مصطفى ابوالعزائم يكتب: في أي كتاب يقرأ هؤلاء الأميّون..؟

لو لا أننا نعيش على ذات الأرض، وفي نفس الوطن، ونرى ونسمع ما يرون وما يسمعون، لظننا أن بآذننا وقر، وفي أعيننا غبَش يمنع الرؤية، لذلك نعجب من أقاويل بعض من يزعمون أنهم صحفيّون ومحللّون سياسيّون، وبعضهم يحمل صفة رئيس تحرير، أقول أننا نعجب مما يقولون عندما تتم إستضافتهم في بعض القنوات الفضائية العربية الخارجية، ويزعم بعضهم إنه يقدّم تحليلاً للواقع السّياسي في السودان، في حين أنه لا يقدّم إلّا آراء سياسيّة وعامّة، لا تقوم على منطق، أو لا يملك الناطق بها منظوراً موضوعيّاً، أو معلومات تساعده على تحليل الواقع، وتوقّع النتائج التي تجيئ منطلقة من مقدّمات واضحة لكل متابع حصيف لما يجري على أرض الواقع .

قطعاً ليس كل المستضافين على تلك الشاكلة، وأكثرهم يجتهد في تقديم المعلومة، من منطلق التخصّص والعلم والمعرفة، ولكن لكل قاعدة شواذ، لذلك يجيئ بعض عديمي المعرفة والخبرة ليهرف بما لا يعرف، ولا تاريخ له سوي مقالات التهاتر والتنابذ بالألقاب والإبتزاز ، وذاكرة الصحف حاضرة، وماثلة، ونحسب أنها باقية للتاريخ هذا غير الكتاب المرقوم الذي لا يترك شاردة.لا واردة ، إلّا أحصاها.

يجيئ أحدهم ليهاجم غيره ، ويعمل على تصفية حساباته الشخصية مع آخرين، كأنما شاشات تلك الفضائيات ميادين لتصفية الحسابات .

ترى منتحل صفة المحلل السّياسي، يتحدّث فتحسب أنه صاحب عقل وحكمة وحنكة، وعندما يتحدّث لا تسمع شيئاً، ولا تراه، وأحد هؤلاء ممن دفعت بهم الصدفة إلى مقاعد المقدمة، وهم أصغر منها بكثير، أحد هؤلاء لا بصمة له ولا إسم في عالم الصحافة، وإنما ظلّ دائماً مقطوراً مثل (الترلّة) ، أينما توجّه الرأس توجّهت، وأينما مال مالت .

والمصيبة الأكبر ليس في مثل من أشرنا إليه من قبل، بل في قنوات فضائية توظّف شعار حرية التعبير لصالح الفتنة، ولصالح خدمة أجندة سياسيّة معلومة، فتستقدِم من يزيد النار إشتعالاً، والقائمون بأمرها يوقنون أنهم لا يستطيعون تقديم معشار ما يقدمونه على شاشاتهم حول ما يحدث في رئاسات أو مقار تلك الفضائيات، ويعلمون أنهم يخدمون أجندة خاصة، لا علاقة لها بالحريّات أو حقوق الإنسان .

لماذا تقبل حكوماتنا على مر العهود مثل هذا الهوان، وهذا الإستخفاف الذي يجعلنا في ذيل الأمم ، ونحن نعلم وهم يعلمون أننا غير ذلك.

لماذا تقبل السلطات السّودانيّة هذا الذي يحدث ؟ وهل سأل سائل يوماً إن كان في إمكان الفضائيات والكاميرات التلفزيونية السّودانيّة أن تنتقل إلى سوح أي قطر من الأقطار ، لتنقل بعض ما يجري هناك ؟ هل سيتم السماح لها، مثلما نسمح نحن بفوضى التصوير والبث العشوائي؟.. بالله عليكم كيف تحكمون؟ .. وكيف يمكن أن نسمح لأمّي جاء من مجاهل التاريخ أن يقرأ على العالم وبالصّوت المسموع ما ليس في كتاب أو ورقة أو واقع ؟ أوقفوا هذه الفوضى .. أوقفوها الآن قبل فوات الأوان، وقبل أن تقع الواقعة، فنصبح على ما فعلنا نادمين.
Email : sagraljidyan@gmail.com

السودانالفضائيات العربيةخبراء استراتيجيونصحفيون