إن الحرب الدائرة الآن في السودان، ورغم حالة الدمار التي أصابت البنية التحتية للدولة، وقساوتها على المواطنين في نهب ممتلكاتهم وتشريدهم.
أيضا كشفت العديد من العوامل السالبة، في المجتمع، ومؤسسات الدولة، كشفت حالة الضعف في أجهزة الدولة.
واستخدامها لمصالح شخصية أو قبلية ومناطقية، كشفت إستغلال ثروات البلاد لمنافع مجموعات أو بيوتات أو مؤسسات بعينها.
كشفت حالة الوهن والضعف التي تمر بها الأحزاب السياسية، وتقديمها لعناصر لاترى في ثورة الشباب إلا تعبيرا عن مصالحهم الخاصة ورغائبهم في السلطة.
مؤسسات الدولة
إن وهن الدولة وضعف مؤسساتها، وسرقة الثروات وتهريبها لدول بعينها من أجل منافع خاصة.
قد أكدت لبعض الدول أن هذه الثروات تخصها لوحدها، وليس الشعب السوداني.. بل أن عمليات التهريب تحدث نهارا.
وعبر مؤسسات الدولة، وبمساعدة المسؤولين في الدولة.. كل هذه الأشياء كانت سببا في الحرب..
إن استغلال السجل المدني وأجهزته لتقديم الجنسية السودانية لأعداد كبيرة من دول غرب أفريقيا.
كانت تحدث تحت نظر ومعاونة قيادات من مؤسسات الدولة، كان الذهب يهرب عبر الطائرات، والمطارات والمعابر للدول الأخرى.
مسببات حرب السودان
وتحت بصر ومساعدة قيادات في مؤسسات الدولة، كانت المخدرات أيضا تجلب عبر المعابر والطائرات وكلها مسببات للحرب.
إن الحرب لم تصنع لجدل سياسي أو أختلاف في الرؤى لعملية النهضة والإصلاح.
إنما كانت مسبباتها هي المصالح الخاصة، واطماع البعض في استغلال الثروات دون رقابة.
كان الصمغ العربي الذي ينتج السودان ما يقارب من 85% من الإنتاج العالمي، يهرب إلي دول الجوار.
حتى أصبحت دول ليس فيها شجرة هشاب واحدة تصدر أكثر من 50% من إنتاج العالم.
وكل هذه تتم تحت بصر مؤسسات الدولة، وقيادات كبيرة في المعبر بين الدول.
هذه مسببات الحرب..سببها هو فقر التربية الوطنية عند القيادات و رجال الأعمال.
ثورة ديسمبر
إن الشباب الذين قادوا ثورة ديسمبر 2018م، تم إبعادهم عن المشاركة في عملية التغيير والبناء والتأسيس.
وجاءت أحزاب تقليدية، وأحزاب أخرى مصنوعة عبر ورش وندوات كانت تقيمها عددا من المنظمات الغربية والأمريكية في كل من كمبالا ونيروبي منذ عام 2011م.
وكانت وزارة المالية وبنك السودان بعيدين عن مراقبة الأموال المنهوبة.. والسودان يشتكي من الفقر والبحث عن معونات شرقا وغربا.
بينما كانت ثروات البلاد تهرب ويضع ريعها في بنوك خارج البلاد، الأموال لا تعود للبلاد لكي تنعش الحركة الاقتصادية.
والنهضة الزراعية والصناعة التحويلية.. وكل ذلك تحت نظر ومساعدة كبار موظفي الدولة..
ضعف الأحزاب السودانية
إن ضعف الأحزاب وتواضع قدرات القيادات التي قدمتها، هي التي تسببت في الفشل، والعجز عن إدارة الأزمات ومواجهة التحديات.
فشلت الأحزاب متحالفة وحتى منفردة في تقديم مشاريع سياسية لعملية التغيير والنهضة، كان ممكن أن يلتف حولها الشعب السوداني ويدافع عنها.
