بقلم: كامل عبدالله كامل
كلما التقيه اتذكر أن قصير القامة “يا حكمة، يا فتنة”، لكن صديقي يمتاز بالجمع بين الإثنين، كان أن إلتقيته في حواري الفيس بوك منذ ما يقارب الخمس أو الست سنوات، وشاءت الصدف أن تجمعنا مدينة في أقصى نواحي الدنيا، قصيراً كخُلق سائقي حافلات النقل آن ظهيرة قائظة، كرشه بارزة كأحد مصارعي الساموراي، كريماً شهماً خاصة عندما يتعلق الأمر بالطعام.
حكي لي أنه أول أوان قدومه إلى “كندا” في شهر رمضان، أسهب لي عن مدى حرصه على أداء الشعائر بحذافيرها، ومما حكي لي أنه كان يتناول سحوره لدي مطعم قريب من مسجد المدينة الرئيس ينتظر أذان الفجر حاضراً يصلي ثم ينام، فقد أدمن على تناول ساندوتشات من اللحم المشوي والمضاف إليه أنواع الجبن، واظب خلال الشهر بتمامه على تناول حصته من اللحم ثم يدخل بعدها مباشرة للمسجد ليؤدي الفريضة إلى أن إكتشف في نهاية الشهر أنه كان يتسحر بلحم خنزير”اي والله خنزير عديل كدة يا مؤمن”.
أجد مؤنسي وصديقي جاهزاً لكل تساؤل مني، قدّم في يوم ما دعوة لتناول “الزغني” في احد المطاعم الأثيوبية في مدينتنا، وبعد أن إستشاط طعم الشطة الحارقة في أمعائه، تمطي كعلامة إستفهام كبيرة تعقب إحدى الأسئلة الحائرة، فانتفخ بطنه كمنطاد منطلق صوب عنان السماء حتى أن “زرار” القميص كاد أن ينطلق صوب إحدى عينيّ ليفقؤها، فاتقيته بيدي مخافة.
أظل دوماً في حاجته ليفك شفرة حيرتي التي تعتريني عند معضلات الحياة العامة هنا في بلاد الغرب، ينطلق سهم أسئلتي الهائمة في ملكوت الحيرة نحو إجاباته الجاهزة فلا يرتد لي سهم سؤال إلا وقد نال من طريدته، إجاباته دوماً حاضرة وبالدليل العقلي وفق إفتراضاته، إجابات تشمل “الميكانيكي الشاطر” وحتى الفتاوى التي أرهقت عقول العلماء.
يظل صديقي مفتياً وخبازاً وميكانيكي، ومصلح إجتماعي أحياناً، نال من الحكمة الكثير، حتى وصل لمقولة ما زالت تطن في أذني عندما إستفسرته عن جدال كان قد طرأ حينما قابلت معه أحد معارفه والذي أغلظ في جداله للحد الذي جعل صراخه سيد الموقف، فلما غادر ثالثنا لمته على جدال الرجل الذي كنت أرى أن الحق معه، فأجابني:
“أول حاجة أنا بغالط الزول بدون شفقة، حتى بعداك اعرف الموضوع شنو؟”