في واحدة من المجموعات على تطبيق التواصل الإجتماعي “وآتس آب”، تضُم عدداً من الخُبراء والّساسة والمُخْتصين، وتضُم عدداً من قيادات العمل الإعلامي وغيرهم، يتم فيها طرح موضوع محدّد ويقوم المختصون، وأصحاب التخصّصات المختلفة، وأهل الصحافة والإعلام بطرح وجهات نظرهم وآراءهم في ذلك الموضوع.
وكان أن طُلب إليّ قبل فترةٍ أن أقدّم مداخلةً عن أهم التّحدِّيات التي تواجه الحكومة الإنتقالية او حكومات ما بعد الثورة عموماً.. ورأيت أن أشرك القارئ الكريم في ما قدّمْته بإختصار عن هذه التّحدِّيات وما يمكن أن يكون حلّاً أو مقترحاً للحلول لبعض الصعاب والمشكلات التي تواجه بلادنا.. سائلين المولى عز وجل أن نكون من المفيدين ضمن المستطلعة آراؤهم في هذا الموضوع.
وكان ما قدمناه هو الآتي : لكم الشكر والتقدير وعظيم الامتنان الأخوة والزملاء الكرام.. التّحدِّيات الأساسية لكل أنظمة الحكم واحدة وتتمثل في ما نسمّيه الآن ب (معاش الناس) أو (قُفّة المُلَاح) أو (الأمن الغذائي) بلغة العصر ، ثم يأتي بعد ذلك (الأمن العام) والذي يعني الطمأنينة العامة من عدم الإعتداء على الأرواح والممتلكات وعدم التعدّي على أمن الدولة من خلال قوات مُسلّحة قويّة وقادرة على حماية الحدود الممتدة.
وهذا يتطلّب علاقات خارجية متوازنة خاصة مع دول الجوار المباشر أو الجوار الإقليمي لمنع تمركُز أي قوىً معادية للدولة في أيٍ من تلك الدُّول، إضافة للسّعي الجاد لبناء مشروعات تنمية متدرجة الأحجام حسب الحاجة والقدرات، يتم استغلالها كواحد من الطرق الخاصة بإستغلال الموارد الطبيعية، وهذه تشتمل على إستغلال المياه السطحية والجوفية مع العمل على إستغلال كل الأراضي الصالحة للزراعة في مختلف ولايات وأقاليم البلاد خاصة التي توقّفت فيها التنمية والزراعة والرّعي في مناطق النّزاعات لإعادة توطين أهلها وعودتهم الى مناطقهم والخروج بهم من دائرة النزوح ودوائر الفقر.
ثم على حكومة الفترة الإنتقالية وأي حكومة قائمة أو قادمة، العمل على تنظيم عمليات التنقيب الأهلي عن الذهب ، والعمل على تنمية الأسواق المحليّة التي تخدم المعدّنين، وتوفير بقية الخدمات المرتبطة بالبيئة والصحة في تلك المناطق.
وهناك أمر آخر وعاجل، هو إعادة ولاية الدولة ومسؤوليتها على التجارة الخارجية بحيث يؤول الأمر كما كان من قبل إلى وزارة التجارة والصناعة عن طريق الرخص التجارية وعن طريق الكوتات والحصص التي يمكن من خلالها الوقوف على كل الوارد من سلع وبضائع بالتعاون مع وزارة المالية وبنك السودان .
ثم هناك مهمة غائبة وهي مسؤولية الدولة عن تحديد كامل إحتياجاتها من السّيارات والآليات وذلك عن طريق النقل الميكانيكي، حتى يتم قطع الطريق أمام الفساد وتخصيص شركاتٍ أو أفراد لإستيراد السّيارات والشاحنات والآليات دون ضوابط بما يُعدُّ هدراً للمال العام.. وكذلك الحال بالنسبة للأثاثات المكتبية والمدرسية لتكون حِكْراً على المخازن والمهمات، وهكذا الحال بالنسبة لأعمال الصيانة والمباني الحكومية عامة بدلا عن الرمي بها في أحضان الشركات الخاصة والمقاولين.
وقبل الختام لابد لنا من الإشارة إلى محادثة هاتفية تلقيناها بالأمس من أخٍ وصديقٍ وزميل دراسة في المراحل المختلفة، أعتبره من رجالات السياحة والسفر البارزين في بلادنا هو السيد ميرغني لطفي، وقد كانت محادثته تعليقاً على مقالٍ سابق عن الثورات السودانية الناقصة، ومشكلة الإستقرار السياسي، وتسأل عن الحل من وجهة نظر صاحبكم.
فأشرت إلى ضرورة التوافق بين الأحزاب والطوائف على طريقة وأسلوب الحكم ، والإتفاق على أسس حاكمة للعمل السياسي من خلال دستور يرضي الجميع، ويأخذ شرعيته عن طريق إستفتاء شعبي، وقد أمّن صديقنا الأستاذ ميرغني، على ذلك لكنه رمى باللوم علينا نحن معشر الصحفيين والإعلاميين في مختلف الوسائط التقليدية والحديثة.
إذ يرى إن دور هذه الفئة المؤثرة على صناعة الرأي العام ، لا يقف عند حدود نشر الأخبار أو التعليقات أو التحليل السياسي ، فهو يرى إن دورها ومسؤوليتها يجب أن تتجاوز ذلك بالإتفاق على قيادة حملات توعوية وتنويرية تؤكّد على أهمية التوافق على أسس حاكمة للعمل السياسي ، مع الإتفاق على مشروع دستور يحدد أدوار المؤسسات العسكرية والسياسية في المرحلة القادمة .
وها نحن نقدّم وجهة نظر السيد لطفي ، ولعلها تفتح الباب أمام الكثيرين لنجتهد جميعنا في تجاوز الأزمات ، ولنبدأ السير في طريق الخلاص .
Email : sagraljidyan@gmail.com