بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
أقام المنتدى الثقافي للحزب الشيوعي بالمملكة المتحدة و إيرلندا ندوة نقلت إسفيريا لتوسيع دائرة الحوار بعنوان ( تطوربرنامج الحزب الشيوعي السوداني رؤية منهجية) و هي فاعلية من فاعليات التحضير للمؤتمر السابع القادم. و تحدثفيها كل من (الدكتور صدقي كبلو و الدكتور صديق الزيلعي و محمد مهدي عبد الوهاب) و كل أخذ منحى مغاير للأخرفي تناول الرؤية، و الهدف منها هو فتح منافذ للحوار. و هنا أريد أن اسجل صوت شكر للزملاء في المملكة المتحدة وإيرلندا الدعوة للذين أطلقت عليهم الزملاء و هؤلاء هم يمثلون عضوية. و الديمقراطيون و دائما تطلق للذين يجب أن لايكونوا بعيدين عن الحزب. و لكن أيضا هناك زملاء يرسلون الدعوة الآخرين غير التصنيف المطلق. للأٍسف الظرف حالدون حضور الندوة لكن الشكر على إرسالها مسجلة، و اعتقد أن الحوار الفكري و السياسي هو وحده الذي يشكل آليةإنتاج الثقافة الديمقراطية المطلوبة.
بدأ الحديث الدكتور صدقي كبلوا الذي قدم فذلكة تاريخية لتطور البرنامج و الوثائق النضالية منذ (الجبهة المعاديةللاستعمار حتى اليوم) حيث قال كبلو أن الوثيقة النضالية تقدم تفاصيل و رؤوس موضوعات يعتزم الحزب إنجازهاكهدف إستراتيجي للحزب، و قال أن الوثيقة ليس الغرض منها أن تكتب، ثم تضع في رف المكتبات حتى يصل الحزبللسلطة، بل هي وثيقة نضالية ( الثورة الوطنية الديمقراطية) هي تسجل التطور المستمر الذي يحدث داخل البلاد بشكلتاريخي، و لكنها أيضا هي وثيقة متجددة لأنها ترصد حركة النضال اليومي و المتغيرات التي تحدث من خلال و بالتالييحدث تغير عليها وفقا للمتغيرات التي تطرأ في المجتمع و حركة النضال الجماهيري.
تحدث كلبو عن الجبهات الواسعة التي كان قد دعا إلها الحزب بهدف تطوير البرنامج الديمقراطي، و هذه الدعوة هيالتي أدت لتأسيس التجمع الوطني الديمقراطي عقب انقلاب الجبهة الإسلامية، و هذه المسيرة النضالية أشار إليهاالمؤتمر الخامس للحزب و المؤتمر السادس للحزب، و تمثل رصد و تطوير لبرنامج الحزب. و قال أن الشعارات التي تصدرعبر مسيرة الحركة الجماهيرية و تراكم هذه الشعارات تعبر عن قضايا الجماهير و مطالبها. ثم عرج للرأسمالية الوطنيةو دورها في عملية النضال الوطني، و تسأل كيف يتم فرز مواقع الرأسمالية الوطنية من خلال النضال اليومي. و قال لابدمن قرأة الواقع و تحليله باستخدام المنهج الماركسي. و ختم حديثه أن البرنامج الذي يجب أن يتم رفعه للمؤتمر السابعيجب أن خلاصة للنضال اليومي لعمليتي التنظير و التنظيم.
ثم أنتقل الميكرافون إلي الدكتور صديق الزيلعي الذي قال في بداية حديثه أن حديثه سوف يأخذ بعدا جدليا أخر، و قالأن التطور الفكري دائما يحدث من خلال أختلاف الرؤى. ثم بدأ بشرح الرؤية المنهجية و قال عنها ” هي مجموعةالأساليب و الدراسات و التحاليل التي تستخدم في العلوم، لذلك سوف اقدم رؤية مخالفة لكي أضع الجدل و الحوار فيمساره الطبيعي من خلال تقابل المضادات. و قال أن التطور الماركسي كان خاضعا للصراع السياسي و ليس الفكرية لذلكتعددت أشكال الماركسية في المجتمعات الأوروبيةو خاصة الدول التي كانت اشتراكية، لذلك كان لابد أن يحدث تجديدا فيالفكر الماركسي، و تجديد في البرامج لكي تواكب المتغيرات. و أَاف قائلا بعد الانهيار الذي حدث لليسار في أوروبا والاشتراكيين فرض قراءة جديدة للنظرية و أيضا دراسة للواقع و متغيراته.
