البرد قارص والاجواء باردة والرياح الشمالية تهب نسماتها فتزيد الطقس برودة وصوت الأشجار يعلو وينخفض كلما هبت عليه الرياح فتهتزأغصانها وتتساقط أوراقها محدثة فوضى فى المكان يكلف من يجاورنها أو تتوسط منزلهم كثيرا من الجهد اليومى لتنظيف المكان ليعود كماكان ، لكن تستمر الرياح وتعود حركتها أكثر قوة ويمتلأ المكان وكأن شيئا لم يكن ، وياله من صبر وقوة تحمل وهبها الله تعالى للمرأة فىبلادنا إن كانت أم أو أخت أو زوجة أو إبنة فتجدها فى فناء منزلها أوخارجه تحمل أدوات النظافة والكنس تتابع أماكن تواجد الأوساخلتجميعها وحملها بعيدا الى أماكن تجميع النفايات المخخصة لها، والنظافة والتنظيم والتجميل والخضرة تجدها عنوانا لكثير من المنازل فىالحضر والريف فالذي نفسه بغير جمال لايرى فى الوجود شيئا جميلا ، وإن جاء فصل الشتاء إستعدت له المرأة وحتى إتجاه صنع الطعامداخل التكل بضم التاء والكاف وسكون اللام وهو المطبخ وحاليا أصبح الأسم المعروف والاكثر تداول، وتغير مكان صنع الطعام يتم بناءا علىحركة الرياح وشدتها خوفا من أن تمتد النار الى أطراف التكل وتشتعل فيه وفى غيره محدثة خسائر فادحه لأهل البيت أو من يجاورنهم فىالسكن والنار تزيدها حركة الرياح إشتعالا ويصعب السيطرة عليها.
وتعود حكاية من حلتنا بذاكرة الشتاء الى أيام الدراسة والطلب والشتاء تشتد رياحه وتحدث صفيرا يتوقف برهة ثم لايلبث أن يعود بقوة أكبروهنا يعرف الجميع بأن اليوم سيشتد البرد ويضغط على الناس فقليل منهم من يغادر منزله الى مزرعته أو عمله فالجميع يخشى عاقبةالخروج فى مثل هذه الاجواء الباردة ، ولكن على تلاميذ المدارس أن يكيفوا أنفسهم على الخروج فى مثل الأجواء الباردة مهما كلفهم ذلكفلاعذر لديهم للغياب أو التأخير عن حضور النظافة والطابور ودخول الفصول، فهذه قواعد يومية فى جميع المدارس وإلا سيكون العقابالبدنى هو مصيرك وهو مصير يخشاه جميع التلاميذ لأن الضرب كان مسموحا به من قبل وزارة التربية والتعليم قبل أن تصدر قرار بمنعهفى المدارس.
ودائما يأتى ولى أمر التلميذ الى المدرسة ويقول للمدير أو الاستاذ ليك الجلد ولينا العظم يعنى بصريح العبارة يا أستاذ أضرب ثم أضرب ثمأضرب وبالجانب الآخر يقول الأساتذه للتلاميذ الضرب ينفعهم والعلم يرفعهم بمعنى أن ضرب التلاميذ يساعدهم فى الفهم والتركيزوإستيعاب المادة أو الدرس المعنى ولاحاجة لمنعه من المدارس والتلاميذ لديهم تصنيفات لمستوى الضرب ويسمونه (الدق) أو (الجلد) عندأساتذتهم تجد بعضا منهم يقول لك أستاذ فلان دقاق أو أستاذه فلانه دقاقة ويعنى أن ضربهم مؤلما وشديدا لذا يتحاشونهم فى العقابخاصة عندما يكون جماعيا ويذهبوا الى أستاذ أو أستاذه لأن ضربه أو ضربها بارد وتتحمله أبدانهم الغضة وخاصة مع برودة الشتاء الذىتجمد الدماء فى العروق وتجعل عقوبة الجلد غير مرحبا بها عند التلاميذ ،وعلى التلاميذ أن يتحركوا فى الصباح من منازلهم قبل وقت كافمن مواعيد الوصول الى مدارسهم فمنهم من يسكن بعيدا فى الاطراف وآخرون يسكنون فى القرى المجاورة لمن لاتسمح ظروفهم الأسريةبالسكن فى الداخليات أو لم يجدوا لهم مكانا فيها لضيقها.
ولكن كل هذه الظروف المتبانية عند جميع التلاميذ والقاسية لبعضهم،إلا أن سمة الإنضابط فى الحضور والإنصراف هى ما تميز الجميعأستاذه وتلاميذ ، يتمنى بعض التلاميذ أن يتغيب أحد الاساتذه عن حصته ناهيك عن الغياب يوما كاملا فتلك أمنية يستحيل تحقيقها إلا فىنطاق ضيق وضيق دى يحتمل كل العام مايغيب أستاذ من المدرسة وهذه مفخرة يحق لنا هنا فى حكاية من حلتنا أن نقدم تحياتنا وتقديرناوشكرنا وإحترامنا لكل أستاذ أوقد شمعة لتضئ لنا الطريق بالعلم ، وعلى التلميذ أن يأتى مبكرا الى مدرسته يسابق زملاؤه حتى يكون أولمن لحضور ليشكل مع زملاؤه حضورا متميزا فى الصباح يتعاونون فى نظافة مدرستهم وفصولهم يحملون أدوات النظافة وهى “صفائح” مصنوعة من الحديد يتم طلاؤها باللون الأحمر ويكتب عليها بخط عربئ جميل باللون الأبيض (النظافة من الإيمان) وهكذا يتعلم الناشئةوتغرس فيهم القيم الإيمانية النبيلة ليشبوا عليها وتنعكس تلك القيم على سلوكياتهم فى الحياة العامة.