بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
كان من الطبيعي أن الفئة المهنية التي كانت قد تعرضت لكثير من المضايقات في أداء دورها الوطني والمجتمعي والسياسي والثقافي أن تكون هي الرائدة في طريق الشرعية، أن تبدأ مسيرة الانتخابات النقابية الشرعية في البلاد بعلو صوتها وأصرار أعضائها. أن انتخابات نقابة الصحافيين السودانيين تعد خطوة وطنية سوف يسجلها التاريخ لهذه الفئة المستنيرة من الشعب السوداني. ولا غلو إذا تعتبر هي التي بدأت بنضالها وعلو صوتها في تمزيق رداء الديكتاتورية والشمولية والحديث المباشر من أجل التغيير ومحاربة الفساد وتمكين حكم القانون، فكانت رغم الحصار الذي كان مضروبا عليها والرقابة القبلية التي مارسها النظام السابق، إلا أنها استطاعت أن توسع من دائرة الحرية بصمود أصحاب المهنة واقلامهم المعبأة دائما بقيم الحرية، لذلك ليس غريبا أن تبدأ هذه الفئة فتح طريق الانتخابات الشرعية في البلاد.
أن الخلاف الذي حدث بين الصحافيين الذين كانوا مصرين علي قيام الانتخابات والأخرين المعترضين عليها كلها يجب أن تكون جزءا من الممارسة الديمقراطية، والانتخابات لنقابة الصحافيين في ظل نظام جديد قدم فيه أبناء الوطن تضحيات كبيرة مهرت بدماء شباب يتطلعون لغد أفضل ضرورة باعتبار أن دعاة الانتخاب لنقابة جديدة لديهم رؤى وتصورات تختلف عن التي كانت في النظام السابق، وبالتالي لابد أن ترى النور. أن المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد الآن إذا كان قبل انقلاب 25 أكتوبر أو بعده تحتاج إلي عقول مستنيرة تقدم مصلحة الوطن والمواطن على كل الأجندة الأخرى. بعد تعثر خطوات النخب السياسية، وبالتالي لابد أن تكون هناك فئة تتحدث بلسان شرعي لها القدرة على طرح الأسئلة العصية التي فشلت النخبة السياسية على طرحها.
أن خطوة انتخاب نقابة شرعية في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، تؤكد أن عملية التحول الديمقراطي في البلاد سوف تنجح مهما كانت العقبات التي سوف تعترضها، مادام هناك أصرار وإرادة قوية من أجل الوصل للهدف. وكما يقول المثل أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، والصحافيون يبدأون هذه الخطوة رغم التحديات التي واجهتهم وكما يقول عبدالعزيز حسين الصاوي أن الديمقراطية لكي تترسخ في المجتمع تحتاج إلي “استنارة وعقل” وأن الصحافة والإعلام هما أدوات الاستنارة في البلاد وأن العقول المشبعة بالمعرفة والخبرة والخيال الموار وأدوات الإبداع هي التي سوف تحدث التغيير المطلوب في المجتمع.
أن انتخابات نقابة الصحافيين كأول انتخابات يكتسب اصحابها الشرعية من قواعدهم، هي بداية للسمفونية الجديدة التي يجب أن تتبعها كل المهن الأخرى، لكي تكون هي طريق التعليم عبر الممارسة الديمقراطية الناضجة، وهي بداية لأول عمل ينتج ثقافة ديمقراطية حقيقية غير مزيفة. هنيئا لكم أيها الزملاء بهذا الكسب الثقافي الوطني. ونسأل الله لكم التوفيق وحسن البصيرة.