قال الزيلعي كنا جزءا من الشيوعية العالمية و هذه العلاقة أثرت في فاعلية الحزب ، و خاصة في عملية أطروحاته الفكرية،ثم تسأل أن المؤتمر الرابع للحزب كان يمثل قمم المخرجات الحزبية. لكنه لم يكمل التسأل باعتبار أنه دخل في نقد ( المركزية الديمقراطية) و هي من قضايا الخطوط الحمراء ببعض التساؤلات متناولا قضية الحوار الذي كانت فتحته اللجنةالمركزية حول تعديل أسم الحزب و أن لا تكون الماركسية هي المرجعية الرئيس بل تكون واحدة من المرجعيات التي يرجع لهاالحزب، هو لم يتحدث فيها بشكل مفصل لكن تفهم من سياق الحديث، حيث قال أن المناقشات التي كانت قد جرت، كانتعبارة عن اجتهادات فكرية و ليست تيارات فكرية، و السبب يعود للمركزية الديمقراطية في الحزب.
و تحدث عن شعار الديمقراطية الذي يرفعه الحزب، قال هناك عملية صعود و هبوط لقضية الديمقراطية و خاصةالديمقراطية الليبرالية. و السؤال الذي يطرح على الزيلعي و على قيادات الحزب كيف يتم إقناع الجماهير أن الحزبالشيوعي داعم للعملية الديمقراطية البرلمانية في البلاد، و هو يرفض عملية الانتخاب المباشر داخل مؤسسته، و التعاملوفقا لشروط هذه الديمقراطية، أي أن المركزية الديمقراطية تقيد حركة الحوار و الاجتهادات الفكرية إلا من خلال ما تسمحبه المركزية؟ مثل هذه الديمقراطية المقيدة ألا تمثل أرضية صلبة لنمو الثقافة الشمولية؟ و هي الأسئلة التي لا تجد إجابة. كما النقد المركزية الديمقراطية مسألة غير مفتوحة للزملاء. لذلك عرج الزيلعي إلي للمناشد بأن تفتح منافذ الصراعالفكري وآلياته و توسيع مواعينه، و يصفه الزيلعي بالصراع الفكري الهادف الذي يؤدي إلي تجديد في مجالات الثقافة والبحوث و الدراسات. و في ختام حديثه قال ليس هناك نظرية معاصرة تملك الحقيقة المطلقة باعتبار أنها نسبية.
بدأ محمد المهدي عبد الوهاب حديثه بالشكر لقيادة الحزب، و التي طالبت أن يكون حوار تطوير برنامج الحزب و رؤيتهمفتوح لكل الزملاء و الديمقراطيين، ثم تحدث عن الثقافة الوطنية و الإعلام، و تناول تاريخ تأسيسها، و قال أن الثقافةالقومية المرتبطة بالدين الحقيقي لم تستسلم للثقافة الاستعمارية، و قال هذه الثقافة ظل تحافظ على طابعها القومي، ثمتحدث عن الإعلام و دوره في عملية التحريض و استنهاض الجماهير. و طالب الحزب الشيوعي أن يضع برنامجا ثقافيايراعي بأن هناك مجتمعين في المجتمع تقليدي و مدني، و قال أن الحزب وضع مباديء عام للثقافة و لكنه لم يفصل فيها.
كان المتوقع أن يتحدث محمد المهدي عن قضية الثقافة و الإعلام، باعتبارها أدوات تتحكم فيها السلطة من خلال المؤسساتالتي تسيطر عليها، إلي جانب أن الإعلام لم يكن ذلك الإعلام الذي تستطيع فيه القيادات إخفاء المعلومة، و لكن المعلومةأصبحت متداولة رغم إنها تحتاج لتفحيص و التحقق منها، و هي متداولة، إلي جانب أن المواطنيين أصبحوا جزءا منحركة الحوار العام رغم أنها لا تستند لقاعدة معرفية أو فكرية، فاستمرار الحوار الفكري بشكل ممنهج سوف يخلق وعياجديدا في المجتمع، خاصة أن ثورة ديسمبر 2018م، قد خلقت واقعا جديدا رغم التعقيدات الظاهرة لكنها تعقيدات مرتبطةبقضية التغيير و التحول في المجتمع، و تحتاج إلي قوى سياسية ذات تفكير مفتوح يساعد على نمو هذا الوعي.
حقيقة لا أخفي أن الندوة قد طرحت قضايا فكرية في في غاية الأهمية و أيضا طرحت فيها أسئلة عديدة من قبل المتابعين،و قد لمست العديد من القضايا الجوهرية التي تتعلق بقضية الديمقراطية و تطوير برنامج الحزب، و المطالبة بتوسيعقاعدة الحوار الداخلي لكي يجاوب على كل الأسئلة التي تتعلق بأذهان العضوية، إلي كيفية توسيع المواعينالديمقراطية حتى تساعد على استقطاب تيارات جديدة من أجيال المقاومة. و الختام نشكر الذين أرسلوا الدعوة و أرسلواأيضا تسجيل الندوة. و نسأ الله حسن البصيرة.