو تضر بمصالح الناس.

من يلجأ لهذه الممارسة ليس يعتقل فقط بل يقدم للمحاكمة مباشرة، لأنها أفعال عنف وتخريب، وليس لها علاقة بالممارسة الديمقراطية.

الحق الديمقراطي الذي يكفل للشخص أو الجماعة المتضررة هو “حق التعبير، والتظاهر السلمي وحق التقاضي أمام القانون، والإضراب عن العمل”.

ولكن لا يسمح بأي فعل يفهم بأنه يؤدي إلى العنف.

الحرب الباردة

لا تفيد الشعب السوداني مخلفات ثقافة الحرب الباردة، ومحاولة إستلافها من الشعوب التي هجرتها في أوروبا الشرقية.

وفي النظم السياسية الريديكالية العربية التي سقطت وكانت تؤمن ” بالأشتراكية والوحدة والحرية”، هذا الثالوث الذي لا رابط بينهم.

رغم الإدعاء بأنه محكوم بربط جدلي، ولكن لم تتحقق في هذا الثالث أية منهم فى الدول التي كانت ترفعه.

بل كانت نظما ديكتاتورية، لا يسمح فيها حتى بحق التظاهر السلمي.. هذه الثقافة السياسية التاريخية نفدت فاعليتها في أماكن ولادتها.

لماذا يصر اليسار التعامل بها وهي لا تخلق وعيا سياسيا بل تخلفا وسط الجماهير.

هناك بعض الشباب يعتقدون أنهم ديمقراطيون لأنهم ثوريون رغم أن المصطلحين في حالة تضاد، حقيقة هذا هو الوعي الزائف في المجتمع.

إن اليسار إذا كان عروبيا أو ماركسيا يعيش في أزمة سياسية فكرية وتنظيمية.

لذلك لا يستطيع أن يسهم في ثقافة سياسية ديمقراطية لا يملكها، وسوف يظل محافظ على ثقافة الحرب الباردة.

تصحيح المصطلحات

التي تخطتها البشرية بعقود من الزمن.. ويعتقد آهل اليسار أن تصحيح الفهم للمصطلحات وكيفية استخدامها سوف يخسرهم الكثير. 

لذلك سوف يظل يطرق عليها غير مباليا.. والسياسيين الذين خرجوا يدافعون عن حرق اللساتك هؤلاء يحاولون الاستفادة من المفاهيم المغلوطة في الشارع واستمالة الأجيال الجديدة.

الغريب في الأمر أن بعض القوى التي تعتقد نفسها ديمقراطية تقع في ذات الفخ، وبعض منهم جاء مهاجرا من ساحات اليسار.

لذلك أحتفظ بهذه المصطلحات لأنه يعتقد نفسه تقدميا عند ترديدها.. أن التحول الديمقراطي ينجح.

عندما تكون النخب واعية لرسالتها، ومدركة لدورها، ولا تمارس الاستهبال السياسي.. نسأل الله حسن البصيرة.

بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن

أقلام: صحوة نيوز

انضم لقروبنا في الواتساب

صفحتنا على الفيسبوك

البرهانزين العابدين
Comments (0)
Add Comment