بالأمس أشرنا إلى مُسلْسَل “الإختيار” في جزئه الثالث، والذي عرضته عدّة قنوات فضائية مصرية خلال شهر رمضان المبارك، وما كشف عنه من حقائق مذهلة عن الثورتين الشعبيّتين المصريّتين، التي أطاحت أولاهما بالرئيس الراحل محمد حسني مبارك في العام 2011 م، وأطاحت الثانية بالرئيس الراحل محمد مرسي بعد ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013 م، وقيام الجيش المصري بالإستيلاء على السّلطة وعزل الرئيس مرسي بعد ذلك.
المُسلْسَل المصري وثّق لحقبة سياسيّة مهمة في تاريخ مصر، فترة وصل فيها الإخوان المسلمون لأول مرة إلى مقعد الرئاسة في مصر، وكنت قد أشرت إلى أن وفداً رسمياً سودانياً زار مصر في العام 2012م، قاده رئيس المجلس الوطني آنذاك مولانا أحمد إبراهيم الطاهر، وإلتقى برئيس مجلس الشعب المصري المنتخب وقتها الدكتور محمد سعد الكتاتني، وعدد من رؤساء اللّجان البرلمانية، إلى جانب لقاءات مع عدد من المسؤولين المصريين في تلك الحقبة الصعبة، وكنت ضمن الوفد الصحفي المرافق للوفد، لذلك أذكر تماماً تفاصيل تلك اللقاءات، خاصةً اللقاء مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع عبدالمجيد، بالمركز العام للجماعة في حي المُقطّم .
أذكر تماماً إن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، قال إن المشهد في مصر، يسعد كل حبيب ومخلص، ويزعج كل عدو ، بل إتّهم نظام الرئيس مبارك، رحمه الله ، بأنه بدأ في تحريك من وصفهم بأذنابه، وأنهم أخذوا يدعون لإضراب عام وعصيان مدني ، وقال إن هناك جهات تريد إضعاف جيش مصر ، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، بأن قال أنه عند لقائه بالمجلس العسكري عقب الإطاحة بالرئيس مبارك، ذكر لعضويته بأن الجماعة هي أكثر من تأذى من محاكمات الجيش، لأن نظام الرئيس مبارك كان يعقد محاكمات عسكرية، وأصدر في مواجهة أعضاء الجماعة من الأحكام، ما يقارب الخمسة عشر ألف سنة، ومع ذلك أشار المرشد إلى أنه قال لرئيس وأعضاء المجلس العسكري: “إن أصبتم نقول لكم ذلك، وإن أخطأتم سننصحكم، وإن تباطأتم حثثناكم على السرعة” .
تحدّث المرشد بعد ذلك عن الإنتخابات التي جرت وقتها في مصر ، وقال إن الذين شاركوا فيها تجاوز عددهم الثلاثين مليون ناخب ، وإن تلك نسبة إقبال عالية ، وإن إختيار الإخوان المسلمين بنسبة 47% كان أمراً ملفتاً ، لذلك عندما تم تشكيل المجلس، أصاب الإنزعاج من يتربصون بهم وبأمن مصر ، لأنهم سيشكّلون الوزارة، ويسعون في وضع الدستور ، لذلك سيتم تعطيل هذه المسيرة من قِبل الفلول، أو كما قال .
المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع عبدالمجيد ، إتّهم الإعلام بل وصف الأجهزة الإعلامية بأنها مليشيات تعمل على التآمر المستمر ، وهدّد وتوعّد بأن الجماعة لن تسكت، مع إشارته إلى إستعداد الجماعة لتشكيل حكومة إئتلافية، مع القوى السياسية الأخرى، وإنهم يبحثون عن شخصية توافقية من خارج دائرة الإخوان للترشّح لمنصب الرئيس، لأن الجماعة كما قال تقدّم مصلحة الوطن على مصلحتها، وقال إن البحث جارٍ عن تلك الشخصية الآن ، لكن الأهم من ذلك إعداد الدستور ، حتى تكون هناك ضوابط عند إختيار الرئيس ، لتكون سلطاته محدودة، ويكون الشّعب عليه رقيباً، ويكون الرئيس خادماً عند شعبه، اجيراً لدى أمّته، بعكس ما هي عليه الأوضاع .
أمّا ما قاله المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر ، عن حزب الحرية والعدالة، الذي يعتبر واجهة سياسية للجماعة، فقد ذكر مالم أستوعبه إذ قال إن هناك مائة شخص مسيحي وقرابة الألف إمرأة ضمن المؤسسين .
بعد ذلك جرت الأحداث بما لم يكن في حسبان المرشد أو الجماعة، وتم ترشيح أحد أعضاء الجماعة لمنصب الرئيس، وخرج معارضو الإخوان ضد مرسي فى أحداث الثلاثين من يونيو عام 2013 م التي كتبت نهاية فصل سياسي مهم في تاريخ مصر ، لكنها فتحت أبواب أخرى لتناول ذلك الحدث من خلال رؤية فنية جديدة أنتجت “الإختيار” في نسخته الثالثة .
Email : sagraljidyan@gmail.com