بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
اعجبني حديث لخالد عمر يوسف القيادي بحزب المؤتمر السوداني في المحاضرة التي كان قد قدمها في ” مركز دراسات النزاع و العمل الإنساني” بعنوان ” تحديات و فرص الانتقال الديمقراطي في السودان” و تحدث يوسف حول كيفية الخروج من الأزمة السياسية في السودان، و قال ( أن عملية التحول الديمقراطي تحتاج إلي تجميع أكبر قاعدة اجتماعية ذات مصلحة في عملية التحول الديمقراطي، و هي تشمل “قوى الثورة + Plus” و قال أن هذا المسار لا يحتاج لمزايدات، بل يحتاج لفهم للواقع و تنوعه لكي يضع السودان في مساره الصحيح في عملية التحول الديمقراطي) هذا الحديث يشكل رؤية جديدة في خطاب قيادات “قوى الحرية و التغيير المركزي” يفهم من الخطاب الجديد؛ أن المراجعات و التقييم التي قامت بها قوى الحرية و التغيير المركزي بالمشاركة مع صحيفة ” الديمقراطي” قد أتت آكلها؛ حيث بدأ خطابا جديدا يبرز و يحل محل الخطاب القديم للتحالف الذي كان متخندقا حول السلطة، و كان متناقضا مع فكرة التحول الديمقراطي، و كان متوقعا أن عملية المراجعة و التقييم سوف تنتج واقعا جديدا، و يقدم أطروحات جديدة في فكرة التحول الديمقراطي في السودان تتسق مع عملية البناء الديمقراطي و الثقافة الديمقراطية المطلوبة.
أن الخطاب الجديد الذي بدأ يأخذ موقعه في الساحة السياسية السودانية، يحتاج إلي آليات جديد تتسق مع فكرة التحول الديمقراطي. و أعجبني حديث خالد لأنه كان صريحا و واضحا في الخطاب، دون محاولة منه أن يرجع الخطاب لأية جهة معينة تعطيه فرصة للتبرير مستقبلا للتراجع عنه، و يبين للمستمع أن هذا الخطاب نتج من خلال التقييم للتجربة السابقة. ذات الخطاب تحدثت به الدكتورة مريم الصادق نائبة رئيس حزب الأمة القومي إلي قناة ” الجزيرة مباشر” و قالت لآبد من توسيع قاعدة المشاركة لكل القوى المؤمنة بعملية التحول الديمقراطي، و كان خطابها السياسي يحتوي على الجديد، و كانت فكرة التحول مقدمة على فكرة السلطة، الأمر الذي جعل العقل يفكر دون قيود تقيده، و لا تجعله ينطلق في رحاب الفكرة بعيدا عن المصالح الضيقة إذا كانت حزبية أو شخصية. و قالت الدكتورة مريم أنهم في حزب الأمة قد التقوا بمجموعة التوافق و حزب المؤتمر الشعبي للتفاهم حول عملية البناء الديمقراطي. لكن الدكتورة مريم كانت ترجع التحرك الجديد إلي مجهودات حزب الأمة حتى لا تدخل نفسها في جدل مع القوى المتحالفة معهم. و الغريب في الأمر؛ أن حزب الأمة خاصة الدكتورة مريم الصادق و بعض القيادات التي تعتقد أنها قد تحررت من التقليدية في حزب الأمة، يعتقدون أن دور حزب الأمة سوف يكون أكثر تأثيرا من خلال تحالف الحزب مع القوى الأخرى. و هذا الاعتقاد سوف يخلق واقعا جديدا بمعطيات تساعد على فتح منابر عديدة للحوار بين المجموعات المختلفة، و هي تمثل صعود أول عتبة في سلم بناء الديمقراطية في السودان. و كان على الدكتورة مريم أن ترجع الخطاب للتحالف و مجهوداته في عملية التقييم و المراجعة لأنها هي التي فتحت منافذ للتصالح مع فكرة عملية التحول الديمقراطيبعيدا عن مغريات السلطة و دوافعها.
