يعتبر موسم إجازات المدارس من أجمل المواسم للتلاميذ والطلاب وأسرهم باعتبارها فترة راحة واستجمام وتقليص المسؤوليات الأسرية والتعليمية للتلاميذ والطلاب وفرصة رائعة للتواصل الاجتماعى مع الأهل القريبين والبعيدين وتفقد أحوالهم وزيارة مرضاهم وكسب معارف وخبرات جديدة لهؤلاء الناشئة الذين هم فى أشد الحاجة لمعرفة الجديد والمفيد وزيادة معارفهم من أهل والديهم وتعريفهم بأحوال مجتمعاتهم وربطهم بجذورهم التأريخية.
فمن المؤكد أن هناك ناشئة لم تتاح لهم الفرصة لزيارة ديار أهل آبائهم منذ ولادتهم وهنا لا نستثنى الناشئة داخل الوطن أو خارجه فكثير من المواليد داخل الوطن لم يحظو بزيارة واحدة لتلك الجذور التأريخية التى نشأ فيها أحد الوالدين أو كليهما.
وبالتأكيد أن إستغلال هذه الزيارات فى مواسم إجازات المدارس يشكل حدثاً جديدا للناشئة يعرفهم بأحوال تلك المجتمعات التى إما أن يكونوا سمعوا عنها القليل أو لم يسمعوا شيئاً يحبذهم ويشوقهم إلى زيارتها والتعرف عليها عن قرب.
وهنا أتوقف عند أحد الزيارات التى حظينا بها فى حلتنا لأحد الأسر المستوطنة بالعاصمة ولها جذور فى الولايات إلا أن الناشئة لم يغادروها لظروف لانعلمها، وكانت تلك الزيارة فى أول يوم فى عيد الأضحى المبارك وطبعاً يصادف اليوم العاشر من ذى الحجة ويظهر فى ليلته القمر بصورة جميلة وبيضاء يضى الأرض ليحيل ظلمة الليل إلى نهار.
وكانت المفاجأة للزائرين الكبار قبل الصغار بأن يروا ضوء القمر بهذا الوضوح والبياض الناصع يضى الأرض ويجعل رمالها البيضاء جاذبة ومبهرة لكل من يراها، فتلك من نعم الله تعالى على أهل الريف والبوادى بأنهم مستمتعون بالطبيعة الرائعة دون حجب من أحد فيمكنهم التمتع بجمال الطبيعية صيفا وخريفا وشتاءا فكل فصل من فصول السنة له ميزاته التى تميزه عن باقى الفصول فيالها من ميزات تجعل الإنسان يعشق الطبيعية ويرتبط بها إرتباطا وثيقا فالانسان إبن بيئة.
وتظهر كثير من المعارف والخبرات عند الذين عاشوا مع تلك البيئات الطبيعية وعرفوا أحوالها وكسبوا معلومات ثرة تعينهم على معرفة البيئة المحيطة بهم، فهم يعرفون مجر الكبش أو مجرة درب التبانة التى تظهر فى السماء كطريق طويل ونجمة الزهراء والثرياء أو الترياء بتغيير الثاء إلى تاء والعنقريب ويتابعون الشهر القمرى من لحظة هلاله من الناحية الغربية يقولون أن “الهلال ظهر أو طلع” ويظلون فى متابعة يومية حتى يكتمل بدرا حيث يعرفونه “بقمر أربعتاشر” كناية عن إنتصافه وبداية نصفه الثانى.
وهكذا يظل الارتباط بالنجوم والكواكب والشهب يرون زينتها للسماء ورجمها للشياطين يعيشون مع آيات القرآن الكريم ويشاهدونها بالعين المجردة فالمصابيح التى ترجم الشياطين جاءت فى قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين) آيه (5) سورة الملك.
ويظلون على مثل هذه الحالة يمتعون أنفسهم بعظيم وجمال خلق الله وبديع صنعه الذى أتقن صناعته فى هذا الكون الفسيح والطبيعية التى لم يصل العلم إلى كثير من حقائقها فهى دعوة للجميع للخروج فى رحلات وزيارات إجتماعية بعيدًا عن ضوضاء المدن وتلوث بيئتها ليكسب النشء منها فوائد كثيرة تفيدهم وتكون لهم عونا فى مستقبلهم القادم بإذن الله تعالى.