“تعثرت مهمتي في السودان وهي الأصعب في كل البلدان التي عملت بها”، كلمات أدلى بها فولكر بيرتس رئيس بعثة اليونيتامس في السودان في تصريح له، يبدو أنه يكتب كلمات وداعه بنفسه لأنه سوف لا يجد مطلقا عبارات الشكر والتقدير والثناء عندما يذهب صفر اليدين إلي من كلفوه ولا أعتقد أن سوداني سوف يلوح له بيديه مودعا، حتي حمدوك الذي رحب به بموجب خطابه الذي كتبه لاستعمار بلاده، هذا الخطاب الذي كتب بليل وأرسل في ليلته ولم يعرفه المكون العسكري شريكه في الحكم إلا بعد أن ظهر في الميديا، الآن من فعلته يتواري خجلا، أقبح وأسوأ خطاب كتبه الذي ذهب ويعد أول خطاب في تاريخ العالم يكتبه رئيس وزراء لاحتلال بلاده “علي عينك ياتاجر” بغلاف أسمه الأمم المتحدة.
من كتبوا هذا الخطاب عملاء كانوا يعملون معه في الجهاز التنفيذي وبرر حمدوك آنذاك كتابة هذا الخطاب لحماية الفترة الإنتقالية من الانقلابات ويريد أن يلجم العسكر من مغبة فعل ذلك، هذا ظاهرا لكن باطنا يريد أن يحافظ علي نفسه حاكما متسلطا جبارا يطوع آلياته السياسية لتفريق الساسة وخراب هذه البلاد وتفتيتها إلي دويلات متناحرة، إذن ما بني علي الخطأ وعدم المشورة والتروي يظل بناءا لا أساس له ويمكن في أي لحظة أن ينهار وهذا ما حدث لليونتامس التي فشل عرابها ويريد أن يداري سوءاته القبيحة بالاتحاد الأفريقي مرحبا والايقاد وفشلوا مرة ثانية وظلوا يتخبطون هنا وهناك و “راح عليهم الدرب”.
أكبر خطأ ارتكبه فولكر هو أنه لم يقرأ كتاب هذا الوطن بصورة جيدة ، فقط قرأ الغلاف ذو الألوان الكاذبة المنمق اللامع الاملس والذي أشرفت علي تصميمه ما يسمي (بقحت) والفه حمدوك وطبع في مطابع خارجية، هذا الكتاب لا يحمل في طياته عصفا ولا جهدا ولا حلا ولا منهجا ولافهرسا، إعتمد فولكر علي تقيميه لحال البلاد بلسان فئة ليس لها شعبية ولا رأي ينبع من قواعد وظن واهما أن هؤلاء يمثلون هذه البلاد كلها ، حمل هذا الكتاب وبصم عليه بالعشرة وظل يتفاوض معهم ويحاورهم تفاوض اللاشييء ويحاورهم حوار الطرشان ولم يصلوا إلى نتيجة إلا “الساقية التي تغرف من البحر وتكب فيهو”!.
تعثر فولكر في مهمته لأنه ظن أن السودان هو سوريا التي عمل بها وساهم في خرابها كما “خربت عجوبة سوبا”، سوريا تختلف تماما من ناحية الأزمة السياسية والتعقيدات ، سوريا ازمتها عقدية شيعية تريد أن يستمر حكمها بدعم ضخم من إيران وروسيا ولها آليات عسكرية ضخمة في دول مجاورة لسوريا تستخدمها كلما أرادت، سوريا بلد ممزقة ووجد فيها الإرهاب ضالته الكبري وأصبح جزءا لا يتجزأ من الأزمة، فرق شاسع بين مايحدث في سوريا وفي السودان لكن فولكر أعتقد أن الأمر سيان والأزمة هي ذات الأزمة وهذا ما جعله يتعثر وسوف يقع علي وجهه بالعا لسانه.
تعثر فولكر لأنه وضع مائدة أمامه وبدأ يأكل من صحن واحد وسط ظلام دامس فقط لم يمد يده إلي أطباق أخري ليتذوق طعمها، فولكر إختار من يحاور ويفاوض ويقصي من يقصي ويغض الطرف عمن يغض، عمله كان خبط عشواء وحلما يراوده أن هذا السراب الذي أمامه هو الماء وسار ولم يجده، تعثر هذا الخواجة عندما إعتمد علي ودلبات الذي ادخل الخازوق في هذه البلاد وأعاد مرة ثانية “المَجَرب الفاشل” وشكلوا ثلاثية تتكون من “التعيس مع خايب الرجاء مع تمومة العدد” وهو من يمثل الايقاد ، هؤلاء الفاشلون لامكان لهم بيننا ولا نعترف بهم وقالها السواد الأعظم من الشعب السوداني فيجب أن يذهبوا بكرامة (البليلة) التي ليست هي (عدسية) ولا (كبكبي) ولا (ذرة) بل هي بليلة من(حصا) .