من أنضر مراحل العمر وأجملها رسوخا فى الأذهان لما لها من وقع خاص فى الحياة بمختلف ضروبها وتعرف هذه المرحلة بمرحلة الصبينةوهى مرحلة عمرية تمر بالجنسين البنين والبنات قد تبدأ قبل البلوغ وتستمر لسنوات طويلة يكون فيها الشاب أو الشابة فى عنفوان الشبابوفى أتم الصحة والعافية حيث يبدأ فى تكوين شخصيته المستقلة عن الأبوين والأسرة ليس تمردا عن النظام الإجتماعى السائد فى بلادنالكنه إستغلال يرى من خلاله الحياة بمنظاره الشخصى يعمل لتكوين الهوايات وممارستها مع الأصحاب والأصدقاء الذين ينشأ معهمعلاقات مختلفة فى المدرسة والطريق والحى وميدان الرياضة ودور السينما والأندية المراكز الثقافية.
ولا يخفى علينا أن هذه المرحلة تحتاج إلى رعاية كبيرة من الأسرة ليس تحجيما لدوره فى مثل هذه المرحلة بل سعيا لزيادة مهاراته ومواهبهوحثه على صقلها وتنميتها بطريقة علمية وعملية ليستفيد منها فى مقبل حياته، وعند بلوغهم هذه المرحلة الحساسة من عمرهم لم يجدوا منيوجههم التوجيه الصحيح ويقدم لهم النصح والارشاد الذى يفيدهم فى المستقبل، فخسروا مواهبهم ومهاراتهم التى كانوا يتميزون بها علىأقرانهم وأصدقاؤهم، حتى على المستوى الاكاديمى فشل العديد من هؤلاء فى الحفاظ على تفوقهم الأكاديمي الذى إشتهروا به فى سنيندراستهم فى المراحل المختلفة، فأصبح مكانهم شاغرا تحيط به الذكريات الأليمة التى تملأ النفوس حسرة وندامة على فقدان أجمل الأصدقاءوالزملاء فى مرحلة من المراحل وياله من فقد كبير وخسارة ليس لأسرته وأصدقاؤه وحدهم بل للوطن عامة فالشاب هم ركيزة أساسية للبناءوالتعمير بقوته وحيويته وطاقته التى يمتلكها فهى بلاشك تفيد فى تحقيق التنمية والإنتاج والتطور والإزدهار.
ويمر بحكاية من حلتنا شريط ممتع ورائع من ذكريات الصبا والشباب والأصدقاء يمر كضيف حل بمضيفه ليلا ورحل عنه فى الصباح الباكردون أن يمتعه بالأنس والحكايات الجميلة، فهنا تعود ذكريات عامرة بالصداقة والتعاون والجدية فى فترة عمرية لم يكن فيها هموم ولامسؤوليات فكذريات الخلوة وحفظ القرآن الكريم والشيخ جاء واللوح والدواية التقابة والشرافة وفلان قيم، والمدرسة والمناهج القومية والقويمةوكتابى الأول و(ألف باء تاء ثاء) وأكتب على الأرض وعلى الهواء وحصة الحساب وحل التمرين والدين وحفظ السور والأحاديث والرياضةوالفنون الجميلة والخط العربى ، والتجارة والأسواق والمحاصيل ومرسال الدكان والقروش وقعت منى وشالها الهواء والسكر إدفق على الأرضوإنكسرت قزازة الزيت وملابس العيد الجديدة والجلابية عند الترز، والألعاب اليدوية حاره وشدت، وميادين كرة القدم وفريقى وفريقك وغلبناكموشلنا الكأس، وشقاوة الطفولة وشليل وينو أكلو الدودو وشليل وين راح أكلو التمساح، والأعياد والحلويات والخبائز واللقيمات وخروفالضحية، والزيارات للأهل، والمناسبات السعيدة، العروسات والطهور، وعيادة الطبيب والمستشفى والحقنة والحبوب وجرعة الدواء وراحة وعلاج٤٨ ساعة، والزراعة والنظافة والتيراب والمطر والحصاد، والرعى والسرحة والسربة ومنابت الأعشاب وموارد المياه، والعربات وبأنواعهاوأصواتها وأعطالها وأرقام لوحاتها والعبارة التى تتزين بها، والكثير المثير للفضول والدهشة التى تتملك الأطفال والصبية وحبهم وشغفهمللمعرفة وإكتشاف الجديد وغير المألوف.
وهكذا يعيشون أسعد وأجمل أيام حياتهم بين فصول الدراسة ومتعة قضاء الإجازات المدرسية والرحلات والزيارات الإجتماعية، إلا أن يكتملالنمو البدنى والنفسى والعاطفى، حيث تنتظرهم مسئوليات لاحصر لها وعندها سيعودون لذكرياتهم القديمة والمحفوظة مثل كتاب لم تتمزقصفحاته ليخبرونها بما فعله الزمان بهم فساعتها يغنون من المغنى (يازمن وقف شويه أهدى لى لحظات هنيه) .
“وديل أهلى البقيف وسط الدارة وأقول للدنيا ديل أهلى“.