بقلم: ابوالقاسم عمر
في 25 أكتوبر الماضي اعلن القائد العام للجيش الفريق اول عبدالفتاح البرهان قراراته التي اطلق عليها عنوان “تصحيح مسار الثورة” واثارت القرارات العديد من ردود الافعال، بين رفض وتأييد، خاصة ان القرارات جاءت بعد ازمة ثقة بين المكون العسكري وبعض قيادات الشريك المدني في الحكومة الانتقالية.
لكن سرعان ما بذلت جهود ومبادرات داخلية وخارجية للوساطة بين رئيس الوزراء المعزول والقائد العام للجيش بهدف المحافظة على شراكة الفترة الانتقالية، حتى عاد رئيس مجلس الوزراء الانتقالي عبدالله حمدوك مرة اخرى لمنصبه نتيجة لهذه المبادرات والوساطات العديدة بعد ان تم تجميعها في مبادرة واحدة شملها اتفاق اطاري ثنائي تم التوقيع عليه من رئيسي مجلسي السيادة والوزراء علي اساس 13 بنداً تعمل علي تجاوز الخلاف وتصحيح مسار الانتقال بعيدا عن تدخل الاحزاب وتنافسها حول السلطة وتشاكسها الذي اهدر زمنا ثمينا من عمر البلاد بعد الثورة!
من الواضح ان حمدوك ما يزال يلعب لعبة السياسة التي اوصلت الامور الي قرارات الجيش الاخيرة، وعاد ليجمع لجان المقاومة محاولا تقديم تنوير حول لاتفاق الاطاري بهدف بناء كتلة توافقية انطلاقاً من ان لجان المقاومة هي الحارس الامين للثورة واهدافها لعمق ارتباطها بالشارع وتمثيلها للقوى الحية ووجه الثورة النابض.
مما لا شك فيه ان اللقاء ينطوي علي دلالات بالغة الجرأة لتجاوز حمدوك اجندة الاحزاب السياسية الضيقة وكشف ملامحَ حاضنةِ حكومته الجديدة وتوسيع مواعينها بعزمه الانتقال الي لجان المقاومة التي رفضت التعاون معه واعلنت وقوفها ضده وذهبت الي تخوينه واتهامه بالاشتراك في مؤامرة ضد الثورة.
وعلي مايمثله لقاؤه بلجان المقاومة من اختراق ايجابي وتحول حقيقي في الاتجاه نحو تصحيح اخطاء الفترة الماضية بالابتعاد عن اجندة الاحزاب وحاضنته السابقة التي كانت احد مسببات فشل حكومته الماضية باعترافه فيما قدمه من مبادرات لمحت لذلك! ولا يخفى انها كانت من الاسباب الرئيسة في قرارات 25 اكتوبر .
في تقديري ان ما قام به حمدوك مناورة سياسية لاتعبر عن حقيقة سياسات رئيس الوزراء العائد الذي قصد ان يمخالف الاتفاق عندما شرع في الغاء قرارات “البرهان” بتعيين وكلاء وزارات حزبيين! سيكون إجراء يتسبب في تأزيم الاوضاع وارباك الساحة السياسية مرة اخرى واعادة انتاج الازمة لنقطة البداية.
من شان قرارات حمدوك الحزبية الصارخة ان تفجر الموقف مرة اخرى باعادة المحاصصات الحزبية بصورة غير معلنة وادخال الاحزاب من النوافذ الجانبية المواربة بعد ان اخرجهم القائد الاعلي للجيش من الباب مباشرة واتهمهم بتخريب الفترة الانتقالية والعمل علي احتكارها واقصاء بقية مكونات الشعب، واتخاذ البرهان القرارات التصحيحية.
ماذا اراد حمدوك بقرارات التعيين الاخيرة التي مسح بها قرارات قائد الجيش التصحيحية؟ الأيام القليلة القادمة ستكشف المزيد من نوايا رئيس الوزراء وملامح اسلوبه في ادارة الفترة الانتقالية.