وما أجمل الزيارات الاجتماعية التى يشتهر بها أهلنا فى السودان خاصة بين الأهل والأصدقاء والزملاء والجيران والمعارف فهى لاتتوقف حتى فى أحلك الظروف ومايميزها أنها عادات وتقاليد متواصلة ومتوارثة كابرا عن كابر يتعلم الصغار من الكبار فن الزيارات الأسرية ووقتها وأسبابها فمرات تكون عفوية ومرات تكون بأسبابها مناسبات إجتماعية للفرح وأخرى حزينة ولكن يظل باب الزيارة مشرعا فى كل الأوقات وتزداد وتيرته فى العيدين الأضحى والفطر حيث يسافر الناس الى أهلهم لقضاء أجمل الأوقات وسط حفاوة الاسرة الكبيرة والمجتمع الذى عاشوا وسطه لسنوات طويلة لمن تنسيهم عاديات الزمان وظروفه بالتخلى عن الزيارات الإجتماعية المحببة للنفوس ويابخت من زار أهله وجلس وسطهم يحدثهم ويحدثونه بطيبة قلب وحب كبير يتبادلون بينهم التهانى والتبريكات بالعيد السعيد .
وحكاية من حلتنا تطوف على عادات وتقاليد أهلنا فى بلادنا الحبيبة ننقل منها ما يفرح القلب ويسعد النفوس وللزيارات الإجتماعية وقعها الطيب على النفوس خاصة لمن يحصل لهم شرف الزيارة حيث يسعدون بها أيما سعادة وتجد عنهم التقدير والاعتراف بفضل من زارهم وقدم إليهم فى دارهم متحملا عبء الزيارة المادى والبدنى وثالثهما الوقت الذى تستغرقه الزيارة جيئة وذهابا فقد حدثنا رسولنا الكريم عن فضل التزاور بين أفراد المجتمع المسلم فقال: الزيارات في الله سبب لدخول الجنة؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله، ناداه منادٍ: أن طبتَ وطاب ممشاك، وتبوأتَ من الجنة منزلًا)؛ رواه البخاري في الأدب المفرد، والترمذي، وغيرهما، وصححه الألباني، وهى زيارات لها أجرها الذى يجني ثمارها الزائر وإن بعدت المسافات وزادت تكاليفها المادية والبدنية وشقت على الزائر والمزور لما يجده الجانبين من متاعب ومصاعب تجعل الكثيرين ينفرون من الزيارات الإجتماعية ولايطيقون مشقتها الكبيرة .
وعنوان حكاية من حلتنا جاء بعد زيارة إجتماعية لأستاذ عبود عبد الرحيم بصحيفة أخبار اليوم وهو أحد الاصدقاء الذين كتب الله لنا أن نلتقيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى وتوطدت العلاقات بيننا أكثر بالاتصالات الهاتفية والنشر الصحفي لحلقات كثيرة من حكاية من حلتنا وعندما غادرت مكتبه مودعا ميمما الى وجهتى التى أبتغيها فى ذلك اليوم ،
إذا بهاتفى يرن معلنا عن إتصال منه بادرت بالترحيب به، قال لى لو ما مشيت بعيد تعال راجع لأن معى أستاذ عاصم البلال يريد أن يتعرف عليك فعدت إليه مسرعا وقابلته هاشا باشا مرحبا بى أيما ترحيب وتبادلنا أطراف الحديث وتشعب بنا الى الهموم الوطنية ومآلات البلاد وحالها السياسى والإقتصادى، وعندما هممت بالمغادرة مستأذنا إذا به يقول لى زورنا مرة أخرى وكانت نقطة بداية لحكاية من حلتنا وعندها شعرت بأهمية مثل هذه الزيارات وإن جاءت عفوية وغير مخطط لها فعاداتنا السمحة لها قيمتها الإجتماعية فى المجتمع .
وأعود لأقول أن الفن السودانى إهتم بالزيارات الإجتماعية حيث كتب لها العديد من الشعراء ولحنها الملحنين وتغنى لها العديد من المغنين وسكبوا فيها جميل أصواتهم وكان لها وقعها الخاص فى نفوس السامعين وحفظوها ورددوها بأصواتهم فرحا بما تحمله من العبارات التى تدعو الى الفضيلة وسمح الخصال وتشجع على التعاون والتزاور بين أفراد المجتمع فكانت زورنا مرة من أكثر الأغانى التى وجدت حظها من الإستماع والحفظ وساهمت الإذاعة السودانية فى زيع صوتها ونشرها على أوسع نطاق ، ولذا فعلينا أن نتمسك بهذه الزيارات الإجتماعية ونعمل على المحافظة عليها بقدر مانستطيع فهى أكثر مايميز مجتمعنا على كثير من المجتمعات والشعوب الأخرى، ونختم بالقول (زورنا مرة).