حادثة سقوط الطفل المغربى (ريان) في بئر بمنطقة نائية يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضى تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، وشدت عمليات إنقاذه أغلب الناس فى العالم وتابعها الجميع بقلب شغوف ومحب للخير بأن يخرج الطفل سالم ومعافى ويعود إلى حضن والديه ليدخل السرور عليهم وعلى إخوانه وأسرته الكبيرة والصغيرة فى منطقته وبلده المغرب وجميع دول العالم التى تابعت الحادثة ولم تتنفس الصعداء إلا بعد أن أخرج ليلة امس السبت من داخل البئر من عمق يزيد عن الثلاثين مترا بعملية معقدة ورغما عن الفرح والتهليل والتكبير وحمد الله وشكره، وشكر للطواقم التى ساهمت فى خروج الطفل ريان من البئر دون أن تحدث إنجرافات وأنهيار للتجربة خلال إنقاذه.
إلا أن إرادة الله أرادت غير ذلك بأن تعقب لحظات الفرح بهذا الجهد البشرى الذى إستمر طيلة هذه المدة أن تعقبها لحظات حزن وزرف للدموع حزنا على خبر رحيل ريان الذى لم ير المتابعين وجهه مرة أخرى إلا تلك الصور السابقة التى تداولت خلال عملية إنقاذه، وهكذا يعلمنا ربنا بأن لكل أجل كتاب، أردنا له الحياه بعملية الإنقاذ الشاقة وأن ير نور الدنيا بعينيه إلا أن الله أراد له الموت لينعم بجنات النعيم ليكون زخرا لوالديه فى الجنة.
وتلك هى حكمة الله فى عباده أن الموت قريب من الجميع الرجل والمرأة الكبير والصغير الغنى والفقير الأمير والغفير، فعلينا أن نستعد له ونحسن خاتمتنا فى هذه الحياة الزائلة التى لا تساوى عند الله جناح بعوضة، فكيف بنا نركن إليها ونقضى جل أو كل عمرنا بحثا عن ملذاتها ومتعها الزائلة التى لا تساوى شيئاً من جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ويصفها النبى صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً بأن الله تعالى أعدها لعباده المؤمنين وفيها ما لا عين رأت ولا خطر بقلب بشر.
ألا تدعونا حادثة الطفل ريان إلى أن نتدبر فى مآلات هذه الحياة وكيف يمكن أن تنتهى حياتنا فى طرفة عين بأن يقبض ملك الموت أرواحنا ونحن فى أسعد لحظاتنا ننسى أن من منحنا هذه الحياة وهذه السعادة والفرح قادر أن يسلبها منا فى كسر من الثانية ويعيدنا إلى دائرة الأحزان والألم والبكاء، يقول الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) آيه 11 سورة السجدة.
ويقول الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) آيه 64 سورة العنكبوت.
فهذه حياة فانية وهناك حياة باقية فيا من تعبد الله كن كما أراد الله لك جاعلا هذه الحياة الدنيا معبرا للآخرة، تزود فيها بالأعمال الصالحة التى تثقل بها ميزان حسناتك يوم لاينفع مال ولابنون (ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).
اللهم أختم بالصالحات آجالنا وردنا إليك رداً جميلاً ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لايخافك ولايرحمنا ياأرحم الراحمين.