كلمة كَرَب في اللغة العربية لها معاني كثيرة وما يهمني في هذا المقال هو جملة كرب الحبل أي فَتَل الحبل، هنالك كثير من كلماتنا العامية لها نفس المعني في اللغة العربية أكرب قاشك في لهجتنا العامية وهي جملة نشروها العسكر وهي كانت حصرية عليهم لكنها صارت الآن مشاعة حتي في العمل السياسي، أكرب قاشك تعني الانضباط تعني الحسم تعني العدل تعني القرار الذي لا تراجع عنه.
ويمكن أن نقول للمرأة أكربي قاشك !، التاريخ حدثنا عن نساء (كربن قاشهن) مثال لذلك مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا التي سبقت حينما احتلت الارجنتين (جزر الفوكلاند) وهي مستعمرة بريطانية كربت قاشها واصدرت الأوامر للأسطول البريطاني باستعادتها واشرفت علي ذلك بنفسها وارجعت هذه الجزر إلي الحضن البريطاني في خلال 48 ساعة، المستشارة الالمانية ميركل قادت بلادها ردحا من الزمان وكانت كاربة قاشا طوال فترة حكمها، لكن هنا في تاربخ السودان الحديث لم نر إمرأة حكمت هذه البلاد.. الا حكم جمهورية البيت حينما يقال لك: (المرة دي كاربا قاشا) !! يعني بيتها صاح ومرتب وهي دغرية وراجلا ماشي زي (الخيت) !!كان هبش جاي ولا جاي يومو بكون أسود !.
سيدنا عمر بن عبدالعزير رضي الله عنه الخليفة الخامس ضرب مثالا رائعا في (كرب القاش)، جاءه رجل من عدن يحكي له مظلمة وقال له عمر: ما ظلامتك؟ قال: مزرعة لي وثب عليها رجل ممن ينتسبون إليك وانتزعها مني، فكتب عمر إلى عروة بن محمد والي اليمن يقول: (أما بعد ، فإذا جاءك كتابي هذا فاسمع بيّنة حامله، فإن ثبت له حقّ فادفع إليه حقّه)، وختم الكتاب وناوله للرجل، فلمّا همّ بالانصراف ناداه عمر فقال: (على رسلك إنك قد أتيتنا من بلد بعيد ولا ريب في أنك قد استنفذت في رحلتك هذه زادًا كثيرًا وأبليت ثيابًا جديدة وأتعبت دابتك، فحسب عمر كل هذه التكاليف فكانت 11 دينارًا ذهبيًا، فأمر أنْ تدفع إليه وقال: انشر هذ الخبر بين الناس، فمن أتانا يطلب مظلمة تدفع إليه حقّه وندفع إليه تكاليف السفر، حتى لا يتثاقل مظلوم عن طلب مظلمته).
مفهوم كرب القاش في الحكومة الإنتقالية ظل نادرا الذين أتوا اتبعوا أساليب الخداع والكذب والسواقة بالخلاء وليس لهم قاش البته حتي يكربونه وظلت (بناطلينهم) كثيرا ما (تنصل) ! سببين: الأول (تقلة) الدولارات في جيوبهم والثاني لا يفتكرون لأنفسكم وهم يحملون حاجة سرقوها علي اكتافهم !، السلحفائية المتبعة الآن في ترتيب الاشياء تكاد تطغي علي المشهد السياسي لا حكومة كفاءات تكونت لا سلام تحقق في دارفور ولا وضع اقتصادي تحسن لا توافق سياسي تم ولا ولا.. لاءات كثيرة كبلت مسيرة الحكم الإنتقالي في السودان، مرات كرب القاش وحده لايكفي يجب أن تتبعه خطوات مهمة مثل (حِمِير العيون أولا) الطرد ثانيا اتمني أن يحدث للمدعو (فولكر).
كرب القاش في السياسة يحتاج لقوي ويحتاج إلي حكيم ويحتاج إلي عادل ويحتاج إلي حصيف ويحتاج إلي (المشي قدام) وعدم التراجع طالما الأمر فيه مصلحة وعزة للوطن، كرب المشير سوار الذهب قاشه ذات مرة وانقلب علي النميري وظل كاربا قاشه طوال فترة حكمه وسلم الحكم بموجب انتخابات تمت وظل هكذا يضرب أمثلة رائعة في كرب القاش إلي أن لقي ربه، فيا البرهان أكرب قاشك فالبلاد تركض نحو الهاوية ودعها ترتاح وتنعم بالأمن والسلام والرخاء والتوافق السياسي السوداني الشامل الخالص لا توافق (ديلفري) يأتي من خارج البلاد، فهل تفعل ؟.