لكنها للأسف أول ما خسرته هو الشعب، والشباب الذين قادوا الثورة وقدموا فيها تضحياتهم الكبيرة.
كشفت الحرب أن السودان يتعرض إلي مؤامرة دولية دون أن يكون له أصدقاء يدافعون عنه إلا قلة.
حتى المنظمات الإقليمية التي ينتمي إليها وقفت تتفرج وبعضها يشارك في المؤامرة، وأغلبية دول الجوار تشارك بقوة في المؤامرة.
التغيير بعد الحرب
كشفت الحرب أن التربية الوطنية في البلاد ضعيفة عند البعض، والبعض الأخر رمى بها وراء ظهره.
وأصبح البعض من النخب السودانية معروض في سوق النخاسة الدولية، وكل دولة تدفع تجد لها من يقبل أن يوظف نفسه لأجندتها.
من هنا يجب أن تبدأ أسئلة الإصلاح في السودان، هل الحرب التي انعشت الشعور الوطني عند الشباب.
والذين أقبلوا على حمل السلاح لكي يقدموا أرواحهم رخيصة للوطن، قادرين على التغيير بعد الحرب وكيف؟.
هل يقبل أن يكون اقتصاد البلاد مقسما إلى اجزاء، بعض يكون تحت رقابة الدولة، وأخر لا يخضع لرقابة الدولة.
ولا يستفيد منه المواطنون..؟ هل تصبح مؤسسات الدولة الرقابية والأمنية والمالية تخدم فقط مجموعة من الناس بعينها.
ومؤسسات أخرى بعيدة عن رقابتها؟ أم يجب أن يكون الكل خاضعا للرقابة المالية من قبل الدولة.
وكل المعاملات المالية يجب أن تمر عبر المؤسسات المالية والبنوك؟ أن كل النظم السياسية التي مرت على السودان.
كان ينقصها الشفافية والنزاهة بسبب علو المصالح الخاصة على المصالح القومية وكيف يمكن أن ينعكس هذا الوضع؟.
اسئلة عديدة تحتاج إلى إجابة لكي يتعرف المواطنون على مستقبل السودان بعد الحرب.
جيش السودان
قال قائد الجيش في إحدى خطبه؛ إن عمر جيش السودان أكثر من 100 عام.
ولكن كانت إستراتيجيته طوال كل هذه السنين الأعتماد على أسلحة الدفاع، ولم يشتر أسلحة هجومية.
الآن أثبتت الحرب أن السودان لابد أن يعدل هذه الاستراتيجية، ولابد أن يكون في البلاد جيش مهني واحد.
تقدم له كل الاحتياجات المطلوبة من أجل حماية البلاد والسيادة.. وأثبتت الفترة الانتقالية أن البلاد كانت مفتوحة لكل مخابرات العالم.
وتدخل الدول الغربية والإقليمية والجوار في الشأن السياسي في البلاد، وكانت هناك حالة من الصمت من قبل السلطة والأحزاب السياسية.
دون أن يكون لها أمر بوقف هذه المهازل.. لذلك لابد من الاهتمام بجهاز الأمن والمخابرات وتقديم كل ما يحتاجه.
لكي يؤدي دوره في حماية البلاد من المؤامرات الخارجية والداخلية.. لا يتدخل في الصراع السياسي الداخلي بين الأحزاب.
ولكنه يكشف كل العناصر التي عندهم القابلية لخدمة الأجندات الخارجية.
البلاد تحتاج إلى قوى سياسية مسؤولة لها رؤية وتقدم مشاريع للبناء والنهضة، وممارسة الحرية بمسؤولية.
وأجهزة إعلام قوية تكشف كل التجاوزات إذا كانت من أفراد أو مؤسسات، والمراقبة المالية على المؤسسات.
أسئلة عديدة تحتاج إلى إجابات يجب أن يشارك فيها الكل من أجل وطن معافى وناهض في المستقبل.
نسأل الله حسن البصيرة…
بقلم:زين العابدين صالح عبد الرحمن
أقلام: صحوة نيوز