بقلم: د. عادل عبد العزيز الفكي
قدّر البنك الدولي في أحدث تقرير أصدره عن الهجرة والتنمية، أن تصل قيمة تحويلات المغتربين حول العالم إلى 794 مليار دولار أمريكيفي العام 2022، ارتفاعًا من 781 مليار دولار أمريكي في عام 2021.
وكشف التقرير أن العام 2022 سيكون عامًا لا يُنسى بالنسبة للهند؛ إذ إنه لأول مرة في التاريخ، تسجل دولة واحدة وهي الهند تلقّيتحويلات مالية سنوية تفوق قيمتها الـ100 مليار دولار؛ مما جعلها تحتل المرتبة الأولى في قائمة أكبر الدول المتلقية للتحويلات المالية منالمغتربين في عام 2022.
يقول الخبير المالي والاقتصادي الدكتور حاتم البنا: إن السبب الجوهري في بلوغ هذا الرقم هو التطور الذي حدث في خصائص العمالةالهندية العاملة بالخارج خلال العقد الأخير.
وأوضح “البنا”، أن العمالة الهندية المهاجرة كانت ترتكز في السابق على المهارات اليدوية التي لا تحتاج إلى مستوى عالٍ من التعليم، والتيتُحقق مردودًا ماليًّا منخفضًا؛ إلا أن تغيرًا طرأ على هيكل العمالة الهندية؛ إذ باتت الدولة الآسيوية قادرة على تصدير كفاءات بشرية أكثرتعلمًا، مثل الأطباء والمهندسين وغيرهم؛ مما يجعلهم قادرين على تحقيق مردود مالي مرتفع.
تعليق: تحويلات المغتربين السودانيين لبلادهم بالطرق الرسمية عن طريق النظام المصرفي لا تتجاوز 100 مليون دولار سنوياً في الوقتالحالي ، فعلى الرغم من تحرير العملة السودانية تحريرا كاملا الا ان التحويلات بالطريق الرسمي لم تقفز إلى الامام، ويعود ذلك بالأساسلثلاثة أسباب: الاول أن التحويلات غير الرسمية أكثر كفاءة وسرعة، حيث يقوم المغترب بتغذية حساب تاجر العملة عن طريق أحد التطبيقاتالمحلية أو العالمية بمبلغ التحويل، ليصل المبلغ للمستفيد في السودان خلال ساعات فقط، أما بتسليمه له نقدا أو وضعه في حسابه الخاصعن طريق أحد التطبيقات أيضاً.
السبب الثاني الذي يحول دون استفادة الاقتصاد السوداني من تحويلات المغتربين السودانيين يعود إلى أن نسبة معتبرة من التحويلاتتذهب لأسر المغتربين في دول أخرى، فخلال الخمس سنوات الأخيرة وبسبب فرض السعودية ضرائب على أسر المغتربين، جاءت متزامنة معتردي الأوضاع الأمنية والمعيشية في السودان بعد سقوط نظام الإنقاذ في السودان، عمد المغتربون لنقل أسرهم لدول أخرى مثل مصروتركيا فأصبح جزء كبير من تحويلات المغتربين السودانيين يذهب لهذه الدول.
السبب الثالث الذي يدفع المغتربين السودانيين لعدم تحويل مدخراتهم للسودان هو عدم وجود مواعين ادخارية أو استثمارية ناجحة ومضمونةفي السودان، أنهم إما يحتفظون بأموالهم في شكل ودائع في بنوك خارج السودان، أو يستثمرونها في مشروعات خارج السودان أيضاً.
الملاحظة الأخيرة الجديرة بأن تجد اهتماما من المخططين للنظام التعليمي في السودان هو الاستفادة من التجربة الهندية في تخريج أطباءومهندسين وغيرهم من ذوي التخصصات الرفيعة بقدرات تتواكب مع سوق العمل الخارجي، لأن هؤلاء يتحصلون على عائدات معتبرة يمكنهمتحويلها للسودان في حالة تحسن الأحوال الأمنية والمعيشية في السودان. والله الموفق.