في ذات الاتجاه؛ تحدث المهندس عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني في اللقاء الذي كان قد أجراه معه شوقي عبد العظيم، و في قضية توسيع قاعدة المشاركة بهدف تحقيق عملية التحول الديمقراطي. أكد الدقيرعلى تأييدهم عملية تجميع أكبر قاعدة اجتماعية، و أرجع الدقير رؤيته في توسيع قاعدة المشاركة للورشة الدستورية التي كانت قد أقامتها لجنة التسيير لنقابة المحاميين، و كانت قد دعت لها العديد من القوى السياسية للمشاركة في الحوار. و أراد الدقير أن يقول أن فكرة الورشة و المشاركة الواسعة هي التي جاءت بفكرة توسيع قاعدة المشاركة لتجميع أكبر قاعدة مناصرة لعملية التحول الديمقراطي. و كان الأفضل له و لفكرة التحول الديمقراطي أن يرجع المسألة للقناعات الجديدة التي أتخلقت بعد المراجعة و التقييم التي نفذها التحالف. لآن الورشة لا يستبعد أن تكون هي نفسها فكرة قوى الحرية و التغيير المركزي، باعتبار أن العناصر الموجودة في لجنة التسسير أغلبيتهم عناصر مناصرة للتحالف. لكن ارجاع الفكرة للقناعة الجديدة لتحالف المركزي سوف يعطيها الدافع السياسي القوي الذي يساعد على عملية الاستقطاب الجماهيري، و في ذات الوقت يضيق مساحة الخطاب المناهض لعملية التحول الديمقراطي، كما يفضح القوى المناصرة للشمولية.
أن من أهم الإسباب التي تساعد على نجاح عملية التحول الديمقراطي، أن تدخل القوى الديمقراطية في مواجهة فكرية بقوة ضد القوى الحاملة للأفكار الشمولية، و فضح مخططاتهم و أفكارهم، إلي جانب أن تطرح أسئلة متواصلة داخل الساحة السياسية بهدف أن تقود الأسئلة العقل للتفكير بصورة جادة في فكرة التحول الديمقراطي بعيدا عن العواطف، و لابد من معرفة الآدوات التي تساعد على نجاح الفكرة. أن الدخول في حوار فكري هو وحده الذي يهزم حملة الثقافة الشمولية لأنه سوف يحاصر خطابهم، و الحوار الفكري سوف ينتج الثقافة الديمقراطية المطلوبة في الفترة الانتقالية، و فترة التحول الديمقراطي، و أيضا الحوار الفكري المفتوح يحاصر الخطاب العنصري و الجهوي الذي بدأ يبرز، لأنه خطاب دائما يجد بيئته في أجواء الأزمات، و حملة الثقافة العنصرية و الجهوية يخافون من الجدل الفكري لأنه يفضح قدراتهم الثقافية و الفكرية المتواضعة. و الخطاب العنصري تفرزه الصراعات من أجل السلطة، في محاولة أن تضعف خطاب القوى الديمقراطية.
أن الخطاب الجديد الذي بدأ يشكل ملامحه الجديدة في الساحة السياسية قد نتج عن حوار مفتوح في ورشة المراجعة و التقييم، و بالتالي هو ينبئ بصحوة عقل جديد و ليس تكتيكا فرضته رغبات السلطة، ومعلوم لكل باحث عن المعرفة في الفكر السياسي أن ورش وندوات المراجعة والتقييم لابد أن تنتج رؤى جديدة مغايرة للسابقة، الأمر الذي يؤكد أن العملية السياسية رغم التحديات التي تواجهها لكنها تتقدم ولا تتراجع، لأنها تخوض صراعات في محاور متعددة ثقافية وفكرية وجهوية ومناطقية، وتراثية وغيرها من العوامل التي تريد المحافظة وهزيمة كل جديد. ونسأل الله حسن البصيرة.