بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السيد كمال كرار عن لقاء حزبه برئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
قال “أن اللقاء جاء بناء على دعوة من رئيس الوزراء تتعلق بالمبادرة التي كان قد طرحها للقوى السياسية، وأن الحزب قد نقل له مواقفه الثابتة، وأسباب خروجهم من تحالف “قحت” لأنها انحرفت عن مسارها”.
وفي نهاية حديثه قال كرار “أن دعوة رئيس الوزراء لم تغير موقف حزبه الداعي لإسقاط الحكومة”.
من حديث كرار يستشف أن الحزب الشيوعي قبل دعوة حمدوك بهدف أن يوصل إليه موقفه في عدد من القضايا مجال الخلاف، باعتبار أن مبادرة حمدوك تناولت قضايا سياسية منها إصلاح الحاضنة السياسية.
ومعروف أن الحزب الشيوعي قد خرج من تحالف “قحت” ومبادرة حمدوك تنادي برجوع الحزب للتحالف، والذي كان قد اسماه حمدوك إصلاح قوى الثورة ووحدتها.
لكن معلوم أيضا أن هناك قضايا تتعلق بالسلطة التنفيذية، وهي التي تخص حمدوك، وأخرى تتعلق بالعمل السياسي وهي مجالها مكان أخر.
لأنها مجال أختصاص الحاضنة السياسية، ومعلوم أن الحزب الشيوعي كان قد قدم أيضا مبادرة سياسية وطرحها علي القوى السياسية تتعلق بتصحيح مسار الثورة.
وأصبحت هناك مبادرتان لحل الأزمة السياسية لكنهما تختلفان في بعض التفاصيل، بينما مبادرة حمدوك تنادي بتوسيع قاعدة المشاركة.
أن مبادرة الحزب الشيوعي لا ترغب في هذا التوسيع، حمدوك يطالب بالحوار للوصول إلي نتائج تؤدي إلي التوافق الوطني حتى تنجز سلطة الفترة الانتقالية مهامها.
مبادرة الحزب الشيوعي تريد من كل القوى السياسية أن تقبل بما جاء في مبادرته، رغم أنه يقول مطروحة للحوار.
لكن الحوار المقصود هو أن لا يعدل من مضامين الشروط،وبالتالي لا يمكن الوصول إلي ارضية مشتركة.
أن القبول بشروط حزب واحد أي كان هذا الحزب يعني الرجوع للشمولية بشعارات ديمقراطية مزيفة، فالديمقراطية تؤسس علي التعددية والمشاركة الجماعية.
لذلك أسرع كرار بالقول أن الحزب الشيوعي قد وضح مواقفه، ولن يتنازل عن دعوته لإسقاط الحكومة.
الأمر الذي يؤكد أيضا أن حمدوك لم يقدم تنازلا في الاجتماع للحزب الشيوعي، فقط أرخى آذنيه لسماع رؤية الحزب الشيوعي.
أما قضية التحالف مع الشارع الذي كررها كرار تشكل معضلة حقيقية للزملاء الذين لا يستطيعون الحديث عن رؤيتهم مجردة.
لابد من استلاف لسان الشارع، وهذا قصور في الطرح السياسي غير الموثوق.
لماذا؟ لأن القوى السياسية التي لا تستطيع أن تقدم رؤيتها مجردة غير واثقة لقبولها من قبل الشارع، إلا إذا طرحتها بلسان الشارع، كما هي تجردها من ديمقراطية الحديث.
أن إشكالية الديمقراطية في السودان الكل يريدها كما يعتقد أنها صوابا دون أن يكون للآخرين رؤية فيها.
أن الأحزاب في السودان دائما تلبس ملابس أوسع من مقاسها وهي التي تسبب الفشل.
تبقى المعادلة السياسية بين حمدوك والشيوعي لا تستند للتاريخ السياسي لكليهما، أنما تستند لتوازنات الواقع الحالي.
وإشكالية حمدوك أنه بدأ تسويق مبادرته بالمسار الخطأ لأنه بدأ الحوار مع القوى السياسية التي يضربها الخلاف العميق.
وكان عليه أن يبدأها بالحوار المجتمعي حتى يتعرف الكل إلي أين تميل الأغلبية، وبعد ذلك يعرج للقوى السياسية بعد تجريدها من تمثيل الجماهير.
ويصبح الحديث فقط عن مؤسستها والقوى المنضوية في لوائها. ونسأل الله حسن البصيرة.