تمر أيام شهر رمضان المبارك سريعاً وكأنها تقول للصائمين إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها، فلا تضيعونى وعليكم بالعمل الصالح الذى يفيدكم فى الدنيا والآخرة، فالصيام مدرسة إسلامية متفردة تحكى عن عظمة الدين الإسلامي وتشريعه الذى جاء لمصلحة المجتمع المسلم، فهذا صائم يترك جميع شهواته وهو يستطيع أن يأكل أو يشرب ويخرج إلى الناس ويقول لهم (أنى صائم) لكن لايفعلها لعلمه بأن الله تعالى يراه ومطلع على جميع أفعاله وأقواله، (ويعلم خائنة الأعين وماتخفى الصدور)، فالصيام هو مدرسة الصدق والأمانة والتقوى ويالها من مدرسة فريدة يتعلم فيها المسلم مايفيده فى حياته وبعد موته، فرمضان شهر (التقوى) والتقرب الى الله تعالى بالصالحات.
وهناك أعذار تبيح الفطر فى نهار رمضان وهى رخصة خص الله تعالى بها المرضى والمسافرين، على أن يصوموا الأيام التى أفطروا فيها، فالمرضى عليهم القضاء بعد أن يمن الله عليهم بالشفاء، أو دفع فدية فى حال إصابتهم بالامراض المزمنة، أما المسافرين فعليهم القضاء بعد عودتهم من سفرهم، وهذه رخص ربانية منحت لهم من الله تخفيفا عليهم، والملاحظ لحال الناس تجد أن كثير من أصحاب الأعذار يصروا على الصيام يحتجون بقدرتهم على الصيام ويخافون من القضاء، وبعض هؤلاء المرضى ينصحهم الأطباء بعدم الصيام، لكنهم لا يعملون بهذه النصيحة الطبية، والأطباء لهم من العلم مايمكنهم من معرفة الأضرار المترتبة على المريض فى حال الصيام.
وهذا سائل يتصل على أحد البرامج الدينية فى وسائل الإعلام التقليدية يسأل الفقهاء من صيام المرضى وكبار السن، لكنه بعد سماع الإجابة والتى فى أغلبها تنصح المريض بعدم الصيام إن خاف وقوع ضرر عليه إلا أنه يخالف النصيحة الفقهية ويصر على الصيام مهما كانت حالته الصحية، وكثيرا منهم يتأثر بالصيام ولايفطر إلا تحت إلحاح وضغط شديد من المقربين إليه، ولاتكاد الأسر تخلو من مثل هذه الحالات، فما بين حرص الأطباء والفقهاء وحرصهم على تقديم إستشارات وفتاوي علمية وفقهية صحيحة لأصحاب الأعذار من المرضى بعدم الصيام، يتمسك بعضا من المرضى بالصيام حتى وإن إنعكس ذلك سلبا على صحتهم البدنية.
ويأتى شهر رمضان المبارك لتعود بنا الذاكرة لبعض لأصحاب الأعذار من المرضى أصروا على الصيام دون الإهتمام بنصائح الأطباء والفقهاء، فكانت عاقبتهم أن إشتد عليهم المرض وتدهورت حالتهم الصحية، ولم يوفقوا فى إكمال الصيام فتحت الإلحاح والإصرار الشديدين من (الأقرباء) و(الأطباء) و(الفقهاء) أفطروا فى رمضان، ولهم بعد ذلك كفارة ذلك إما ب(القضاء) أو ب(الفدية)، وبذلك يكونوا أتوا بالرخصة التى منحها الله تعالى لهم، وما أجملها من رخصة ربانية لأصحاب الأعذار من المرضى الذين لايستطيعون الصيام فالرب رحيم بعباده يعلم حالهم ولايكلفهم إلا بما يطيقون، ودعاؤنا لأصحاب الأعذار من المرضى بالشفاء وتمام الصحة والعافية.
وحكاية من حلتنا خلال شهر رمضان المبارك وقفت عند هؤلاء المرضى وأصحاب الأعذار، لأنهم أصبحوا يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع منهم (الأب) أو (الأم) ومنهم (الزوج) أو (الزوجة) ومنهم (الأخ) أو (الأخت) فهم يحتاجون من الأقرباء إلى الرعاية الطبية والأسرية ومتابعة حالتهم الصحية بدقة متناهية، ومعرفة أمراضهم التى يعانون منها خاصة الأمراض المزمنة مثل (السكرى) و(الضغط) فبعض منهم لايشتكى من المرض ويظل يتحمل آلامه لفترة قد (تطول) أو (تقصر) ، ونعرف أن المرض كلما طال إشتد على صاحبه، حتى يتمكن منه، وعندها يهرع به للمستشفى بعد أن تدهورت حالته الصحته، وقد تطول رحلة البحث عن الشفاء من المرض الذى أصابه.